مسؤول يمني لـ {الشرق الأوسط}: سلمنا7 مقترحات إلى ولد الشيخ لتنفيذ آلية القرار 2216

تشكيل قوة عسكرية ومراقبة دولية وإعادة المهجّرين على طاولة الأمم المتحدة

المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أثناء مشاركته في مؤتمر صحافي في مؤتمر جنيف الشهر الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أثناء مشاركته في مؤتمر صحافي في مؤتمر جنيف الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

مسؤول يمني لـ {الشرق الأوسط}: سلمنا7 مقترحات إلى ولد الشيخ لتنفيذ آلية القرار 2216

المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أثناء مشاركته في مؤتمر صحافي في مؤتمر جنيف الشهر الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أثناء مشاركته في مؤتمر صحافي في مؤتمر جنيف الشهر الماضي (إ.ب.أ)

علمت «الشرق الأوسط» من مسؤول يمني، أن الحكومة اليمنية الشرعية عرضت سبعة مقترحات آلية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، الذي يحقق السلم ويعيد الاستقرار لليمن، ويرسخ مبدأ الالتزام العالمي بالشرعية الدولية، تضمنت تشكيل قوة عسكرية وأمنية عربية مشتركة تتولى المراقبة على انسحاب الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، من المدن، إضافة إلى عقد مؤتمر اقتصادي بدعم أممي لوضع أسس لخطة شاملة مدعومة من مجلس الأمن لإعادة المهجّرين والنازحين من مدنهم.
وأوضح المسؤول اليمني أن مقترح تنفيذ آلية قرار مجلس الأمن الدولي 2216، المقدم من الحكومة اليمنية، التي سلمها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، خلال لقائه مع إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لليمن، يتضمن إعلان جميع الأطراف لا سيما الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع صالح، الالتزام بقرار مجلس الأمن 2216 الصادر في عام 2015، من دون قيد أو شرط، وكذلك إعلان الميليشيات الحوثية رسميًا قبولها بالتحول للعمل السياسي وحل الميليشيات، وتسليم أسلحة الدولة والكف عن ممارسة مهام السلطة الشرعية وعودة مؤسسات الدولة لممارسة مهامها الدستورية والقانونية، وتمكين الحكومة من العودة إلى أرض الوطن خلال أسبوعين من تاريخ اعتماد هذه الآلية.
وقال المسؤول اليمني: «إن تشكيل قوة عسكرية وأمنية وعربية مشتركة تتولى المراقبة والإشراف على التنفيذ الفعلي لوقف العدوان وانسحاب الميليشيات والتشكيلات المسلحة التابعة للحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وتسليح الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وكذلك استلام مخازن الأسلحة من الميليشيات واتخاذ الإجراءات كافة، الكفيلة بتحقيق الأمن والسلم الأهلي، على أن تجري هذه العمليات خلال فترة زمنية لا تتجاوز شهرين من تاريخ اعتماد هذه الآلية».
وذكر المسؤول اليمني أن تشكيل القوة العسكرية والأمنية العربية المشتركة يأتي لتوليها حفظ الأمن والسكينة العامة في البلاد، قوات الجيش والأمن الخاضعة للقيادة الشرعية ووحدات المقاومة الشعبية في مناطق عملياتها العسكرية، وتأمين الإشراف على الموانئ البحرية والجوية والممرات عبر قوة عربية.
وأشار المسؤول اليمني إلى أن المقترحات لتنفيذ آلية القرار الأممي اشتملت على تشكيل قوة حفظ سلام عربية تتولى مساندة قوات الجيش والأمن اليمنية ودعمها، وتستمر مدة عمل قوة حفظ السلام حتى تتم إعادة تشكيل مؤسستي الجيش والأمن على أسس وطنية طبقًا للمبادئ والأسس المقرة في وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وامتلاكها القدرة على حماية البلاد وبدعم عربي.
ولفت المسؤول اليمني إلى أن المقترحات التي سلمت للمبعوث الأممي تتضمن الامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات ضد الدول المجاورة أو تكديس الأسلحة في أي أراض حدودية لإحدى الدول المجاورة، وكذلك إنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العسكرية، وتسريح جميع الأطفال المدنيين من الأعمال القتالية.
وذكر المسؤول اليمني أن الرؤية الحكومة اليمنية تضمنت أيضا عقد مؤتمر اقتصادي بدعم من الأمم المتحدة، والمانحين لوضع أسس لخطة شاملة مدعومة من مجلس الأمن لإعادة المهجرّين، والنازحين إلى مدنهم وقراهم وإعادة الأعمال، إضافة إلى إعداد خطة عربية لمساندة اليمن في أعمال الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار وبشراكة الحكومة.
وأكدت رؤية الحكومة في تنفيذ آلية المقترحات، العودة إلى استكمال العملية السياسية التي توقفت إثر عملية الانقلاب من المتمردين على الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، فور الانتهاء من إنجاز مهام المرحلة الأولى واستعادة دور وسلطات الدولة، وبسط نفوذها في أنحاء البلاد، وفقًا لمخرجات الحوار الوطني الشامل.
وأشار المسؤول اليمني إلى أن حزمة المقترحات التي رُفعت إلى الأمم المتحدة عبر المبعوث الأممي ولد الشيخ، تضمنت تطبيق أحكام الفقرة الأولى من القرار 2216، من خلال الإفراج بأمان عن اللواء محمود الصبيحي، وزير الدفاع اليمني، وعن جميع السجناء السياسيين والمختطفين والمخفَين قسرًا خلال 24 ساعة من اعتماد هذه الآلية، والوقف الفوري للعدوان وإطلاق النار من قبل الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع صالح، وسحب التشكيلات والميليشيات كافة التابعة لها من المناطق كافة، بما فيها العاصمة ومؤسسات الدولة إلى ما قبل العدوان، وذلك خلال أسبوعين من اعتماد هذه الآلية.
فيما أوضح إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لليمن، خلال مؤتمر صحافي في قصر المؤتمرات بالرياض أول من أمس، أن الحكومة اليمنية قدمت خطة لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2216، وأن المبادرة التي قدمتها الحكومة مقبولة، ولكن هنالك نقاطا تتطلب نقاشات.
وقال ولد الشيخ: «إن قرارات مجلس الأمن تحت البند السابع تطبق بطريقتين، الأولى القوة، والطريقة الثانية المفاوضات، إذ إن القوة هي أن تكون لديك قوة مستعدة لتكون واقعا على الأرض، وهذا لم يحصل، أي ليس هناك دول مستعدة لرصد قوة من أجل فرض تنفيذ القرار 2216»، مشيرًا إلى أن أنجح الطرق هي الطريقة السلمية في الحوار مع الأطراف اليمنية على طاولة واحدة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.