تخيل أنك كنت في مكان المدير الفني لتشيلسي غراهام بوتر قبل مواجهة آرسنال يوم الأحد الماضي، والتي انتهت بخسارة تشيلسي في معقله في «ستامفورد بريدج» بهدف دون رد. وتخيل أنك تنظر إلى خط هجوم آرسنال الخطير المكون من 3 لاعبين رائعين، بينما لا تعرف أنت من يمكنك أن تدفع به ناحية اليمين، وأنه على الرغم من تجدد إصابة بن تشيلويل مرة أخرى فإنك ستدفع بمارك كوكوريلا في هذا الجانب من الدفاع، وأن تطلب منه أيضاً القيام بالمهام الهجومية!
وعندما تنظر إلى الجانب الآخر من الملعب، والذي يقدم فيه جناح آرسنال غابريل مارتينيلي مستويات استثنائية، ستتذكر كيف تلاعب بإيمرسون رويال وأزعج ترينت ألكسندر أرنولد، وكيف تسببت سرعته الفائقة وتحركاته المزعجة في خلق كثير من المشكلات والمتاعب لجميع الفرق التي واجهها آرسنال هذا الموسم. سوف تدرك تماماً أنك تواجه مشكلة كبيرة للغاية؛ خصوصاً بعد إصابة ريس جيمس وعدم قدرته على اللحاق بالمباراة.
لقد تولى بوتر تدريب تشيلسي في 12 مباراة، اعتمد في 7 منها على 3 لاعبين في الخط الخلفي، ولعب في اثنين منها -ضد ولفرهامبتون، وضد سالزبورغ على ملعبه– بطريقة يمكن أن تكون أقرب إلى 4-2-3-1، كان يتقدم فيها الظهير الأيمن للأمام بشكل مستمر، بينما يتراجع الجناح الأيسر كثيراً للخلف من أجل القيام بالواجبات الدفاعية. ويعكس هذا ميل المدير الفني الإنجليزي الشاب للاعتماد على ظهيري الجنب في القيام بالواجبات الدفاعية والهجومية في الوقت نفسه؛ لكنه وجد نفسه في حيرة من أمره وهو يفكر فيمن يمكنه اللعب أمام مارتينيلي.
وبالتالي، ربما كان الحل الأمثل هو الاعتماد على خط دفاع مكون من 4 لاعبين، على أن يلعب أزبيليكويتا ظهيراً تقليدياً. لكن تياغو سيلفا يبلغ من العمر 38 عاماً، وقد أظهرت الخسارة أمام آرسنال وبرايتون أنه أصبح يفتقر إلى السرعة في المواجهات الفردية التي يجد نفسه فيها كثيراً عندما يلعب الفريق بأربعة لاعبين في الخط الخلفي؛ خصوصاً أن غياب نغولو كانتي يجعل الفريق يلعب من دون لاعب ارتكاز قادر على استخلاص الكرة في خط الوسط. وباستثناء مباراة دينامو زغرب التي كانت عبارة عن تحصيل حاصل، عندما كان تياغو سيلفا يجلس على مقاعد البدلاء، فإن المرة الوحيدة التي اعتمد فيها بوتر على 4 لاعبين في الخط الخلفي بشكل تقليدي كانت في مباراته الأولى، أمام كريستال بالاس، والتي دفع فيها خلال الشوط الثاني بعديد من اللاعبين الذين يمتلكون سرعات كبيرة، ويجيدون التقدم من الخلف للأمام.
لذلك، ربما كان الحل الأمثل لبوتر أمام آرسنال هو العودة إلى الطريقة التي لجأ إليها أمام مانشستر يونايتد، بعد مرور نصف الساعة الأولى من اللقاء، عندما تسبب جادون سانشو في خلق كثير من المتاعب والمشكلات لأزبيليكويتا، واستغل ماركوس راشفورد مراراً وتكراراً المساحة الموجودة خلف تياغو سيلفا: خط دفاع مكون من 4 لاعبين يحميه خط وسط قوي. قد لا يكون جورجينيو هو الأكثر قوة وشراسة؛ لكن تمركزه الصحيح يمكن أن يحمي خط الدفاع؛ خصوصاً في ظل وجود ماتيو كوفاسيتش ولوفتوس تشيك بجواره.
ومع ذلك، فإن الشيء الأهم هنا هو أن بوتر كان يبدو مجبراً على الدفع بلاعبين معينين واللعب بطريقة معينة، وليس اللعب وفق الطريقة التي يفضلها، وذلك بسبب قلة الخيارات المتاحة أمامه، وهو الأمر الذي يضع المدير الفني في أزمة حقيقية؛ خصوصاً بعد خسارة جهود كل من ريس جيمس، وويسلي فوفانا، وكاليدو كوليبالي في الوقت نفسه، وهو ما من شأنه أن يؤثر على أي فريق.
لكن هذا الأمر يسلط الضوء أيضاً على الطريقة غير المدروسة التي تم بها تجميع الفريق الحالي لتشيلسي. ولا يزال الفريق يعمل على إيجاد حلول للمشكلات التي واجهها حتى قبل العقوبات التي فُرضت على مالك النادي السابق رومان أبراموفيتش.
لقد قدم تياغو سيلفا مستويات تفوق كل التوقعات؛ لكن لا ينبغي لأي نادٍ من أندية النخبة أن يعتمد على لاعب في مثل عمره. وإضافة إلى ذلك، يبلغ أوباميانغ من العمر 33 عاماً، وقد تم اللجوء إليه كخيار قصير الأمد فرضته الظروف، بعد فشل المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو في تقديم المستويات المتوقعة منه.
وتجاوز نغولو كانتي وجورجينيو الثلاثين من عمرهما، وسيحق لهما التوقيع لأي نادٍ آخر في يونيو (حزيران) المقبل. وبالنظر إلى أن المُلاك الجدد لتشيلسي لا يرغبون في إنفاق كثير من الأموال على لاعبين لا يمكن بيعهم بمقابل مادي كبير بعد ذلك، فمن المرجح أن يرحل كانتي أو جورجينيو أو كلاهما.
قد يكون ما يحدث في تشيلسي حالياً أمراً طبيعياً في عالم كرة القدم؛ حيث تتسبب الإصابات في إحداث اختلالات وهزات داخل أي فريق، كما أن إعادة بناء أي فريق تكون صعبة للغاية حتى من دون التعقيدات الإضافية للعقوبات التي فرضت على أبراموفيتش؛ لكن هناك أيضاً مشكلة واضحة تتمثل في أن توماس توخيل كان من المفترض أنه هو من يقود عملية التعاقد مع اللاعبين الجدد خلال الصيف الماضي؛ لكنه أقيل من منصبه بمجرد إغلاق فترة الانتقالات!
لقد أشار رحيم سترلينغ –بأفضل طريقة مهذبة ممكنة– الأسبوع الماضي، إلى أنه يفضل اللعب جناحاً وليس ظهيراً. وبالتأكيد لن يكون سترلينغ هو اللاعب الوحيد الذي ضمه النادي في الصيف الماضي الذي يتساءل عما إذا كان بوتر لديه الخطط نفسها التي كانت لدى توخيل بشأنه، وهو الأمر الذي يثير كثيراً من التساؤلات بشأن من يضع الخطط داخل النادي!
من الواضح أن المالك الجديد تود بوهلي الذي كان يرغب بشدة في ضم كريستيانو رونالدو، لا يدرك الطبيعة الشاملة لكرة القدم التي لا تعتمد على التعاقد مع أفضل اللاعبين، ولكنها تعتمد على التعاقد مع اللاعبين الذين يكمل بعضهم بعضاً، ويمكنهم اللعب بشكل جماعي وفق الخطة التي يضعها المدير الفني. وفي هذا الصدد، تعتبر التحركات الأخيرة للاستعانة برئيس لجنة التعاقدات في برايتون، بول وينستانلي، والمدير التقني لموناكو، لورانس ستيوارت، مهمة للغاية؛ بل ويمكن القول إنها تأخرت بعض الشيء.
وإضافة إلى ذلك، فإن غياب الحارس كيبا أريزابالاغا الذي ربما أدى تألقه الأخير إلى إخفاء كثير من المشكلات التي واجهها الفريق أمام برايتون، ربما أدى إلى تصعيب الأمور بشكل أكبر على بوتر، فيما يتعلق بالتشكيلة التي اعتمد عليها أمام آرسنال يوم الأحد؛ لكن المشكلة طويلة المدى تتعلق بوضع خطة تضمن تعاقد النادي مع اللاعبين القادرين على سد الثغرات الموجودة في الفريق، وتطبيق أفكار وفلسفة المدير الفني.
في الحقيقة، لم يكن تشيلسي مميزاً أبداً في سوق انتقالات اللاعبين، حتى في السنوات الأخيرة والأكثر تقييداً من الناحية المالية لعصر أبراموفيتش. وعلى الرغم من حصول النادي على كثير من البطولات والألقاب، فإن ذلك تحقق على حساب خسارة قدرها 900 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً في المتوسط على مدار 19 عاماً، هي فترة ملكية أبراموفيتش للنادي.
من المفترض أن المُلاك الجدد لن يتسامحوا مع ذلك، حتى لو أثبتت قواعد اللعب المالي النظيف أنها بلا أنياب حقيقية على أرض الواقع، كما أن بوتر لم يكن يوماً ما من نوعية المديرين الفنيين الذين يطالبون بإنفاق مبالغ مالية كبيرة على التعاقد مع لاعبين جدد؛ لكنه بنى نجاحه في ظل ميزانيات محدودة والتعاقد مع لاعبين يناسبون أسلوبه. لكن يتعين علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كانت رؤية بوتر ستتعارض مع رؤية بوهلي الذي يرغب في التعاقد مع اللاعبين الكبار أصحاب الأسماء الرنانة! ومع ذلك، فإن عدم وجود استراتيجية مدروسة ومتماسكة يعني أن النادي سيستمر في الموقف نفسه الذي وجد فيه بوتر نفسه: الكثير من اللاعبين الجيدين الذين يكلفون خزينة النادي مبالغ مالية طائلة؛ لكنهم لا يجيدون اللعب بعضهم مع بعض!
تشيلسي الذي تم تجميعه بطريقة عشوائية لا يناسب الطريقة التي يلعب بها بوتر
أزمة الإصابات كشفت أن الفريق لم يدعم صفوفه بشكل مدروس حسب احتياجاته
تشيلسي الذي تم تجميعه بطريقة عشوائية لا يناسب الطريقة التي يلعب بها بوتر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة