العراق يطلق «الإرادة الصلبة» لمطاردة عناصر «داعش»

رئيس مجلس النواب يحذر من عودة الإرهاب

TT

العراق يطلق «الإرادة الصلبة» لمطاردة عناصر «داعش»

في وقت أعلنت فيه قيادة العمليات المشتركة عن إطلاق المرحلة الثامنة من عملية الإرادة الصلبة لمطاردة عناصر تنظيم «داعش»، أعلن جهاز مكافحة الإرهاب عن تمكنه من قتل مسؤول التفخيخ في التنظيم الإرهابي، ضمن ما تُسمى «ولاية الأنبار». وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان لها، أمس (الخميس)، إنه «بتخطيط وإشراف قيادة العمليات المشتركة ومتابعة وإشراف ميداني من قيادة القوات البرية، ووفقاً لمعلومات استخبارية دقيقة، ولإدامة زخم العمليات التعرضية وتكثيف الضربات الموجعة لعصابات (داعش) الإرهابية، انطلقت المرحلة الثامنة من (عملية الإرادة الصلبة)، ضمن قاطع قيادات عمليات نينوى وغرب نينوى والحدود الفاصلة بينهما». وأوضحت الخلية أن «العملية تهدف إلى ملاحقة العناصر الإرهابية والمطلوبين، وكذلك تطهير الأراضي من مخلفات عصابات (داعش)، وتدمير أوكارها». وأضاف بيان الخلية أنه «اشتركت في هذه المرحلة قطعات من الجيش والشرطة والحشد الشعبي، مسنودة بجهد استخباري كبير».
إلى ذلك أعلن جهاز مكافحة الإرهاب عن تمكنه من تصفية مسؤول التفخيخ لـ«ولاية الأنبار» بعملية نوعية في محافظة الأنبار. وقال الجهاز في بيان له إن «فريقاً من الجهاز، وبكمين ناجح، وفق معلومات استخبارية، قتل القيادي بعصابات (داعش) الإرهابيـة المدعو حسين محمد جاسم العيساوي المُكنى (أبو عيسى)، الذي يشغل منصب مسؤول التفخيخ لقاطع الرمادي لما تُسمى (ولاية الأنبار)». وأضاف البيان أن «الإرهابي الهالك حاول تفجير نفسه على شُجعان الجهاز، لكن سرعة ومهارة رجال العمليات الخاصة حالت دون ذلك»، مبيناً أن «العملية نُفذت فجر (أمس الخميس) داخل صحراء الحميرة في قضاء الرمادي».
إلى ذلك، رجح رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي عودة الإرهاب وأجنحته عبر أجندات جديدة. وقال الحلبوسي في كلمة له خلال منتدى السلام والاستقرار في الشرق الأوسط المقام في دهوك بكردستان العراق إنه «ليس من الصواب الميل إلى الراحة في قضية مكافحة الإرهاب؛ فهو يعيد تخندق صفوفه في الوقت الذي نظن أننا قضينا عليه بالكامل، ومن غير المستبعد أن يعود (الإرهاب) بثوب جديد ولون مختلف وآليات ووسائل تفوق التصورات، لذلك على نخبة المؤسسات الأمنية أن تبحث في هذا الأمر جيداً، وتُقدّم دراسة واعية ومقترحات للجهد الاستباقي».
في سياق متصل، أكد العراق أنه بات من الضروري توصيف الجرائم التي ارتكبها تنظيم (داعش) على أنها إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، ورد اعتبار الضحايا وفقاً للمعايير الدولية التي أقرتها معاهدات جنيف الأربع لعام 1949 والمواثيق الدولية الأخرى. وطالب عصام السعدي مساعد مستشار الأمن القومي العراقي لدى مشاركته في الفعالية التي أقامتها الجامعة العربية بمقرها في القاهرة، بمشاركة الأمم المتحدة بشأن محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية من عناصر «داعش» في العراق، بتحديد مسؤولية قادة التنظيم الإرهابي وأفراده في ارتكاب الجرائم، باعتبارها تطوراً في مسار الجرائم الدولية الخطيرة، منوهاً بأن الانتصارات التي حققها العراق على هذا التنظيم الإرهابي جاءت بإرادة وتضحيات الشعب العراقي وأجهزته الأمنية والعسكرية كافة، وتلاحم مكوناته.
وأضاف السعدي أن العراق قام بتنسيق عالٍ مع أجهزة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب بتنفيذ برامج دولية لدعم العراق في إعادة الاستقرار بالمناطق المحررة، منوها بأن العراق أبرم العديد من مذكرات التفاهم مع عدد من الدول في مجال مكافحة الإرهاب. وجـدد مساعد مستشار الأمـن القومي مطالبة العراق للمجتمع الدولي بضرورة زيادة الجهود وفق آليات قانونية لإفشال أي مخطط للإرهاب يرمي إلى زعزعة الأمن والسلم الدوليين، داعياً إلـى تنسيق الجهود الدولية لمراقبة المطارات وتجفيف المنابع الممولة للإرهاب ورصد تحركات الإرهابيين وجنسياتهم وضبط الحدود ومراقبة الأساليب والوسائل التي تستخدمها العصابات وتفكيكها.
وتابع مساعد مستشار الأمن القومي أن العراق ملتزم بالتعاون مع فريق التحقيق الدولي لتسهيل عمله وإنجازه بأقرب وقت ممكن، وهذه الصفحة لن تُطوى إلا بتقديم مرتكبي الجرائم للعدالة.


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.