هل تدخل العلاقة بين «الإخوان» وتركيا في «خريف غضب»؟

بعد توقيف عناصر للتنظيم وفشل وساطات للإفراج عنهم

حسام الغمري (تويتر)
حسام الغمري (تويتر)
TT

هل تدخل العلاقة بين «الإخوان» وتركيا في «خريف غضب»؟

حسام الغمري (تويتر)
حسام الغمري (تويتر)

يبدو أن أشهر الخريف الراهن ستحمل الكثير من الأحداث في مجرى العلاقة بين عناصر تنظيم «الإخوان» المصنّف إرهابياً في عدد من الدول، وبين تركيا التي يرى مراقبون وخبراء، أنها «وفّرت ملاذاً آمناً» لتلك العناصر على مدى 8 سنوات؛ إذ بدأت عناصر إخوانية بارزة في توجيه انتقادات حادة لتوقيف عناصر محسوبة على التنظيم، خاصة بعد رفض وساطات من قيادات للإفراج عنهم.
الشقاق الذي اتخذ مساراً علنياً عبر منصات وحسابات إلكترونية لنشطاء «الإخوان»، يأتي وسط أنباء عن اتجاه الحكومة التركية إلى ممارسة مزيد من الضغط على عناصر الجماعة، وترحيل أو تسليم بعض المطلوبين منهم على ذمة قضايا جنائية لدى دول أخرى.
وتداولت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي إفادات لعناصر من تنظيم «الإخوان» تتضمن انتقادات حادة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان. ويأتي ذلك بعدما ألقت السلطات التركية مطلع الشهر الحالي القبض على الإعلامي الداعم لتنظيم «الإخوان»، حسام الغمري، رئيس تحرير قناة «الشرق» سابقاً، وهي من القنوات التي أسسها «الإخوان» في تركيا، ودأبت على التحريض ضد السلطات المصرية.
ونشر الحساب الرسمي للغمري على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أنباء التوقيف، علماً بأنها المرة الثانية التي يتم فيها إلقاء القبض عليه في غضون أيام قليلة. ونشر الحساب تدوينة في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ذكرت، أن «قوة من البوليس التركي» اقتادت الغمري من منزله لنفس مكان الاحتجاز السابق، و«هو الآن رهن الاحتجاز من جديد لدى السلطات التركية».
وتحدثت مصادر مقربة من «جبهة إخوان إسطنبول» عن أن السلطات التركية «رفضت وساطات قام بها قياديون بارزون في التنظيم، وأنها أصرّت على توقيف الغمري وعدد آخر من العناصر الإخوانية، على خلفية عدم التزامهم بوقف دعوتهم للتحريض ضد السلطات المصرية، والدعوة إلى مظاهرات ما سُمي بـ(حراك 11 – 11)، وهي الدعوة التي باءت بالفشل».
وقررت السلطات التركية «ترحيل الغمري إلى سجن أغري، ولم تفصح عن التهم الموجهة إليه»، بحسب ما نقل من يديرون حسابه.
وهذه ليست المرة الأولى التي توقف فيها السلطات التركية إعلاميين أو عناصر محسوبة على «الإخوان»؛ إذ شنّت أجهزة الأمن التركية حملات مداهمة على أماكن إقامة عناصر ومذيعي «الإخوان» في منطقتي شيرين إيفلار وباشاك شهير في إسطنبول، وألقت القبض على العشرات منهم واقتادتهم للتحقيق معهم بعد ثبوت تورطهم في استغلال حساباتهم على مواقع التواصل للدعوة لمظاهرات في مصر.
وأعلنت تركيا في مارس (آذار) من العام الماضي استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر، وترافق ذلك مع تنبيهات لوسائل الإعلام الإخوانية التي تبث من أراضيها بـ«تخفيف النبرة» تجاه القاهرة؛ تمهيداً لتقارب وتطبيع محتمل للعلاقات. وفي الشهر ذاته، حظرت تركيا ظهور الإعلامي والمذيع «الإخواني» هيثم أبو خليل، كما قررت وقف برامج مجموعة من المذيعين المحسوبين على الجماعة، بينهم معتز مطر، ومحمد ناصر، وحمزة زوبع، وهشام عبد الله، قبل أن ينتقل مجموعة منهم للإقامة خارج الأراضي التركية والعمل على مواصلة بث برامجهم.
واعتبر الدكتور خالد عكاشة، عضو «المجلس القومي لمكافحة الإرهاب والتطرف» في مصر، ومدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، أن «الأنباء المتواترة عن توقيف عناصر تنظيمية وإعلامية إخوانية مؤشر على اتجاه متزايد داخل أروقة الدولة التركية لمراجعة علاقتهم مع تنظيم الإخوان، بعدما تحولت تلك العناصر إلى عبء حقيقي على الأتراك، وعرقلت مساعي استعادة العلاقات الطبيعية ليس فقط مع مصر، ولكن مع دول عربية أخرى». وأضاف عكاشة لـ«الشرق الأوسط»، أن الفترة الأخيرة «شهدت العديد من مؤشرات تصاعد التوتر في العلاقة بين السلطات التركية وتنظيم الإخوان»، متوقعاً أن الفترة المقبلة «ربما تشهد تحولات مهمة في مسار العلاقة بينهما؛ ارتباطاً بالرغبة التركية في إقامة علاقات ودية مع دول عربية تضررت من الأداء الإعلامي الإخواني، واستضافة تركيا عناصر التنظيم».
ولفت عكاشة إلى أن المتابعة الدقيقة لحسابات وصفحات قيادات وعناصر «الإخوان» في تركيا «تكشف بوضوح عن أن العلاقة بين الطرفين تسير في اتجاه التوتر. حفلت تلك الصفحات خلال الفترة الأخيرة بحملات الهجوم والابتزاز ضد السلطات التركية، وضد الرئيس التركي نفسه، والتهديد بالانتقام منه، وهو نمط اعتادته العناصر الإخوانية في التعامل مع الأطراف التي لا تتوافق مع مصالحها، حتى لو وصل الاستهداف لمن دعم وساند تلك العناصر في فترة من الفترات».
في المقابل، لا يميل الباحث في شؤون الإسلام السياسي والتنظيمات المتطرفة، ماهر فرغلي، إلى تأويل حملة التوقيفات الأخيرة لعناصر تابعة أو محسوبة على تنظيم «الإخوان» على أنها تحوّل جوهري في مسار العلاقة بين تركيا و«الإخوان»، معتبراً أن تركيا «لا تزال مصرّة على نهجها باستخدام التنظيم كورقة ضغط على دول عربية وغربية على حد سواء». وأضاف فرغلي لـ«الشرق الأوسط»، أن القبض على حسام الغمري «حالة لا يمكن القياس عليها»؛ إذ إن الغمري لا ينتمي تنظيمياً إلى «الإخوان»؛ فهو بالأساس أحد عناصر حزب «الغد» الذي تحالف مع «الإخوان» بعد الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي في 2013، فضلاً عن أن إعادة توقيف الغمري جاءت متزامنة مع الإفراج عن عناصر إعلامية أخرى أبدت التزامها بالضوابط التركية بعدم التحريض على إثارة الفوضى في مصر، والغمري لم يلتزم بتلك الضوابط.
واستبعد فرغلي فرضية تسليم تركيا عناصر إخوانية لمصر خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن هناك عناصر إخوانية أكثر خطورة مثل أشخاص متورطين في تخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر، ومع ذلك منحتهم السلطات التركية الجنسية. ونوه بأن تسليم عناصر إخوانية لمصر أو لأي دولة عربية أخرى من شأنه أن «يضر بالصورة التي يريد الرئيس التركي تكريسها لنفسه»، وسيضر أيضاً بعلاقاته الوطيدة بالتنظيمات الإسلاموية؛ ما يعني عدم ترجيح حصول ذلك في المستقبل المنظور.


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.