الإعلان الروسي يثير تساؤلات حول حقيقة الوضع في خيرسون

رئيس أركان الجيوش الأميركية: لا غالب في الحرب الأوكرانية ويجب اغتنام «فرصة للتفاوض»

قوات أوكرانية قريبة من خطوط الجبهة في خيرسون (رويترز)
قوات أوكرانية قريبة من خطوط الجبهة في خيرسون (رويترز)
TT

الإعلان الروسي يثير تساؤلات حول حقيقة الوضع في خيرسون

قوات أوكرانية قريبة من خطوط الجبهة في خيرسون (رويترز)
قوات أوكرانية قريبة من خطوط الجبهة في خيرسون (رويترز)

قال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، إن المؤشرات الأولية تشير إلى أن روسيا تستكمل انسحابها من خيرسون، فيما اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أن الانسحاب يُظهر أن هناك «بعض المشاكل الحقيقية مع الجيش الروسي». كما استقبل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ إعلان موسكو عن انسحاب قواتها من المدينة الاستراتيجية بحذر. وقال ستولتنبرغ: «لاحظنا الإعلان الروسي بشأن الانسحاب من خيرسون... علينا أن نرى كيف سيتطور الوضع على أرض الواقع في الأيام المقبلة»، مضيفاً أن الحملة العسكرية التي تشنها روسيا في أوكرانيا تعاني، لكن «من الواضح أن روسيا تتعرض لضغوط شديدة، وإذا تركوا خيرسون فسيكون ذلك انتصاراً آخر بالنسبة لأوكرانيا». وأضاف أن الحلف سيدعم أوكرانيا «طالما تطلب الأمر ذلك».
وحذرت كييف، أمس الخميس، من أن الروس الفارين يمكن أن يحولوا خيرسون إلى «مدينة موت»، بعد أن أمرت موسكو بأحد أكبر الانسحابات في الحرب. وقال قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني إن كييف لا يمكنها حتى الآن تأكيد ما إذا كانت روسيا تنسحب بالفعل، لكن القوات الأوكرانية تقدمت سبعة كيلومترات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، واستعادت 12 منطقة سكنية. وكتب في منشور على تيليغرام: «نواصل تنفيذ العملية الهجومية وفقاً لخطتنا».
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن تحرير مدينة خيرسون سيكون نتيجة لجهود أوكرانيا، «وليس هدية من روسيا». جاء ذلك في خطاب زيلينسكي المسائي عبر الفيديو ليل الأربعاء/الخميس، تعقيباً على إعلان موسكو. وتقول أوكرانيا إن عروض التفاوض الروسية هي «ستار دخاني آخر». وذكرت وزارة الخارجية الأوكرانية أنه «بينما تتظاهر روسيا باستعدادها للحوار، تحاول كسب الوقت وتغيير الوضع على الجبهة لصالحها وإطلاق مرحلة جديدة من العدوان».
وعرض التلفزيون الحكومي الأوكراني مقطعاً مصوراً يُظهر مجموعة صغيرة من الجنود الأوكرانيين في وسط قرية سنيهوريفكا على بعد نحو 55 كيلومتراً شمالي مدينة خيرسون. وكان في استقبالهم عشرات السكان في ساحة يرفرف فيها العلم الأوكراني من خلفهم، حسبما جاء في تقرير «رويترز».
وعقب التراجعات الروسية في شمال أوكرانيا وشرقها، يترك الانسحاب لموسكو مكاسب محدودة فحسب في «العملية العسكرية الخاصة» التي تسببت في مقتل عشرات الآلاف من الجنود.
وما زالت القوات الروسية متمسكة بمكاسب أخرى في الجنوب، من بينها طريق بري حيوي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم التي استولت عليها عام 2014، وبمدن في الشرق كادت تمحيها عند الاستيلاء عليها. أما لأوكرانيا، التي تحملت تسعة أشهر من القصف والاحتلال اللذين قتلا آلاف المدنيين فيها، فإن النصر في خيرسون سيعزز من حالة إمكانية هزيمتها لروسيا في ميدان القتال، وربما يُسكت بعض الأصوات الغربية التي تدعوها للتفاوض على اتفاقية للتنازل عن أراض.
وغرد ميك ريان الجنرال الأسترالي المتقاعد على «تويتر» قائلاً: «هذا إثبات لفاعلية الاستراتيجية والنهج العسكريين الأوكرانيين اللذين وضعتهما قيادتها العليا. إنهما ينجحان، والروس يعلمون ذلك».
وأضاف: «الآن ليس أوان إجبار أوكرانيا على التفاوض. ربما ضعف الروس لكنهم لن يتخلوا عن تطلعاتهم لضم أراض. سيكون من اللازم هزيمتهم في ساحة القتال وطردهم من أوكرانيا».
لكن أعلن رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الجنرال الأميركي مارك ميلي، الأربعاء، أن أكثر من مائة ألف جندي روسي قتلوا أو جرحوا منذ بداية غزو أوكرانيا، مشيراً إلى أن الخسائر في صفوف القوات الأوكرانية قد تكون مماثلة. وقال الجنرال ميلي في كلمة في «نادي نيويورك الاقتصادي» إن «أكثر من مائة ألف جندي روسي بالتأكيد قتلوا أو جرحوا». وأضاف أن «الأمر نفسه ينطبق على الجانب الأوكراني على الأرجح». وتقدم تصريحات ميلي أعلى تقدير أميركي لعدد الضحايا حتى الآن في الصراع المستمر منذ نحو تسعة أشهر، وتأتي في الوقت الذي تواجه فيه أوكرانيا وروسيا هدوءاً محتملاً في القتال خلال الشتاء، يقول الخبراء إنه قد يتيح فرصة للجلوس على طاولة المفاوضات. ولدى سؤاله عن آفاق الدبلوماسية في أوكرانيا، أشار ميلي إلى أن الرفض المبكر للتفاوض في الحرب العالمية الأولى فاقم المعاناة الإنسانية، وأدى إلى سقوط ملايين الضحايا. وأضاف ميلي: «لذلك عندما تكون هناك فرصة للتفاوض وعندما يكون تحقيق السلام ممكناً... يجب اغتنام الفرصة».
وعبر المسؤول العسكري الأميركي الكبير عن أمله في إجراء محادثات لإنهاء الحرب؛ لأن النصر العسكري ليس ممكناً لروسيا ولا لأوكرانيا، على حد قوله. وأضاف: «يجب أن يكون هناك اعتراف متبادل بأن النصر العسكري لا يمكن أن يتحقق على الأرجح، وبالمعنى الدقيق، بالوسائل العسكرية، لذلك يجب الالتفات إلى وسائل أخرى». وأكد الجنرال ميلي أن هناك «فرصة للتفاوض».
وقال ميلي إن الصراع حتى الآن حوّل ما بين 15 و30 مليون أوكراني إلى لاجئين، وأودى على الأرجح بحياة 40 ألف مدني أوكراني.
وعلى الرغم من ارتفاع أعداد الضحايا، يقول المسؤولون الأميركيون إن موسكو لم تتمكن من تحقيق أهدافها في أوكرانيا، وأثاروا تساؤلات حول المدة التي ستتمكن فيها روسيا من مواصلة حملة أدت أيضاً إلى القضاء على الكثير من قواتها البرية المزودة بمدرعات واستنزاف مخزونات المدفعية.
وأعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن بريطانيا سوف تستكمل قريباً تسليم قرابة ألف صاروخ أرض - جو أخرى إلى القوات الأوكرانية. وذكر الموقع الإلكتروني للحكومة البريطانية أن تسليم الصواريخ يأتي استجابة لمطالب أوكرانيا بتعزيز قدرات الدفاع الجوي لديها، وسوف تقوم الصواريخ بدور حيوي في توفير الدفاع الجوي لأوكرانيا، وحماية البنى التحتية الأساسية التي تستهدفها روسيا باستمرار. وأضاف أن الإمدادات تتكون من قاذفات وصواريخ قادرة على إسقاط الأهداف الجوية، بما فيها الطائرات الروسية من دون طيار وصواريخ كروز.
وقال وزير الدفاع والاس: «هذا الالتزام بتسليم مئات أخرى من الصواريخ أرض - جو يكمل دعمنا الدفاعي لأوكرانيا ضد العدوان الروسي، وسيساعد أوكرانيا على مواجهة التهديد الناجم عن الاستهداف غير الشرعي للبنى التحتية العامة الحيوية». وجاء الإعلان في الوقت الذي زار فيه وزير الدفاع، أمس، موقعين تدرب فيهما أكثر من 7400 مجند أوكراني على أيدي القوات المسلحة البريطانية إلى جانب ثماني دول شريكة. ويشارك حالياً 1900 مجند أوكراني موجودون في بريطانيا في برنامج التدريب، وسيعودون قريباً إلى وطنهم.
أفادت منظمة العفو الدولية في تقرير لها، الخميس، أن روسيا ربما تكون ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بإجبارها المدنيين في المناطق التي تحتلها في أوكرانيا على الانتقال إلى مناطق أخرى.
وقالت المنظمة إن المدنيين نُقلوا قسراً من مناطق أوكرانية محتلة إلى مناطق أخرى تسيطر عليها روسيا أو إلى داخل الأراضي الروسية، مع فصل الأطفال عن عائلاتهم في انتهاك للقانون الإنساني الدولي. وأضافت أن مدنيين أبلغوها بأنهم تعرضوا لـ«عمليات فحص مسيئة» تُعرف باسم «التصفية»، حيث يتم تصوير الأشخاص وأخذ بصماتهم والتحقيق معهم وإجبارهم على فتح هواتفهم، والإقرار إن كانوا يعرفون أحداً في الجيش الأوكراني. وقالت أنييس كالامار الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، إن «فصل الأطفال عن عائلاتهم وإجبار الناس على الانتقال مئات الكيلومترات بعيداً من منازلهم، دليل آخر على المعاناة الشديدة التي ألحقها الغزو الروسي بالمدنيين في أوكرانيا».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.