مونديال سويسرا 1954: دروس كرة القدم تقول: «لا تستبعدوا الألمان أبداً»

الماكينات بدأوا بمعجزة بيرن... ابتكارات داسلر... و«الغربية» تعود لواجهة العالم

جانب من إحدى مباريات ألمانيا (أرشيفية)
جانب من إحدى مباريات ألمانيا (أرشيفية)
TT

مونديال سويسرا 1954: دروس كرة القدم تقول: «لا تستبعدوا الألمان أبداً»

جانب من إحدى مباريات ألمانيا (أرشيفية)
جانب من إحدى مباريات ألمانيا (أرشيفية)

أصبحت ألمانيا الغربية بطلة للعالم في سويسرا عام 1954. منهية سلسلة قياسية من 31 مباراة دون خسارة لسحرة المجر على مدى أربع سنوات، بعد نهائي عُرف بـ«معجزة بيرن»، في تجاوز لصدمة تتويج أوروغواي التي صعقت البرازيل المرشحة على أرضها قبل أربع سنوات.
في ظلال الألب، كانت مفاجأة بحجم الجبال. الألمان العائدون بعد استبعاد قسري وعقابي إثر خسارة النازيين الحرب العالمية الثانية، عوّضوا سقوطاً مدوياً أمام المجر 3 - 8 في الدور الأول بتشكيلة منقوصة، إلى فوز مفاجئ 3 - 2، ليستوعب عالم كرة القدم درساً تاريخياً: لا تستبعدوا الألمان أبداً.
«مبتكر المسامير: صانع أحذية أديداس»
قبل نهائي ملعب «فانكدورف شتاديوم» في برن أمام 60 ألف متفرّج، اكفهرت السماء وهطلت الأمطار، فحان وقت صانع أحذية بافاري اسمه أدي داسلر، تحوّل لاحقاً إلى عملاق دولي في صناعة المستلزمات الرياضية (أديداس). كان قد ابتكر المسامير القابلة للإزالة، ومع اشتداد زخات المطر، طالبه مدرب ألمانيا سيب هيربرغر بوضع المسامير.
كان الشكّ يحوم حول مشاركة نجم المجر صاحب القدم اليسرى القاتلة فيرينتس بوشكاش في النهائي، لإصابة بكاحله أبعدته عن مباراتين، لكن المدرب غوستاف شيبيش غامر ودفع به منذ البداية. لم يخيّب «الجنرال» آمال مدربه، فافتتح التسجيل بعد مرور ست دقائق فقط، قبل أن يضاعف زميله زولتان تسيبور الغلة بعد دقيقتين، مستفيداً من ارتباك دفاعي لـ«دي مانشافت»، فظنّ الجميع أن سيناريو المباراة الأولى سيتكرّر لا محالة.

أحد لاعبي منتخب ألمانيا حاملا الكأس المونديالية

«غضب وصراخ»

الألمان المعلوم عنهم عدم استسلامهم إلا مع صافرة نهاية المباراة، كان لهم رأي آخر، إذ تمكّن ماكس مورلوك من تقليص الفارق في الدقيقة 11 وأضاف هلموت ران، عامل الكهرباء في الأصل الذي استدعي في اللحظات الأخيرة عندما كان يخوض دورة دولية في أوروغواي، الثاني في الدقيقة 18، في شباك الحارس جولا غروشيتش. أربعة أهداف في أقل من ثلث ساعة!
تذكّر المهاجم الألماني أوتمار فالتر «بدوا غاضبين بعد نهاية الشوط الأوّل، بدأوا في الصراخ على بعضهم بعضاً وأصبحت لعبتهم غير منظّمة».
ومع تحوّل الملعب إلى مستنقعات في الشوط الثاني، فعلت مسامير داسلر فعلها. رغم قائم وعارضة للمجر، وجّه ران نفسه الضربة القاضية، قبل ست دقائق من انتهاء الوقت، بتسجيله هدف الفوز وسط ذهول الجميع، لتحرز ألمانيا أول ألقابها العالمية، بعد إلغاء هدف تعادل لبوشكاش بداعي التسلل. ومذّاك الوقت، شهدت صناعة الأحذية الرياضية تطوراً لا حدود له.
بعد الهدف الثالث، صَمَتَ مذيع الراديو الشهير هربرت تسيمرمان ثماني ثوان، قبل أن يستوعب حجم الإنجاز الكبير.

«كرة القدم... أعادت ألمانيا الغربية للواجهة»
قال الجناح الألماني هورست إيكل: «في جميع أنحاء العالم، لم يُعترف بنا سياسياً، اقتصادياً ورياضياً. بعد هذا الانتصار، أصبح لدينا كيان مجدداً... كنا فخورين بالمساهمة في إعادة بناء ألمانيا الغربية».
وفي عام 2010. أشارت دراسة جامعية أن عدداً كبيراً من لاعبي ألمانيا قد تناول حقناً من مادة «ميتامفيتامين»، التي كانت تعطى لجنود الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية، وهي من المواد المنشطة.
«كان جسدي مليئاً بالشظايا»
رفع القائد ولاعب الوسط الهجومي فريتس فالتر، الذي وصفه القيصر فرانتس بكنباور بـ«لاعب القرن في ألمانيا دون أي شك”، كأس جول ريميه الذي سلّمه المنحوتة الذهبية الجميلة. كان فالتر، السجين السابق في طريقه إلى الإعدام في سيبيريا خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن ينقذه خوض مباراة كرة قدم مع الجيش الروسي.
أما رأس الحربة أوتمار، الشقيق الأصغر لفريتس، فكان بين 29 ناجياً عندما تعرّضت سفينته لكمين بالقرب من شيربور. أنقذته سفن الدعم الألمانية، حيث غرق العشرات من زملائه حوله.
تذكّر أوتمار الذي تعافى في بريست حيث هبط الأميركيون في ساحل النورماندي القريب: «كان جسدي مليئاً بالشظايا». عاد في أواخر 1946. بعد عامين في معسكر أسرى الحرب.
«اللاعبون ينشدون: ألمانيا فوق كل شيء»
بعد الفوز، صُدم اللاعبون لسماع النشيد الألماني المحظور «دويتشلاند أوبر أليس - ألمانيا فوق كلّ شيء» من قبل الحشود، فكان التبرير الدبلوماسي أنهم لم يحفظوا بعد النسخة الجديدة. لكن التبريرات انتفت بعد إلقاء رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم بيكو باوفنس كلمة أمام اللاعبين تقشعر لها الأبدان في ميونيخ، قطعتها محطات البث البافارية على الفور.
اعتبر أن هيربيرغر ورجاله «ممثلين للألمانية الكاملة» ونُقل عنه استخدام كلمة «فوهرر برينتسيب» (مبدأ الفوهرر).

«الأغزر تهديفياً ونقل تلفزيوني غير مسبوق»

في العيد الخمسين لـ«فيفا»، أقيمت بطولة كأس العالم في سويسرا مقرّ الاتحاد الدولي.
اختيرت صاحبة الطبيعة الخلابة لاستضافة كأس العالم 1954 لحيادها في الحرب العالمية، وبالتالي فإن اقتصادها لم يتأثر. أقيمت صيفاً بمشاركة 16 منتخباً بينهم 12 من أوروبا، وكانت الأعلى تسجيلاً في التاريخ بمعدل 5.38 هدف. وفوز النمسا على سويسرا 7 - 5 في ربع النهائي، كان ولا يزال الأكثر غزارة تهديفياً في تاريخ المونديال.
تمّ التخلي عن نظام المجموعة في الدور النهائي، فعادت الأدوار الاقصائية بدءاً من ربع النهائي، بعد دور أول لم يشهد مواجهة أول مصنَفَين في كل مجموعة. وكانت أوّل نسخة يتم تصوير معظم مبارياتها عبر التلفزيون.
وكان المنتخب المجري، بقيادة الهدافين بوشكاش وساندور كوتشيش (أفضل مسجل في 1954 مع 11 هدفاً بينها ستة برأسه) والعقل المدبّر ناندور هيديكوتي «الرجل العجوز» (نظراً لشعره الخفيف)، لم يخسر بين 1950 و1954 وهزم إنجلترا العريقة 6 - 3 في قلعة ويمبلي في لندن قبل سنة.

«مونديال الهزائم الثقيلة»

اكتسحت ألمانيا 8 - 3. كوريا الجنوبية 9 - 0 وتركيا 7 - صفر، ثم تغلّبت في ربع النهائي على البرازيل القوية 4 - 2 في مباراة عرفت بمعركة بيرن، نظراً لخشونة استمرت حتى غرف الملابس وشهدت طرد لاعبين برازيليين وآخر مجري، ثم فازت على أوروغواي 4 - 2 في نصف النهائي، فيما تخطت ألمانيا النمسا 6 - 1 في المربع الأخير.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».