«مونديال 2006»: نطحة زيدان المزلزلة... والطليان «أبطال» رغم الـ«كالتشوبولي»

النسخة الأكثر خشونة في التاريخ... مزاعم شراء ألمانيا الاستضافة... وقصة دي روسي والنعش

نطحة زيدان الشهيرة لماتيراتزي كانت الأشهر في تاريخ كأس العالم (أرشيفية)
نطحة زيدان الشهيرة لماتيراتزي كانت الأشهر في تاريخ كأس العالم (أرشيفية)
TT

«مونديال 2006»: نطحة زيدان المزلزلة... والطليان «أبطال» رغم الـ«كالتشوبولي»

نطحة زيدان الشهيرة لماتيراتزي كانت الأشهر في تاريخ كأس العالم (أرشيفية)
نطحة زيدان الشهيرة لماتيراتزي كانت الأشهر في تاريخ كأس العالم (أرشيفية)

حصد مونديال 2006 نجاحاً باهراً أرادت فيه ألمانيا الانفتاح على العالم، فشهد مفاجأة بتتويج إيطاليا مرة رابعة رغم فضيحة تلاعب بالنتائج هزتها مجدداً، على حساب فرنسا التي دفعت غالياً ثمن نطحة مزلزلة من أفضل لاعب في البطولة زين الدين زيدان.
بعد حصولها على شرف استضافة لطخته مزاعم بشراء الأصوات، بدا أن ألمانيا غارقة في شغف جماعي مذهل استمر طوال فترة المونديال المقام في طقس مشمس وحار.
لم يتخيل الألمان إظهار وطنيتهم دون أي آثار سيئة، فكانوا ودودين ومنفتحين مع غرباء أحبوا بلدهم. ورغم خروجهم من نصف النهائي أمام إيطاليا (0 - 2)، فإن مدربهم الشاب يورغن كلينسمان نال وسام الاستحقاق كأول مدرب يُكرم دون أن يفوز بشيء، فيما حصد مهاجمهم ميروسلاف كلوزه لقب الهداف (5).
كانت جنوب أفريقيا تبحث عن الاستضافة للاحتفال بنهاية نظام الفصل العنصري، لكن ألمانيا تفوقت 12 - 11 بعد امتناع النيوزيلندي تشارلز ديمبسي عن التصويت تحت الضغط في الجولة الثالثة في يوليو (تموز) 2000 ما كان سيتيح لجنوب أفريقيا الاستضافة بسبب أرجحية صوت رئيس الاتحاد الدولي جوزيف بلاتر.

«نصف نهائي أوروبي»
رشح كثيرون البرازيل، ثم الأرجنتين وألمانيا وإنجلترا وهولندا للمنافسة على اللقب.
ضمت البرازيل حاملة اللقب الهجوم الحلم: رونالدو الأثقل بثمانية كيلوغرامات من 2002 والمرتفع رصيده إلى 15 هدفاً في النهائيات، ورونالدينيو وكاكا وأدريانو.
لكن مواجهاتها مع فرنسا أصبحت نقمة. في ربع النهائي، قدم زين الدين زيدان بعمر الرابعة والثلاثين أداءً رائعاً ليفوز الديوك بهدف تييري هنري.
نال «زيزو» الإشادات من الجوهرة بيليه والقيصر بكنباور الذي طالبه بعدم الاعتزال. قال زميله إريك أبيدال: «يمكن القول إن زيدان كان برازيلياً في هذه المباراة».
كانت الأرجنتين تضم الموهبة الصاعدة ليونيل ميسي (19 عاماً)، لكن قطار ألبيسيليستي أوقفه المضيف الألماني بركلات الترجيح في ربع النهائي أيضاً، فبلغت أربعة منتخبات أوروبية نصف النهائي للمرة الأولى منذ 1982.

«معركة نورمبرغ»
شهدت مدينة نورمبرغ معركة طاحنة بين البرتغال وهولندا (1 - 0)، في إعادة لنصف نهائي كأس أوروبا 2004 عندما خرجت البرتغال فائزة أيضاً (2 - 1) بهدف مانيش.
رفع الحكم الروسي فالنتين إيفانوف أربع بطاقات حمراء و16 صفراء، وفي غضون ثلاث دقائق وجه 6 إنذارات، فيما نجا البرتغالي لويس فيغو من حمراء إضافية، قبل أن يودع مع زملائه من نصف النهائي أمام فرنسا زيدان (0 - 1).
كانت النسخة الأكثر خشونة في التاريخ مع 28 بطاقة حمراء. لكن أغرب البطاقات خرجت من جيب الحكم الإنجليزي غراهام بول في مباراة كرواتيا وأستراليا. لم يطرد الكرواتي يوزيب شيمونيتش، المولود في أستراليا، سوى بعد منحه ثلاثة إنذارات!

«خارج دائرة المرشحين»
لم يرشح كثيرون إيطاليا رغم امتلاكها لاعبين من قماشة دل بييرو، توتي، بيرلو، بوفون، كانافارو ونيستا. وما زاد الطين بلة فضيحة كالتشوبولي لترتيب نتائج المباريات التي بدأت بالظهور في مايو (أيار) 2006 وأدت إلى تهبيط يوفنتوس العريق وبطل الدوري إلى الدرجة الثانية. بدأت المقارنات مع 1982 وإنجازات «المنبوذ» باولو روسي.
كما ودعت إيطاليا من دور الـ16 في مونديال 2002 أمام كوريا الجنوبية، وأقصيت وراء السويد والدنمارك من دور المجموعات في يورو 2004.
رغم ذلك، قال مدربها الخبير مارتشيلو ليبي: «بطريقة ما، ساعدت كالتشوبولي المنتخب على أن يصبح أكثر اتحاداً».

«نون تشي كريدو»
كان فابيو غروسو مع بيروجيا في الدرجة الثانية عام 2004، ولم يكن بين سبعة لاعبين بمركز الظهير الأيسر استدعوا إلى المنتخب.
انقلبت حياته في 2006 عندما حصل على ركلة جزاء ترجمها توتي في الوقت القاتل بدور الـ16 ضد أستراليا (1 - 0). سجل في الدقيقة 119 من نصف النهائي ضد ألمانيا (2 - 0) صارخاً «نون تشي كريدو!» (لا أصدق ذلك)، قبل أن يحسم دل بييرو الموقعة.
سيبقى نهائي برلين عالقاً في الأذهان. بعد افتتاح زيدان التسجيل مبكراً من ركلة جزاء باردة الأعصاب على طريقة بانينكا، عوض المدافع ماركو ماتيراتزي خطأه مسجلاً التعادل قبل ثلث ساعة من البداية.

«النطحة»
بعد التمديد، وتحديداً في الدقيقة 110، وجه زيدان نطحة مزلزلة على صدر ماتيراتزي طرحته أرضاً، فعاجله الحكم الأرجنتيني أوراسيو إليسوندو بحمراء مباشرة.
تحدث زيزو عن إهانة ماتيراتزي لوالدته «هناك أمور تحدث في أرض الملعب لكن هذا ليس عذراً. والدتي كانت مريضة. كانت في المستشفى. أكثر من مرة أهان والدتي ولم أرد. هل اعتذر عن هذا؟ كلا».
تابع «لو كان كاكا مثلاً، شاب لطيف، لكنت اعتذرت طبعاً. لكن ليس لهذا الشخص... لم تكن جميلة. أطلب السماح من كل الأطفال الذين شاهدوها».
دافع ماتيراتزي عن نفسه «ما قلته كان غبياً. لكن لم أكن أستحق رد الفعل هذا. والدتي توفيت وأنا بعمر الخامسة عشرة، لم أكن لأهينها أبداً. تحدثت عن شقيقته».
كاد الاتحاد الدولي (فيفا) يجرد زيدان من جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في البطولة، لكنه قرر بعد يومين تسليمه إياها، متقدماً على المدافع الإيطالي فابيو كانافارو الذي قاد خط دفاع استقبل هدفين فقط طوال البطولة: الأول بطريقة عكسية والثاني من ركلة جزاء زيدان.
للمرة الثانية بعد 1994 عندما خسرت إيطاليا أمام البرازيل، حسمت ركلات الترجيح النهائي.
أهدر ديفيد تريزيغيه لفرنسا، وأوكل غروسو تسديد الخامسة الأخيرة لإيطاليا. آخر ركلة ترجيح سددها كانت قبل خمس سنوات عندما كان بالدرجة الرابعة «كنت مذهولاً. لماذا أنا؟». أطلقَ تسديدة رائعة خدعت الحارس فابيان بارتيز: إيطاليا بطلة للعالم مرة رابعة.

«الترجيح بعين بوفون»
يروي جانلويجي بوفون، أفضل حارس في البطولة، متابعته لتسديدات زملائه «لم ألمس الكرة! فقد سجل الفرنسيون في كل مرة باستثناء تريزيغيه الذي أصاب العارضة. في كل مرة كنا نسدد كنت أركز على مشجعيَن فرنسيين وأقول إذا بقيا جالسين، فسوف نكون قد سجلنا. لكن عندما تقدم غروسو فقدتهما. ذُعرت، ثم رصدتهما. بعدها بثانية بقيا جالسين. استدرت ورأيت زملائي يركضون في كل اتجاه. حققنا إنجازاً تاريخياً لم نكن نتخيله».
كان بييترو لومباردي مسؤول المعدات في منتخب إيطاليا ويلقب «سباتسولينو» (فرشاة الأسنان) لأنه كان ينظف أحذية اللاعبين بشكل رائع. عام 2016 توفي عن 92 عاماً. شارك لاعب الوسط دانييلي دي روسي في دفنه في فلورنسا وترك ميداليته الذهبية داخل نعشه!



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».