كرسي مصنوع من البردي يجذب زوار «كوب 27»

يمثل مرحلة جديدة في عالم الأثاث ويهدف إلى حماية الغابات

كرسي البردي في المنطقة الخضراء في «كوب 27» (الشرق الأوسط)
كرسي البردي في المنطقة الخضراء في «كوب 27» (الشرق الأوسط)
TT

كرسي مصنوع من البردي يجذب زوار «كوب 27»

كرسي البردي في المنطقة الخضراء في «كوب 27» (الشرق الأوسط)
كرسي البردي في المنطقة الخضراء في «كوب 27» (الشرق الأوسط)

استحوذ كرسي مصنوع بالكامل من ورق البردي، ويُعدّ الأول من نوعه في تاريخ صناعة الأثاث بالعالم، على اهتمام زوار مؤتمر المناخ «كوب 27» بشرم الشيخ. وأبدوا إعجابهم بمزج الكرسي الذي يحمل اسم «Stool Pylon» بين مفهوم التنمية المستدامة وأحدث التقنيات الفنية، فضلاً عن تفرد تصميمه المستلهم من الحضارة المصرية القديمة.
ويفتح الكرسي الذي يُعرض لأول مرة بعد حصوله على براءة الاختراع، الآفاق أمام صناعة قطع أثاث من خامة جديدة لم تُستخدم من قبل، صديقة للبيئة، وتحد من تقطيع الغابات في العالم، وهي «ألواح رقائقية من ورق البردي» تصلح للقيام بدور الأخشاب، وتم التوصل إليها من قِبل المصممين المصريين هشام العيسوي ومها رجب، اللذين يحتفيان بربط التصميم بالتصنيع.
ويأتي الكرسي الذي سيعرض أيضاً في «أسبوع القاهرة» للتصميم المزمع إقامته بداية من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي؛ تتويجاً لمشوار طويل لهما عملا خلاله، بالتعاون مع فريق من المصممين الشباب، على تقديم تصاميم مصرية الهوية والروح بشكل معاصر وجودة عالمية ليحصدا الكثير من الجوائز الدولية؛ وتستند هذه التصاميم إلى فلسفة تعتمد الـ«monolingual» أو «لغة أحادية في التصميم» بهدف الوصول إلى منتجات تتمتع بتصميم وخامات وصناعة وأيدي عاملة محلية.

وفي السياق ذاته، عمل الشريكان على اختراع خامة جديدة تتمتع بالوظيفية وتراعي العامل الاقتصادي والاستدامة. يقول المصمم هشام العيسوي، رئيس المجلس التصديري لصناعة الحِرف اليدوية المصرية، استشاري وزير الصناعة المصري، لـ«الشرق الأوسط»: «الكرسي نتاج فكرة مُلحة أخذت تراودني منذ سنوات للتوصل إلى تصاميم مبتكرة، مأخوذة عن الحضارة المصرية والتي كانت أول من قدم الأثاث للعالم، وذلك بشرط أن تكون من خامة مصرية أيضاً».
ويضيف «توصلت إلى أن تكون هذه الخامة رقائق لا تعتمد بأي شكل من الأشكال على الأخشاب أو قشرة الخشب المأخوذة من الشجرة، وذلك في ظل تزايد الاحتياج إلى البحث عن بديل لها نتيجة التغيرات المناخية، وكذلك التغيرات الأخيرة في السوق المصرية». لافتاً إلى أن «مصر دولة غير منتجة للأخشاب، وهي تستوردها بما يقدر بملياري دولار سنوياً (الدولار يساوي 24.4 جنيه مصري)، وفي ظل الاختلاف الأخير في سعر العملة أمام أسعار الصرف الخارجية قد يتجاوز هذا الرقم ثلاثة مليارات دولار».
ومن هنا، رأى العيسوي، وهو مدير HEDS Designs أهمية العمل بخامة جديدة على أن تتماشى مع اتجاهات الأثاث والديكور في العالم، مشيراً إلى أن «(الترند) في هذا المجال أصبح يتفق مع الاستلهام من الحضارة المصرية؛ فقام بالتعاون مع شريكته مها رجب بإجراء دراسات واسعة ودقيقة لتحويل ورق البردي الذي استخدمه أجداده كوسيلة لتدوين حضارتهم عليه إلى بديل للخشب في تصنيع الأثاث». وفي سبيل ذلك، توجها إلى ورش مصنع «بينوكيو» في محافظة دمياط المصرية ذات التاريخ الطويل في صناعة الأثاث، ومعهما فريق العمل للتنفيذ، إلى أن رأت الفكرة النور في شكل كرسي يتحمل أوزاناً كبيرة، ولم تستخدم فيه قطعة واحدة من الخشب؛ ما جعله يبهر المصممين العالميين عند عرضه عليهم.
وأطلق العيسوي المُصنف كواحد من أهم 200 مصمم على مستوى العالم على الكرسي اسم «Stool Pylon» أو «كرسي البوابة» في إشارة إلى أنه بوابة تصل ما بين القديم والجديد، وكذلك هو بوابة إلى عوالم جديدة من الأثاث والديكور التي تعتمد ورق البردي؛ إذ يجري أبحاثاً وتجارب على هذه الخامة الآن للتوسع في استخدامها في قطع أثاث أخرى منه، فضلاً عن التجاليد والأرضيات، خاصة أن ورق البردي متوفر بكثرة في مصر، بحسب العيسوي، الذي قال «تتم زراعة نبات البردي على مساحات واسعة في محافظة الشرقية منذ سنوات لأغراض سياحية، ومن الممكن زراعة المزيد منه».
ويتكون الكرسي من لوح أو Layer يتخذ شكل حرف «U» مقلوب ويوجد أسفله لوح آخر يتخذ كذلك حرف «U» مقلوب لكن أصغر من الطبقة الأولى، بهدف تحمل الوزن الثقيل وعدم إصابته بأي تصدع أو كسر عند الجلوس عليه، كما أن هذا اللوح الأخير يُعد بمثابة رف يوضع عليه أوراق أو صحف وغير ذلك؛ ما يحقق وظيفية التصميم.

والمدهش، أنه رغم تمتعه باللمسات العصرية، فإن الكرسي اعتمد التقنيات المصرية القديمة في النجارة، فعند التدقيق في شكله، نكتشف استخدامه طريقة «تجميع الخامة» التي كان المصريون القدماء يستخدمونها في تصنيع الأثاث، أو ما يُطلق عليه في مصر «عاشق ومعشوق» من دون استخدام أي نوع من المسامير للتثبيت؛ باعتبار أنها تضعف المنتج.
إلى هذا، مثلما كانوا يستخدمون الجلد الطبيعي بدلاً من المسامير في ربط أجزاء قطعة الأثاث ببعضها بعضاً؛ فقد استخدم المصمم الحديث الطريقة نفسها في تنفيذ هذا الكرسي؛ حيث تم عمل عدد محدود من الفتحات الصغيرة في الجزء السفلي به، وإدخال الجلد الطبيعي الرفيع والمبلل داخلها متخذا شكل حرف «X» مع استخدام الغراء الذي كان يُستخدم في الحضارة القديمة وهكذا عندما يجف الجلد يصبح شديد الإحكام.
لذلك؛ لا يستمد الكرسي أهميته فقط من التوصل إلى خامة جديدة لم تُستخدم من قبل؛ إنما من طبيعة هذه الخامة التي تم توظيفها بشكل صحيح، ما يعزز في النهاية من فلسفة إبداعية تقوم على أن التصميم ليس مجرد «شكل جميل» إنما هو أن يصبح بين يدي المقتني قطعة وظيفية مُحملة بمفهوم أو معنى أو تراث أصيل مسكون بعبق التاريخ، أو وراءها قصة ذات مغزى، وذلك بالضبط مع تحقق هنا وفق العيسوي «وكأن ورق البردي الذي احتفظ بأسرار الحضارة المصرية على مدى آلاف السنين قد جاء من جديد ليجدد نفسه ويتخذ شكل قطع أثاث تستخدم في حياة الإنسان المعاصر؛ ما يؤكد فكرة التواصل بين الماضي والحاضر».
جاء عرض الكرسي في قمة المناخ «كوب 27» مناسباً تماماً للحدث العالمي؛ حيث تتقاطع فيه ثلاثة محاور، هي «البيئة والاقتصاد والمجتمع»؛ ما يشكل المفهوم الصحيح للاستدامة. ويقول العيسوي «من الناحية البيئية تحول خامة الألواح الرقائقية من البردي، خاصة عند التوسع في استخدامها، دون تقطيع مزيد من الأشجار والمساس بالغابات، إضافة إلى منع الأثر الضار للكربون المنبعث من عمليات شحن وتقطيع الخشب عند استيراده إلى مصر، وكذلك وقف الكم الهائل من الماء المهدر أثناء ذلك، واقتصادياً، فإن استخدام البردي يوفر مليارات من العملة الصعبة، أما مجتمعياً فقد تم إنتاج الكرسي في مصر بمادة تمت زراعتها وتصنيعها بأيدٍ محلية؛ وهو ما يمثل أقصى درجات الاستدامة، وسيكون بداية لفكر جديد في هذا المجال».



الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.