دعوات لقطاع الصناعات والمعدات الكهربائية بالالتزام بمعايير الجودة المرشدة للاستهلاك في السعودية

حملة «شوري عليك» مطلب توعوي يتطلب التفاعل الإيجابي من القطاع الخاص

دعوات لقطاع الصناعات والمعدات الكهربائية بالالتزام بمعايير الجودة المرشدة للاستهلاك في السعودية
TT

دعوات لقطاع الصناعات والمعدات الكهربائية بالالتزام بمعايير الجودة المرشدة للاستهلاك في السعودية

دعوات لقطاع الصناعات والمعدات الكهربائية بالالتزام بمعايير الجودة المرشدة للاستهلاك في السعودية

قطع العالم المتقدم شوطا كبيرا في تطبيقات برامج ترشيد الطاقة وتوظيف إمكانيته التقنية، واستخلاص الخبرات المتراكمة، لاتباع أسلوب صناعة تهدف إلى ترشيد الطاقة، من خلال الالتزام بتطبيقات التقنية العالية وفق معايير ومقاييس الجودة العالية. ويعتقد اقتصاديون أن هذا الأسلوب الصناعي المتبع في برمجة استخدام الأجهزة الكهربائية والإلكترونية لترشيد الطاقة بات أمرا ملحّا، بجانب أنه قيمة أخلاقية عالية، تنبذ الإسراف وتحافظ على حقوق الفرد والدولة في الموارد الاقتصادية المتاحة.
وفي غضون ذلك، يبذل المركز السعودي لكفاءة الطاقة، جهدا مضاعفا لجعل مسألة ترشيد الطاقة ثقافة مشاعة بين أفراد المجتمع، للاحتفاظ باقتصادات الطاقة من خلال ترشيدها، عبر عدد من الوسائل من بينها الحملات التوعوية، وآخرها حملة «شوري عليك» التي مرّت بأكثر من مرحلة، وحققت الكثير من النجاحات والإنجازات.
وقال لـ«الشرق الأوسط» الباحث الاقتصادي صلاح برناوي إن «الحملات التوعوية التثقيفية التي أطلقها المركز السعودي لكفاءة الطاقة، بشأن ترشيد الطاقة، أسلوب جديد في التوعية الاستهلاكية، ولكنه يتطلب تضافر جهود الأطراف المعنية كافة لتحقيق الرسالة التي من أجلها أطلقت هذه الحملات».
وشدد برناوي على ضرورة ابتداع وسائل تنسيقية تعاونية بين مركز كفاءة الطاقة ومراكز البيع والمحلات التجارية والمولات وعموم الأسواق، لتسويق حملة «شوري عليك»، لتذكير المستهلك بها بأهمية هذه الحملة، واتباع ما جاء فيها، وبالتالي تحقيق أمر ترشيد الطاقة. ونادى بالتوسع في العمل التنسيقي لإيصال رسالة حملة «شوري عليك» لكل مستهلك، كعقد ندوات ومؤتمرات وبرامج مستمرة، بالشراكة مع عدد من الجهات الرسمية ذات الصلة، كوزارة المياه والكهرباء، ووزارة البترول والثروة المعدنية ومركز كفاءة الطاقة، فضلا عن القطاعات الاقتصادية التي تشرف بشكل مباشر على القطاع الخاص، كالغرف التجارية والصناعية. من جهته، أكد لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، أن هناك حاجة ماسة لاستمرارية حملة «شوري عليك»، مع ضرورة تطويرها بشكل دوري، لتواكب المستجدات والمتغيرات، في إيصال رسالة الترشيد لدى المستهلك بأقصر طريق.
وأوضح باعشن أن الحملات التي أطلقها المركز السعودي لكفاءة الطاقة بما فيها حملة «شوري عليك»، كانت موفقة ولامست حاجة المستهلك نفسه كونه المعني الأول بالتوعية الاستهلاكية، وإدراك أهميتها الاقتصادية له ولوطنه، بجانب أنها قيمة أخلاقية ودينية تنسجم مع موجهات شهر رمضان الكريم، كونها تذم الإسراف كقيمة منبوذة أخلاقيا واقتصاديا.
وشدد باعشن على ضرورة أن تتجاوز التوعية المستهلك إلى أصحاب الأعمال والقطاع الخاص، خصوصا الناشطين في صناعة وتجارة الأجهزة المستخدمة للطاقة عموما والكهرباء خصوصا، بأن يراعوا الأهمية الاقتصادية لحملة «شوري عليك»، وتطبيقها عمليا، من خلال الالتزام بالتجارة في الأجهزة المستوفية لمعايير الجودة. ودعا باعشن إلى صياغة برامج واتفاقيات بين جمعيات المجتمع المدني ومركز كفاءة الطاقة، تعزز رسالة حملة «شوري عليك»، لإشاعة ثقافة ترشيد الطاقة كأسلوب اقتصادي مطلوب وملح، وتلزم في الوقت نفسه العاملين في تجارة المعدات والأجهزة الكهربائية، لتحجيم الهدر الزائد من الكهرباء.
من ناحيته، شدد الباحث الاقتصادي الدكتور الصادق إدريس، على ضرورة إنجاح حملة «شوري عليك»، لبلوغ الهدف منها كالتزام أخلاقي يهم الجميع، وكقيمة وطنية واقتصادية ودينية، تمس كل أطراف وشرائح المجتمع، تتناغم مع متطلبات شهر رمضان الكريم، كقيمة إيمانية وروحية ودينية تستدعي الترشيد والابتعاد قدر الإمكان عن التبذير والإسراف.
ودعا إدريس المستهلكين إلى عدم الاستهانة بترشيد الطاقة، والنظر إلى إهمال لمبات الإضاءة تشتغل على مدار الساعة، أو اللجوء إلى شراء الأجهزة الرخيصة دون مراعاة لتكلفتها الاقتصادية الباهظة، واستهلاكها الزائد للكهرباء، مشيرا إلى أن المجتمع والمستهلك المتضرر الأول بهدر الطاقة.
ويرى إدريس أهمية المضي قدما في إطلاق المزيد من الحملات التوعية التي تعزز ثقافة ترشيد الطاقة، مؤكدا أن المسؤولية مشتركة بين الجهات المعنية وعموم مؤسسات المجتمع المدني، مشيرا إلى أن القطاع الخاص لا بد له من إسهام يدعم هذا التوجه، سواء من خلال الالتزام ببيع الأجهزة ذات المعايير المطلوبة، أو إبلاغ الجهات المختصة عن أي جهات لا تلتزم بذلك.
وتعتبر حملة «شوري عليك»، خطوة توعوية مهمة تستهدف الأطراف كافة، وبخاصة المستهلك، ليدرك المقصد الاقتصادي والأخلاقي لمعنى ترشيد الطاقة، التي تتبنى فكرتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ممثلة في المركز السعودي لكفاءة الطاقة.
وتستهدف حملة «شوري عليك»، المساهمة في إيصال رسالة لشرائح المجتمع كافة، مفادها ضرورة الوعي بأن هدر الطاقة هدر للاقتصاد، كأسلوب يساعد في إيجاد سبيل لترشيد الطاقة، خصوصًا أن قطاع المباني يستهلك قرابة 80 في المائة من إنتاج السعودية من الكهرباء، منها 70 في المائة تستهلك في التبريد فقط.
ويبذل المركز السعودي لكفاءة الطاقة جهدا مقدرا في سبيل إشاعة ثقافة ترشيد الطاقة، وذلك من خلال عدد من الحملات التي أطلقها بهذا الشأن، ويتطلع لتحقيق هدفه بتخفيض الاستهلاك بنسبة تصل إلى 30 في المائة بحلول 2030، غير أن الأمر يستدعي التعاون معه من قبل مختلف الجهات الخاصة والعامة والمستهلك.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».