عدم الإقبال يؤثر في القطاع العقاري السعودي ويكبده خسائر

توقعات باتساع دائرة الكساد على العقار التجاري

ذكر خبراء عقاريون أن هذا النزول ما هو إلا توافق العديد من العوامل التي ساهمت في فرض الحالة الجديدة للقطاع («الشرق الأوسط»)
ذكر خبراء عقاريون أن هذا النزول ما هو إلا توافق العديد من العوامل التي ساهمت في فرض الحالة الجديدة للقطاع («الشرق الأوسط»)
TT

عدم الإقبال يؤثر في القطاع العقاري السعودي ويكبده خسائر

ذكر خبراء عقاريون أن هذا النزول ما هو إلا توافق العديد من العوامل التي ساهمت في فرض الحالة الجديدة للقطاع («الشرق الأوسط»)
ذكر خبراء عقاريون أن هذا النزول ما هو إلا توافق العديد من العوامل التي ساهمت في فرض الحالة الجديدة للقطاع («الشرق الأوسط»)

لم تكن النتيجة التي أعلنت في المؤشر العقاري مفاجئة للسوق السعودية، التي قدرت انخفاض مبيعات الفلل بنسبة 50 في المائة، صاحبه انخفاض في مبيعات العمارات بنسبة مقاربة وصلت إلى 45 في المائة خلال عام واحد، حيث استبقت «الشرق الأوسط» الأحداث في تقرير سابق لها تحدث عن انخفاض هذا النوع من البنايات بنسب متقاربة، إذ إن أداء السوق خلال الفترة الماضية كان راكدا إلى حد كبير في عمليات البيع والشراء، خصوصا لقطاع الإسكان باعتباره الأبطأ، مقارنة بالنشاط التجاري الذي يحقق نشاطا لا بأس به.
وذكر خبراء عقاريون أن هذا النزول ما هو إلا توافق كثير من العوامل التي ساهمت في فرض الحالة الجديدة للقطاع، فمن قلة السيولة لدى المستثمرين إلى نزول أسعار البترول، مرورا بوعود وزارة الإسكان ورسوم الأراضي، وأهمها تحديد دفعة 30 في المائة عند الرغبة في الشراء بالآجل، تفرقت وتعددت الأسباب إلا أن النتيجة واحدة وهي الانخفاض في عدد الصفقات لتصل إلى مستويات جديدة تعتبر الأكثر نزولا منذ عقود.
قال سلطان اللويحق، رئيس مجلس إدارة شركة عقارية «إن الانخفاض أصبح صفة سائدة في جميع الأفرع العقارية وليس فقط في قطاع الفلل والعمائر، إلا أن المؤشر أبرزها في هذا الجانب، حيث إن الانخفاضات تلامس جميع الأفرع العقارية دون استثناء وبنسب قريبة جدا من الفلل والعمائر.
وأوضح أن الحديث عن الانخفاض يشمل السكنية بالدرجة الأولى باستثناء التجارية التي تقاوم إلى حد كبير وتسجل نسبة جيدة من الحركة، إلا أنها أقل من المطلوب والمفترض، إلا أنها أفضل بمراحل من القطاع السكني، متهما أمورا عدة بتسببها في الانخفاض، أهمها نقص السيولة لدى المشترين وانخفاض أسعار النفط التي تسببت بشكل مباشر في الهدوء الحاصل في السوق، مسميا الفترة التي تمر بها السوق الآن بفترة اليأس التي تعيشها السوق العقارية، فلا المشتري يشتري ولا البائع يبيع.
وأضاف: «هناك هدوء يسود السوق العقارية خصوصا من جهة المستهلك الذي يتوجس خيفة من الشراء رغم انخفاض الأسعار، وهو الوقت الذي يتحرك فيه بعض المستثمرين للاستفادة من الركود الحاصل».
وزاد: «إن القطاع العقاري مقبل على ارتفاع جديد في الأسعار، خصوصا أن الأرض خصبة جدا لاستقبال المستثمرين الأجانب، وهو ما سينعش قطاع الإنشاءات بشكل خاص، وسيضخ مبالغ كبيرة في الاقتصاد المحلي، وهو ما سيعوض نزول أسعار البترول الذي اعتبرها أحد مسببات انخفاض أسعار العقار»، مؤكدا أنها حركة انعكاسية ستمر على السوق لا محالة وستعيد الأسعار إلى التحليق من جديد، خصوصا أن الاقتصاد السعودي يمتلك بنية تحتية قوية ستؤهله مستقبلا لجذب كبرى الشركات الاستثمارية العالمية في قطاع الإنشاءات.
هذا وتفاقم انكماش أداء السوق العقارية المحلية مع مطلع شهر رمضان المبارك، مسجلا تراجعا قياسيا في قيمة صفقاتها خلال الأسبوع الماضي بنسبة وصلت إلى 34.9 في المائة، لتستقر عند أدنى مستوى لها منذ مطلع أبريل (نيسان) الماضي بلغ 5.7 مليار ريال.
يأتي هذا الأداء الأسبوعي امتدادا لحالة الركود المخيم على تعاملات السوق طوال أكثر من تسعة أشهر مضت «بدأ منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014»، تأكدت آثاره الضاغطة على مستويات الأسعار كما أشار إليه مؤشر الاقتصادية العقاري خلال الأسبوع الماضي، حينما كشف عن أحدث بيانات السوق العقارية الصادرة عن وزارة العدل، التي أظهرت تسجيل المتوسطات السنوية لأسعار مختلف الأصول العقارية لانخفاضات لافتة.
وحول أهم أسباب انخفاض مبيعات الفلل والعمائر، قال نواف الطوالة الذي يمتلك شركة عقارية «إن هناك أسبابا كثيرة يرى أن أهمها تحديد نسبة الدفعة الأولى للقرض العقاري والمقدرة بـ30 في المائة وهو ما يراه مرتفعا، نظرا لانعكاس الشرط على مبيعات العقار وتضرر القطاع العقاري بهذا الأمر، وهو ما نراه جليا عبر نتائج المؤشر العقاري، إلا أنه أردف أن هذا الأمر صحي بالدرجة الأولى بالنسبة إلى القطاع العقاري ككل وليس للبائع والمشتري، حيث سيمنع انفلات الأسعار، لكن له انعكاسات سلبية على انخفاض الطلب.
وأوضح أن الأمر لو استمر، فإن الأسعار ستنخفض إلى مستويات أكبر خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن هناك تحركا حقيقيا في الأسعار نحو النزول، إلا أنها لم تكن بالشكل المرضي أو المطلوب، مبينًا أن الأمر يحتاج إلى تنازل في الأرباح من بعض المستثمرين حتى تعود السوق إلى انتعاشتها السابقة.
وأبان الطوالة أن السوق تترنح ما بين ارتفاع الأسعار بنسبة خارج استطاعة المستهلكين أو الطلب وبطء الحلول لدى المستثمرين الذين لم يستطيعوا معرفة توجه السوق وعقلية المشتري الذي يعزف عن جميع الخيارات نتيجة عدم توافر المال أو وجوده بنسب تقل عن الأسعار الحالية للسوق، وبين ارتفاع أسعار مواد البناء، ونقص العمالة ضاع الجميع.
ولفت إلى أن القطاع قد يحقق الكثير من المفاجآت خلال العام الحالي مع مطلع العام المقبل، خصوصا أن فقاعة العقار وصلت لأقصى درجاتها، بحسب تعبيره، وبدأت بالانفجار والانخفاض الحاصل بالسوق ولو إلى مستويات بسيطة هو بداية التصحيح، موضحًا أن هناك عوامل عدة مختلفة في أسبابها ومتحدة في خفض نسبة المبيعات إلى مستويات جديدة يتوقع تطورها مع تفاقم الأزمة وغياب الحلول.
وبالنظر إلى أحدث تطورات السوق العقارية المحلية، التي توشك خلالها السوق على إنهاء النصف الأول من عام 2015 بانخفاض في إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة انخفاض 20.4 في المائة، لتستقر عند 193.6 مليار ريال، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2014 البالغة 243.4 مليار ريال، كما سجلت انخفاضا بنسبة 16.8 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2013 البالغة 232.7 مليار ريال.
وشمل الانخفاض جميع مؤشرات أداء السوق «عدد الصفقات، عدد العقارات، مساحات الصفقات»، حيث انخفض عدد صفقات السوق للفترة بنسبة 15.6 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها لعام 2014، لتستقر عند 148.6 ألف صفقة مقارنة بنحو 176.0 ألف صفقة لعام 2014، ومقارنة بنحو 168.1 ألف صفقة لعام 2013 أي بنسبة انخفاض بلغت 11.6 في المائة، كما انخفضت مبيعات العقارات خلال الفترة نفسها من عام 2015 إلى 159.7 ألف عقار مبيع، أي بنسبة انخفاض بلغت 15.1 في المائة مقارنة بمبيعات الفترة نفسها من عام 2014 التي بلغت 188.1 ألف عقار مبيع، ومقارنة بنحو 184.7 ألف عقار مبيع لعام 2013 أي بنسبة انخفاض بلغت 13.5 في المائة.
من جهته، أبان عامر المشاري، وهو خبير استشاري في كثير من الشركات العقارية، أن المشكلة تكمن في أنه منذ عقود وسوق العقار السعودية يسير دون توجهات أو على دراسات واقعية أو خطط أو حتى خطوات ثابتة في التوزيع لتغطية تنامي الطلب، حيث إنها تسير بحسب ما هو معروف بالعرض والطلب، وهو ما لا تلتزم به السوق، خصوصا في السنوات الأخيرة التي أصبح القطاع فيها يتمتع بعرض كبير دون وجود أي طلب، متوقعا أن يشهد القطاع العقاري هذا العام مزيدا من الغربلة التي قد تغير الأسعار أو حتى نسبة الإقبال إلى أكثر مما هو حاصل، خصوصا أن القطاع الآن يسير نحو المجهول في ظل العزوف الكبير عن الشراء، وما يحدث الآن ما هو إلا ترجمة للعشوائية التي كانت سائدة.
وتابع المشاري قائلا: «إن وعود وزارة الإسكان وإعلانها عن كثير من المشروعات، أسهم بشكل كبير في عرقلة المشروعات التجارية والعزوف عنها، بل إن بعض شركات التطوير أحجمت عن إقامة المشروعات العقارية ذات الطابع التجاري، خوفا من العزوف الذي يضرب القطاع، حيث إن الإسكان تؤكد منذ إنشائها قدرتها على توفير خيارات سكنية ذات أسعار منخفضة، وهو ما تسبب في توقف الطلب أو ندرته على المشروعات العقارية التجارية»، مضيفًا: «إن خيار الشراكة مع الحكومة عبر المشروعات المستقبلية لوزارة الإسكان أصبح الخيار المفضل لكثير من الشركات التي ابتعدت عن القيام بمشروعات تجارية خاصة نتيجة العزوف والتخوف من ضعف الإقبال المحتمل».
وأنهت السوق العقارية المحلية تعاملاتها خلال الأسبوع الماضي على انخفاض قياسي وصلت نسبته إلى 34.9 في المائة، لتستقر قيمة صفقاتها عند أدنى مستوى لها منذ أكثر من شهرين 5.7 مليار ريال، مقارنة بارتفاع قيمة صفقاتها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 25.1 في المائة.
وشمل الانخفاض كلاً من القطاعين السكني والتجاري، حيث تراجعت قيمة صفقات القطاع السكني خلال الأسبوع بنسبة 34.7 في المائة، لتستقر عند نحو 3.7 مليار ريال، مقارنة بارتفاعها للأسبوع الأسبق بنسبة 26.2 في المائة، كما انخفضت قيمة صفقات القطاع التجاري خلال الأسبوع نفسه بنسبة 35.1 في المائة، لتستقر عند أعلى من 2.0 مليار ريال، مقارنة بارتفاعها للأسبوع الأسبق بنسبة 23.3 في المائة.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»