«مونديال 1962»: رسالة ديتبورن الوجدانية هزت العالم... وتشيلي تثأر من الطليان في سانتياغو

«التطيّر» يمنح البرازيل اللقب الثاني... تشيكوسلوفاكيا تصنع المفاجأة... وإصابة بيليه

قائد البرازيل خلال تتويج بلاده بكأس العالم 1962 (أرشيفية)
قائد البرازيل خلال تتويج بلاده بكأس العالم 1962 (أرشيفية)
TT

«مونديال 1962»: رسالة ديتبورن الوجدانية هزت العالم... وتشيلي تثأر من الطليان في سانتياغو

قائد البرازيل خلال تتويج بلاده بكأس العالم 1962 (أرشيفية)
قائد البرازيل خلال تتويج بلاده بكأس العالم 1962 (أرشيفية)

لم ينجح زلزالٌ تاريخي بتدمير أحلام تشيلي في استضافة «كأس العالم 1962 لكرة القدم»، بنسخة طغت عليها خشونة عنيفة، وشُحّ تهديفي، وتطيّر برازيلي منحها نجمة ذهبية ثانية، رغم مشاركة الجوهرة بيليه في مباراتين فقط.
«لأننا لا نملك شيئاً، سنقوم بكل شيء»، عرف التشيلي كارلوس ديتبورن كيف يقنع الاتحاد الدولي منذ 1954 بملف بلاده الفقيرة، فتغلّبت على الأرجنتين «الجاهزة للاستضافة» بـ32 صوتاً، مقابل 11، بعد نسختين في أوروبا.
حصل ديتبورن، الذي رأس اتحاد أميركا الجنوبية «كونميبول» على دعم حكومي، وعُيّن رئيساً للجنة المنظمة، بموازاة بناء ملعب يتسع لـ75 ألف متفرّج، لكن ما حصل في 21 مايو (أيار) 1960، قبل سنتين من صافرة البداية، لم يكن قط في الحسبان.
ضرب البلادَ زلزال وصلت قوته إلى 9.5 درجة، هو الأعنف في القرن العشرين، فذهب ضحيته نحو 3 آلاف شخص ومليوني مشرَّد، ودمَّر عدة مدن مضيفة للمونديال؛ مثل كونسيبسيون وتالكا وفالديفيا.

«فيفا يهدد... وديتبورن يموت»
هدّد «فيفا» بسحب التنظيم من تشيلي، لكن ديتبورن المعروف بشخصيته القوية، وجّه نداء وجدانياً «لم نعد نملك شيئاً، لذا نريد استضافة كأس العالم».
هبّت المساعدات، لكن فصلاً جديداً أذهل التشيليين، إذ قبل شهر من بداية البطولة، تُوفي ديتبورن عن 38 عاماً بنوبة قلبية.

 
جانب من إحدى مباريات كأس العالم 1962 (أرشيفية)

«معركة سانتياغو»

الإبقاء على استضافة تشيلي الفقيرة لم يُعجب كثيرين، خصوصاً الطليان، فشنّت صحافتهم حملة لاذعة على الدولة الأميركية الجنوبية «المتخلّفة»، بمقالات أهانت كرامة أبنائها وعِرضهم، مما مهّد لـ«معركة سانتياغو».
بعد 8 دقائق على مواجهتهما في الدور الأول، والتي انتهت بفوز تشيلي بهدفين متأخرين، أمام 66 ألف متفرّج راغبين بالثأر من مهانة الطليان، حصل عراك طُرد على إثره جورجو فيرّيني، فتوقفت المباراة 10 دقائق، ولم يترك الإيطالي الملعب سوى بعد تدخُّل رجال الشرطة.
وفيما كُسر أنف الإيطالي أومبرتو ماسكيو بضربة كوع، نشب عراك جديد قبل الاستراحة بين ليونيل سانشيس والإيطالي ماريو دافيد، انتهى بطرد الأخير؛ لركلة على عنق التشيلي.
لم تقتصر المعارك على تلك المباراة؛ فالظهير الأيمن السوفياتي إدوارد دوبينسكي كُسرت ساقه، خلال مواجهة يوغوسلافيا، وتوفي بعد سنوات قليلة متأثراً بمضاعفات إصابته.

«نسخة برازيلية طبق الأصل»
بمشاركة 16 منتخباً؛ بينهم 10 أوروبيين، انتهت 4 مباريات بالتعادل السلبي في الدور الأول، فتوقّف عداد الأهداف عند 89، مقابل 126 في نسخة 1958، و140 هدفاً في مونديال 1954، حتى البرازيل بدّلت خطتها من 4-2-4 إلى 4-3-3، فيما تبنّت المنتخبات الأوروبية خطة «كاتيناتشو» الدفاعية المطبّقة من قِبل نادي إنتر الإيطالي.
عملاً بمبدأ «عدم تغيير الفريق الفائز»، مثّل البرازيل في النهائي ضد تشيكوسلوفاكيا 8 لاعبين ممن خاضوا نهائي 1958 في السويد، لكن التطيّر وصل إلى حد اعتماد الجهاز الفني نفسه تقريباً، اللباس، الطائرة وطاقمها، فلم تستخدم سوى 12 لاعباً طوال البطولة.
وبعد بداية واعدة لنجم النسخة السابقة بيليه، وتسجيله أمام المكسيك، تعرَّض لإصابة قوية بفخذه في المباراة الثانية ضد تشيكوسلوفاكيا أبعدته عن بقية المباريات.

«غارينشا يتحمل المسؤولية»
بإصابة بيليه، أخذ الموهوب غارينشا دوره حاملاً العبء الهجومي، فكان أكثر فاعلية واختراقاً، بالإضافة لتسجيله 4 أهداف؛ بواقع ثنائيتين ضد إنجلترا (3-1) في ربع النهائي، وتشيلي (4-2) في نصف النهائي.

 

بيليه أصيب بعد مباراتين في المونديال (أرشيفية)

قال عنه الإنجليزي جون هاينز: «كيف تُوقف لاعباً لا يمكن إيقافه؟!»، ومواطنه ماورو بعد نصف النهائي: «وقفت الجماهير وراء تشيلي، لكن لحسن الحظ لم يتمكن أحد من إيقاف غارينشا».
طردُ نجم البطولة ضد تشيلي بعد تسجيل الثنائية دفع رئيس وزراء البرازيل تانكريدو نيفيش إلى تقديم التماس للجنة تقييم تابعة لـ«فيفا» سمحت له بخوض النهائي والتتويج.
كان «العصفور الصغير» مع مواطنه فافا أحد 6 لاعبين يسجلون 4 أهداف ويتصدرون ترتيب الهدّافين.

«الصدر الفولاذي»
لكن غارينشا كان أقلّ لمعاناً في النهائي ضد تشيكوسلوفاكيا، فاتحاً باب التسجيل لأماريلدو بديل بيليه، فانتهى النهائي على سفوح جبال الأنديس برازيلياً 3-1.
حاول بيليه اللعب، لكنه شعر بوجع رهيب في التمارين. ذهب للشاب أماريلدو، وقال له: «الله منحك موقعي... يجب أن تكون على قدر هذه الثقة».
أما فافا، صاحب لقب «الصدر الفولاذي» (بيتو دل آسو) نظراً لصلابته البدنية، فكان الوحيد حتى الآن الذي يسجّل في نهائيين متتاليين، وأحد أربعة لاعبين سجلوا في نهائيين مع مواطنه بيليه (1958 و1970)، والألماني بول برايتنر (1974 و1982)، والفرنسي زين الدين زيدان (1998 و2006).
قال الرئيس البرازيلي جواو غولارت: «لا نملك الأرز ولا الخبز، لكن لدينا بيليه، غارينشا، أماريلدو، واحتفظنا بالكأس. هذا هو الأهم».
أما اللاعب ماريو زاغالو فشرح: «كان فريقنا ناضجاً وخبيراً لدرجة أنه حتى في غياب بيليه لم يكن أحد قادراً على إزعاجنا».
في المقابل، صنعت تشيكوسلوفاكيا المفاجأة ببلوغها النهائي، بفضل صدّات حارسها فيليام شرويف، لكن كان مقدَّراً له أن تتسبّب هفواته بخسارة النهائي المُقام في يوم خريفي لطيف.

«بوشكاش إسباني»
كان المنتخبان قد التقيا في الدور الأول وتعادلا سلباً. في النهائي، تقدّمت تشيكوسلوفاكيا بهدف مبكر لـ«فارس» صاحب الروح الرياضية وأفضل لاعب أوروبي في ذلك العام يوزف ماسوبوست، لكن أماريلدو ردَّ بعد دقيقتين من زاوية صعبة، وفي الشوط الثاني أضاف زيتو وفافا هدفين لتحتفظ البرازيل باللقب.
شهدت نهائيات 1962 مشاركة بعض النجوم مع منتخبات جديدة بعد قيادته المجر إلى نهائي 1954، عاد فيرينتس بوشكاش من بوابة منتخب إسبانيا، ليكون أول أوروبي يدافع عن بلدين في النهائيات، وكان الأرجنتيني ألفريدو دي ستيفانو قريباً من تمثيل إسبانيا أيضاً، لولا أن حرمته الإصابة، كما حمل ألون لا روخا الأوروغوياني خوسيه سانتاماريا.
لكن المربع الأخير شهد وصول تشيلي المُضيفة بعد تخطّيها الاتحاد السوفياتي بطل أوروبا، مع حارسه «العنكبوت الأسود» ليف ياشين 2-1، قبل أن تودّع أمام البرازيل، فيما أقصت يوغوسلافيا ألمانيا الغربية بهدف قبل خسارتها أمام تشيكوسلوفاكيا 1-3.

«كلب غريفز وغارينشا»
ارتبط اسم الإنجليزي جيمي غريفز بواحدة من أشهر الحوادث أمام البرازيل، إذ اقتحم كلب شارد الملعب فتدخّل غارينشا لإيقافه دون أن ينجح، لكن المهاجم الإنجليزي نجح بذلك عن طريق تثبيت الكلب ليقول: «أوقف الحكم المباراة ولم يتمكن أحد من التقاط الكلب... جثوت على ركبتي ويدي، كوني أحبُّ الكلاب واستدعيته. حظيت بتشجيع حارّ من الجماهير والتقطت الكلب، وفيما كنت أحتضنه تبوّل على قميصي».
وتابع: «في تلك الأيام لم يكن لدينا قمصان احتياطية، ففاحت مني رائحة كريهة. على الأقل، بقي مدافعو البرازيل بعيدين عني».
وبينما قرر غارينشا اصطحاب الكلب معه إلى البرازيل مطلقاً عليه لقب «بيكامبيوناتو»؛ نسبة إلى إحراز البرازيل لقبها الثاني توالياً، اشتهر غريفز في بلاد «السامبا» بـ«الرجل الذي التقط كلب غارينشا».



بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.