تضرر العشرات من مخيمات النازحين بعاصفة مطرية شمال غربي سوريا

مأساة النزوح السوري التي لا تنتهي (أ.ف.ب)
مأساة النزوح السوري التي لا تنتهي (أ.ف.ب)
TT

تضرر العشرات من مخيمات النازحين بعاصفة مطرية شمال غربي سوريا

مأساة النزوح السوري التي لا تنتهي (أ.ف.ب)
مأساة النزوح السوري التي لا تنتهي (أ.ف.ب)

أدت عاصفة مطرية مفاجئة إلى غرق وتضرر عشرات المخيمات وانهيار عدد من الأبنية المؤقتة للنازحين في شمال غربي سوريا.
وأمضى النازح مصطفى الحسين (44 عاماً) وأفراد أسرته المقيمون في مخيم الأمل بمحيط مدينة سرمدا شمال إدلب ليلة الأربعاء - الخميس لاجئين عند أحد أقاربهم في مخيم مجاور لهم، بعدما تدفقت كميات كبيرة من مياه الأمطار مصحوبة بالطين إلى داخل خيمتهم، نتيجة عاصفة مطرية غزيرة أغرقت عدداً آخر من الخيام في المخيم ذاته، ودفعت أصحابها إلى الفرار نحو أماكن آمنة.
وقال مصطفى، الذي نزح وعائلته منذ سنوات من بلدته بريف حلب الجنوبي، ولجأ إلى مخيم الأمل، إنه رغم تحصين خيمته بساتر ترابي يعلو جوانبها بنحو نصف متر من التراب والحجارة، مستبقاً فصل الشتاء وأمطاره الغزيرة، بعدما فقد الأمل بالانتقال إلى تجمع سكني مجهز بمجاري صرف صحي وقنوات لتصريف مياه الأمطار، فإنه مع أول عاصفة مطرية انهار كل ذلك واخترقت المياه المتدفقة من الجبال المحيطة خميته ليجد نفسه وزوجته وأطفاله بعدها لاجئين في خيمة لأحد أقربائه.
وأكد أن مأساته ومعاناة أسرته ومئات العائلات النازحة تتكرر كل عام خلال فصل الشتاء بعد غرق الخيام بمياه الأمطار الغزيرة، وتضرر محتوياتها من أواني طبخ وأغطية رغم بساطتها، وخصوصاً في المخيمات العشوائية التي تفتقد للخدمات الصحية، وعدم توفر قنوات لتصريف مياه الأمطار، التي تحول في الوقت ذاته المخيمات إلى مستنقعات.
من جانبها، أعلنت مؤسسة «الدفاع المدني السوري» (الخوذ البيضاء)، أنه «تضرر أكثر من 25 مسكناً مؤقتاً في مخيمي البر والدينز نتيجة مياه الأمطار، وسقوط جدار مسكن مؤقت في مخيم زمزم 2 وتسرب المياه إلى داخل المساكن المؤقتة للمهجرين في مخيمات، زمزم والتكافل والأورينت وفي تجمع مخيمات أطمة ومشهد روحين بريف إدلب الشمالي بعد الهطول المطري مساء الأربعاء»، موضحة أن «فرقها استجابت لنداءات الاستغاثة التي أطلقها النازحون بفتح قنوات لتصريف المياه بعيداً عن المخيمات».
ولفتت أيضاً إلى أن الأمطار الغزيرة أدت لدخول مياه السيول إلى عدة أبنية في مدينة عفرين شمالي حلب وتسببت بتهدم عدد من جدران المنازل فيها، في حين عملت فرق أخرى على رفع سواتر ترابية وفتح قنوات لتصريف مياه الأمطار من الطرقات والساحات المجاورة للمباني والأقبية.
وأوضح مازن الإدلبي، وهو ناشط (معارض) في إدلب، أن «عجلة الخطة الموضوعة من قبل المنظمات الإنسانية والجهات الإدارية لإنشاء التجمعات السكنية البيتونية والمجهزة بقنوات تصريف المياه، لنقل النازحين من المخيمات العشوائية وإيوائهم فيها، بطيئة جداً». وقال: «يوجد أكثر من 730 مخيماً للنازحين تنتشر في مناطق أطمة وسرمدا وكللي وحربنوش شمال إدلب وفي مساحات منخفضة تحيط بها الجبال والمرتفعات، الأمر الذي يزيد من مأساة النازحين عند كل عاصفة مطرية أو ثلجية».
ووثقت منظمة «منسقو استجابة سوريا»، المهتمة برصد الأوضاع الإنسانية للنازحين في شمال غربي سوريا، في بيان لها، أنها «سجلت أضراراً جديدة ضمن 16 مخيماً منتشرة في مناطق إدلب، معظمها ناتج عن دخول المياه إلى الخيام وتجمع المياه في الطرقات وداخل الخيم أيضاً».
ولفتت في بيانها، إلى أنه «بلغت نسبة العجز داخل قطاع المخيمات 72.8 في المائة، الأمر الذي يظهر عدم جدية الأطراف الفاعلة في الملف الإنساني، في إيجاد حلول حقيقية لتحسين الوضع المعيشي للنازحين داخل المخيمات»، داعية جميع المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة إلى «توسيع مشاريع الشتاء وإعطاء الأولوية الأكبر لقطاع المخيمات، والعمل على تلافي فجوات التمويل الكبيرة الموجودة حالياً، وذلك لتأمين الدعم اللازم لأكثر من 1.8 مليون مدني في المخيمات، تضرر منهم بشكل مباشر أكثر من 43 في المائة خلال العام الماضي نتيجة العوامل الجوية».
وينتشر بالقرب من الحدود السورية التركية ومناطق أخرى شمال إدلب، نحو 1435 مخيماً للنازحين من مختلف المناطق السورية، فروا جراء العمليات العسكرية في السنوات الماضية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.