مصر ترفض بيان مفوضية حقوق الإنسان بشأن علاء عبد الفتاح

اعتبرته «إهانة غير مقبولة»

مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك
TT

مصر ترفض بيان مفوضية حقوق الإنسان بشأن علاء عبد الفتاح

مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك

رفضت مصر بيان المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بشأن الناشط البارز علاء عبد الفتاح، الذي يقضي حالياً عقوبة السجن لإدانته بـ«نشر أخبار كاذبة»، وسط مناشدات دولية للإفراج عنه.
وردت مصر على مطالبة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بالإفراج عن عبد الفتاح، «الممتنع عن الطعام وشرب المياه»، بحسب أسرته، قائلة إنه «تمت محاكمته وإدانته»، وأنه يلقى «الرعاية الصحية اللازمة».
وفنّدت بعثة مصر لدى الأمم المتحدة في جنيف، بيان المفوض السامي لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أنه «ينتهك مبادئ الحياد والموضوعية المنصوص عليها في قرار الجمعية العامة المنشئ لولايته، ويعالج قضية فردية على أساس انتقائي، ما يزيد الشك في موضوعيته».
ويقضي عبد الفتاح، وهو وجه بارز في أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، حكماً بالسجن لخمس سنوات بعد إدانته بـ«بث أخبار كاذبة». وقالت البعثة المصرية إن «مضمون بيان المفوضية يقوّض عن عمد استقلال القضاء وسيادة القانون كحجر زاوية لا غنى عنه لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها»، معتبرة وصف المفوضية قراراً قضائياً بأنّه «غير عادل»، «إهانة غير مقبولة».
وبحسب البيان المصري، اعتمد المفوض السامي على «معلومات لا أساس لها»، وأشار إلى أنها «مستمدة من مصادر تروج لمزاعم كاذبة»، ووضعها على «أنّها حقائق من دون أي دليل».
ودعت مصر، المفوض السامي، الذي وصفته بـ«الموظف الدولي»، إلى أن «يحترم ولايته وأن يظهر الاحتراف عند بدء فترة عمله والاعتماد فقط على مصادر المعلومات الموثوقة في المستقبل والامتناع عن التعليق على القضايا التي تمت محاكمتها أمام المحاكم المصرية، والأحكام الصادرة في محاولة الدعوة لانتهاك القوانين الوطنية»، والتركيز على «تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها من خلال التعاون والحوار».
وفي أبريل (نيسان) الماضي، ذكرت أسرة عبد الفتاح أنه حصل على الجنسية البريطانية في السجن، من خلال والدته المولودة في بريطانيا. غير أن وزير الخارجية المصري سامح شكري، قال في حوار تلفزيوني عندما سُئل عن الجنسية البريطانية لعبد الفتاح، إن «القانون المصري ينظم مسألة ازدواج الجنسية بالنسبة للمصريين، وهذه الحالة لم تحدث بعد». كما رد على إضرابه عن الطعام قائلاً: «أعتقد أن لدينا تقارير عن إضرابات سابقة عن الطعام ولم يتم التحقق منها». وأضاف: «هذه مسألة اختيار شخصي، وسيتم التعامل معها ضمن نظام العقوبات».
وفي بيانه، أعرب فولكر تورك عن «أسفه البالغ إزاء عدم إفراج السلطات المصرية عن عبد الفتاح»، قائلاً إن «حياته معرضة لخطر وشيك بعد إضرابه عن الطعام». ودعا السلطات المصرية إلى «الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان».
بالمقابل، رفض النائب محمد سلطان، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري، ما اعتبره «استقواء بالخارج» في قضية عبد الفتاح، مشيراً إلى أن الدفاع عن متهم في قضايا جنائية بهذه الطريقة أمر «مرفوض جملة وتفصيلاً» ولن تقبل به الدولة المصرية.
وأضاف البرلماني، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن البعض يرغب في «تحقيق مكاسب سياسية على حساب قيمة وأهمية قمة المناخ»، المنعقدة حالياً في شرم الشيخ، مشدداً على أن قضية عبد الفتاح «شأن داخلي».



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».