قضاة مغاربة يحتجون للمطالبة باستقلالية السلطة القضائية

رئيس نادي القضاة لـ«الشرق الأوسط»: فصل النيابة العامة عن سلطة وزير العدل غير كاف

قضاة مغاربة يحتجون للمطالبة باستقلالية السلطة القضائية
TT

قضاة مغاربة يحتجون للمطالبة باستقلالية السلطة القضائية

قضاة مغاربة يحتجون للمطالبة باستقلالية السلطة القضائية

نظم نادي قضاة المغرب، أمس، وقفة احتجاج أمام مقر محكمة النقض في الرباط للمطالبة باستقلالية السلطة القضائية، وذلك بالتزامن مع عرض القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي أعدته الحكومة، وعرضته على مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، حيث من المقرر التصويت عليه الأسبوع المقبل.
وكان الائتلاف المغربي للجمعيات المهنية القضائية، الذي يضم أربع هيئات قضائية، هي الودادية الحسنية للقضاة، ونادي قضاة المغرب، والجمعية المغربية للنساء القاضيات، والجمعية المغربية للقضاة، قد دعا إلى التظاهر، بيد أن ثلاث جمعيات انسحبت وقررت إرجاء تظاهرها إلى حين عقد اجتماع موسع مطلع الأسبوع المقبل لتدارس ما عدته «بعض المستجدات في أبعادها المختلفة، واتخاذ على ضوء ذلك القرارات والتدابير الضرورية»، فيما تشبث نادي قضاة المغرب بتنظيم الوقف.
وقال عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب لـ«الشرق الأوسط»، إن الدعوة إلى الاحتجاج لها صلة بمشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية التي أعدتها الحكومة والمعروضة حاليا على مجلس النواب، مشيرا إلى أن قضاة النادي واكبوا هذه القوانين منذ طرحها للنقاش، وقبل أن تصبح مشاريع قوانين، و«رأينا أنها لا تحقق استقلالية القضاء بالشكل الذي أقره دستور 2011 الذي صوّت عليه المغاربة، والذي جاء بمقتضيات مهمة تكرس استقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية»، مضيفا أنه «عند صياغة مشروع القانونين من قبل الحكومة تبين أنهما لا يوفران هذه الاستقلالية المؤسساتية، أي الاستقلال الإداري والمادي، كما أن هناك نقصًا في الضمانات الممنوحة للقضاة حتى يقوموا بعملهم، وسد المنافذ المتعلقة بالتأثير على القضاة، إلى جانب الضمانات التي حددها الدستور لهم، وهي حماية حقوق وحريات المواطنين وأمنهم القضائي».
وأوضح الشنتوف أن الوقفة تأتي أيضا لإثارة انتباه البرلمان إلى ضرورة إقرار النصوص الضامنة لاستقلال السلطة القضائية في المغرب.
وردا على سؤال بشأن ما تردد عن تراجع نواب الغالبية عن موقفهم المؤيد لإبقاء النيابة العامة تحت سلطة وزارة العدل، واعتزامهم التصويت على تحويلها إلى وصاية الوكيل العام (المدعي العام) لمحكمة النقض، وهو ما نص عليه المشروع الحكومي وأيدته المعارضة، قال الشنتوف إنه لا يعلم إن كان هذا القرار رسميا أم لا، بيد أنه علق على أن ملاحظات نادي القضاة على مشروع القانون لم تكن تتعلق بفصل النيابة العامة عن سلطة وزير العدل فحسب، بل بجملة من المقتضيات التي تمس باستقلال القضاء كمؤسسة، واستقلال القاضي كفرد، مشيرًا إلى أن النادي ضمن ملاحظاته في مذكرة سلمت إلى مختلف الفرق البرلمانية، مشددا على أن «الأمر لا يقتصر على استقلالية النيابة العامة وإن كانت ذا أهمية كبيرة»، من وجهة نظره.
وتعليقًا على انسحاب الجمعيات الأخرى من الوقفة الاحتجاجية، قال الشنتوف: «هذا لا يغير شيئا في موقفنا».
وكان الائتلاف المغربي للجمعيات المهنية القضائية، قد دعا في بيان إلى الاحتجاج ضد ما وصفه «الردة والانتكاسة الدستورية للمشروعين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، من حيث عدم وجود أي مقومات لسلطة قضائية حقيقية وفعلية مستقلة وكاملة لانعدام الاستقلال المؤسساتي والإداري والمالي للسلطة القضائية عن وزارة العدل وتبعية النيابة العامة لها».
وانتقد البيان «ضعف الضمانات الفردية للقضاة، وعلى رأسها إحداث هيئة قضائية إدارية عليا، وهو ما نبهت إليه الجمعيات والمنظمات الحقوقية المغربية والأجنبية».
ولفت الائتلاف، نظر الرأي العام الوطني والدولي إلى أن «المشروعين في صيغتهما الحالية وفي غياب مقاربة تشاركية حقيقية عند وضعهما وعدم التجاوب مع مقترحات الائتلاف، من شأنهما مخالفة روح وجوهر الدستور والمساس بحق المواطن في سلطة قضائية مستقلة وبدور القضاء في حماية الحقوق والحريات وكفالة محاكمة عادلة تكرس دولة الحق والمؤسسات، باعتبار استقلال السلطة القضائية كلا لا يتجزأ».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.