زيلينسكي يرفض «هدنة قصيرة»... وواشنطن تقول إن المفاوضات مع روسيا تقررها أوكرانيا

كييف تتوقع الزحف على القرم الشهر المقبل ونهاية الحرب في الربيع

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في كييف (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في كييف (أ.ب)
TT

زيلينسكي يرفض «هدنة قصيرة»... وواشنطن تقول إن المفاوضات مع روسيا تقررها أوكرانيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في كييف (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في كييف (أ.ب)

أعرب نائب وزير الدفاع الأوكراني الجنرال فولوديمير هافريلوف عن تفاؤله بوصول قوات بلاده إلى شبه جزيرة القرم بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل وإمكان إنهاء الحرب داخل أوكرانيا بحلول النصف الأول من العام المقبل، فيما استبعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة فكرة إقرار «هدنة قصيرة» مع روسيا، قائلاً إنها لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور.
وفي مقابلة مع محطة «سكاي نيوز» التلفزيونية البريطانية، قال هافريلوف أمس السبت: «شعوري أن هذه الحرب ستنتهي بحلول نهاية الربيع»، مضيفاً أنه يرى أنه من غير المستبعد أن يزحف الجيش الأوكراني إلى شبه جزيرة القرم بحلول نهاية هذا العام.
وكانت موسكو قد ضمت هذه الجزيرة إلى الاتحاد الفيدرالي الروسي في عام 2014، وفي الوقت نفسه، اعترف هافريلوف بأن من الممكن أن تطول الحرب لبعض الوقت من وجهة نظر عسكرية، مشيراً إلى أن الجيش الأوكراني يحتاج إلى وقت معين حتى يصل إلى الكفاءة الكاملة، فضلاً عن جلب موسكو لقوات جديدة إلى الجبهة، لكنه رأى أن استعادة المزيد من المناطق مجرد مسألة وقت كما أن من الممكن لـ«البجعة السوداء» في روسيا أن تسرع من وتيرة العملية.
يذكر أن المقصود بـ«البجعة السوداء» هو حدث غير متوقع تكون له تأثيرات كبيرة، وهكذا يتكهن هافريلوف بإمكانية نهاية حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظراً للشعور بخيبة الأمل في روسيا حيال مسار الحرب.
وبدوره استبعد الرئيس الأوكراني فكرة إقرار «هدنة قصيرة» مع روسيا، قائلاً في تصريحات بُثت في منتدى هاليفاكس الدولي للأمن إن «روسيا تبحث الآن عن هدنة قصيرة وفترة راحة لاستعادة قوتها. يمكن أن يُنظر إلى هذا على أنه نهاية للحرب، لكن مهلة كهذه لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع». وأضاف: «السلام الحقيقي فعلاً والدائم والصادق لا يمكن تحقيقه إلا عبر التدمير الكامل للعدوان الروسي».
وذكرت وسائل الإعلام الأميركية مؤخراً أن بعض كبار المسؤولين بدأوا في تشجيع أوكرانيا على التفكير في التفاوض، الأمر الذي رفضه زيلينسكي حتى الآن. وخلال قمة مجموعة العشرين الثلاثاء، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن شروط أوكرانيا «غير واقعية» لبدء محادثات لإنهاء الحرب. وتطالب أوكرانيا بانسحاب القوات الروسية من أراضيها فيما أعلنت موسكو ضم أربع مناطق أوكرانية نهاية سبتمبر (أيلول)، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014. وقال أندريه يرماك مدير مكتب الرئيس الأوكراني أمس السبت إن السلام في أوكرانيا سيكون ممكناً «فقط» إذا استعادت الدولة حدودها التي كانت مرسّمة عام 1991، وكتب يرماك عبر تطبيق المراسلات تيليغرام: «سيحل السلام حينما ندمر الجيش الروسي في أوكرانيا ونتوصل إلى ترسيم حدود عام 1991».
وتزداد المفاوضات أهمية في ظل الضربات الروسية الكثيفة التي تستهدف البنية التحتية المدنية في أوكرانيا. وسُئل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي بشأن تصريحات رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي الذي قال مرتين إن هناك فرصة محتملة لبدء محادثات من أجل إيجاد حل سياسي للنزاع. وقال الخميس إن «الروس في وضع سيئ حقاً، لذلك فإنك سترغب في التفاوض عندما تكون في وضع قوي وخصمك في موقف ضعيف».
وقال كيربي للصحافيين: «نتفق جميعاً على أن الحل الدبلوماسي التفاوضي هو أفضل الحلول الممكنة، باستثناء أن يقرر (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) سحب قواته» من أوكرانيا. وأضاف: «قلنا أيضاً إن الأمر متروك للرئيس زيلينسكي ليقول ما إذا كان مستعداً ومتى سيكون (مستعداً) للمفاوضات وما هو الشكل الذي ستتخذه تلك المفاوضات؛ وما من أحد في الولايات المتحدة يستطلع الأمر معه أو يصر أو يدفعه إلى طاولة المفاوضات».
وكان البيت الأبيض قد كرر في وقت سابق الجمعة أن زيلينسكي هو الوحيد الذي يمكنه الموافقة على بدء مفاوضات بين أوكرانيا وروسيا، رافضاً أي فكرة عن وجود ضغوط أميركية على كييف في هذا الاتجاه. وقال رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي مرتين مؤخراً إن انتصارات أوكرانيا في ساحة المعركة قد تفتح نافذة لبدء محادثات من أجل حل سياسي للصراع. غير أنه أشار الأربعاء إلى أنه من غير المرجح، على المدى القصير، أن تتمكن أوكرانيا من طرد روسيا عسكرياً من كل الأراضي التي تحتلها في البلاد، بما فيها شبه جزيرة القرم.
* سوناك
في غضون ذلك، وصل رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك إلى كييف في أول زيارة له منذ توليه منصبه، وفق ما أعلنت كييف السبت. وكتب زيلينسكي على تلغرام: «منذ الأيام الأولى للحرب، كانت أوكرانيا والمملكة المتحدة الحليفين الأقوى»، مرفقاً المنشور بمقطع فيديو للقائه مع سوناك. وأضاف: «خلال اجتماع اليوم، ناقشنا أهم القضايا لكل من بلدينا والأمن العالمي».
وقال سوناك لزيلينسكي في مقطع فيديو نشرته الرئاسة الأوكرانية: «أنا هنا اليوم لأقول إن المملكة المتحدة ستواصل دعمكم. سنقف بجانبكم حتى تحقق أوكرانيا السلام والأمن الذي تحتاج إليه وتستحقه». وأضاف: «شجاعة الشعب الأوكراني مصدر إلهام للعالم».
وأعلن سوناك خلال الزيارة أن بريطانيا ستقدم حزمة دفاع جوي بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني (59.4 مليون دولار)، تشمل أسلحة مضادة للطائرات وتقنيات لمكافحة الطائرات المسيرة المقدمة إلى روسيا من إيران. وقال سوناك في بيان: «نقدم اليوم دفاعات جوية جديدة، تشمل أسلحة مضادة للطائرات ورادارات وعتاداً مضاداً للطائرات المسيرة، وسنكثف الدعم الإنساني لمواجهة الشتاء البارد القاسي المقبل».
وفي سياق متصل نددت روسيا السبت بقرار وارسو «الاستفزازي» بعدما رفضت بولندا السماح لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدخول أراضيها لحضور اجتماع وزاري لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: «قرار بولندا... استفزازي وغير مسبوق»، مضيفة: «لم تكتف وارسو بفقدان مصداقيتها بهذه الطريقة فحسب، بل تسببت أيضاً في ضرر لا يمكن إصلاحه لسلطة المنظمة بأكملها». أعلنت بولندا التي تنظم الاجتماع الوزاري لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا مطلع ديسمبر، رفضها دخول لافروف أراضيها الجمعة. وأوضح مصدر في رئاسة المنظمة لوكالة الصحافة الفرنسية: «نتوقع أن يختار الاتحاد الروسي أعضاء وفده وفقاً للوائح المعمول بها» على ألا «يتضمن الأشخاص الخاضعين لعقوبات الاتحاد الأوروبي نتيجة العدوان الروسي غير القانوني على أوكرانيا، بمن فيهم الوزير لافروف».
وردت الخارجية الروسية بقولها: «نحن مقتنعون بأن جميع السياسيين العقلاء يشاركون الجانب الروسي وجهة نظره بأن مثل هذه الأعمال غير مقبولة». وأضافت: «هذه القرارات المدمرة من جانب البولنديين... تدفع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا نحو الهاوية» متهمة المنظمة بالتحول إلى «أرض» تستخدم «لإجراء تدريبات ضد روسيا». ومن المقرر أن يجتمع 57 وزيراً للخارجية في مدينة لودز الواقعة في وسط بولندا في 1 و2 ديسمبر. وسيترأس الوفد الروسي هناك السفير الروسي لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ألكسندر لوكاشيفيتش، بحسب موسكو. منذ إنشائها في عام 1975 في ذروة الحرب الباردة لتعزيز الحوار بين الشرق والغرب، تتخذ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من فيينا مقراً لها.


مقالات ذات صلة

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

بوصفها «أفضل طالب» في حلف الناتو، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة تحدي زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا خلال إطلاق صاروخ «أتاكمز» الأميركي الصنع نحو مياه البحر الشرقي قبالة كوريا الجنوبية في 5 يوليو 2017 (رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» الأميركية مجدداً وتتوعد بالرد

قالت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، إن أوكرانيا شنت هجوماً على منطقة بيلغورود بـ6 صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع، الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ماريندرا مودي (رويترز)

تقرير: مقتل هندي في حرب أوكرانيا يجدد التوترات بين نيودلهي وموسكو

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على قضية الهنود الذين يقتلون خلال قتالهم مع الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وأضاف: «إذا رفعنا رسومنا الجمركية، فستكون المصالح الأميركية في أوروبا الخاسر الأكبر. والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأميركية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية».

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد حذر بارو قائلاً: «إذا تأثرت مصالحنا، فسوف نرد بإرادة من حديد».

وتابع: «يجب أن يدرك الجميع جيداً أن أوروبا قررت ضمان احترام العدالة في التبادلات التجارية. وإذا وجدنا ممارسات تعسفية أو غير عادلة، فسنرد عليها».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.