التمرد الحوثي ساهم في مضاعفة تردي أوضاع الأطفال اليمنيين

أكثر من 14 ألف مصاب نتيجة الأوبئة وقذائف نيران العدوان الحوثي

طفلة يمنية في مستشفى بعد تعرضها لإصابات بالغة تسببت في بتر رجلها اليمنى إثر قصف صاروخي لميليشيا الحوثي في عدن أمس (أ.ف.ب)
طفلة يمنية في مستشفى بعد تعرضها لإصابات بالغة تسببت في بتر رجلها اليمنى إثر قصف صاروخي لميليشيا الحوثي في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

التمرد الحوثي ساهم في مضاعفة تردي أوضاع الأطفال اليمنيين

طفلة يمنية في مستشفى بعد تعرضها لإصابات بالغة تسببت في بتر رجلها اليمنى إثر قصف صاروخي لميليشيا الحوثي في عدن أمس (أ.ف.ب)
طفلة يمنية في مستشفى بعد تعرضها لإصابات بالغة تسببت في بتر رجلها اليمنى إثر قصف صاروخي لميليشيا الحوثي في عدن أمس (أ.ف.ب)

خلصت التقارير الموثقة الواردة من اليمن إلى أن أعمال العنف والعمليات العسكرية التي تشنها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح ضد السلطة الشرعية في البلاد، أدت إلى وفاة 280 طفلا، فضلا عن تهديد حياة 180 ألف طفل بسبب سوء التغذية خاصة في المناطق الجنوبية التي تعاني من تجويع متعمد لإجبارها على الاستسلام والتخلي عن مناصرة الشرعية.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» أن التمرد الحوثي ساهم بشكل مباشر في تفاقم الأوضاع المأسوية للأطفال في اليمن، مؤكدة أن الميليشيات الحوثية في عملياتها العسكرية التي تستهدف من ورائها الإطاحة بالسلطة الشرعية تسببت بشكل مباشر في وفاة نحو 280 طفلا نتيجة إشراكهم في العمل المسلح، بينما مكانهم الطبيعي مقاعد الدراسة، لا الثكنات العسكرية.
وقالت التقارير الصحية الواردة من اليمن إن نحو 180 ألف طفل يواجهون خطر الموت في عدن جنوبي اليمن «بسبب سوء التغذية»، فضلا عن معاناة نحو 200 ألف من المرضى في الجنوب من غياب الأدوية، وذلك نتيجة استئثار الجماعات المتمردة على نصيب الأسد من المساعدات التي تأتي بها بواخر المنظمات الإنسانية على مدى نحو ثلاثة أشهر ونصف الشهر.
وكشفت التقارير أيضا عن وجود ما لا يقل عن 50 ألف أم في جنوب اليمن تعاني من افتقاد أدنى درجات الرعاية الصحية اللازمة، في الوقت الذي تم شهد إغلاق أربع مستشفيات رئيسية بفعل الميليشيات الحوثية المتمردة.
وأثبتت التقارير أيضا وجود أكثر من 14 ألف مصاب يصارعون الموت في مناطق عز فيها وجود الطبيب الدواء، بينهم 5672 مصابا وجريحا نتيجة معارك دامية في مواجهة التمرد الحوثي، ونحو تسعة آلاف من المصابين بأمراض وبائية أبرزها حمى الضنك.
وأكدت التقارير أيضا وفاة ما لا يقل عن 1800 بين شهداء سقطوا في معارك الدفاع عن مدن الجنوب لمنع سيطرة الميليشيات المتمردة عليها، وآخرين قضوا بفعل انتشار الأمراض والأوبئة التي يذهب أغلب الأدوية المخصصة لها إلى مناطق تقع تحت سيطرة قوات التمرد وذلك منذ بدء العمليات العسكرية التي تشنها قوات التحالف لنصرة الشرعية في اليمن.
وشهدت عدن التي توصف بأنها مدينة مسالمة مناظر لم تعتد عليها عيون الأهالي، من أبرزها وجود جثث القتلى المتناثرة في الشوارع، تكاثر الكلاب المسعورة، وانتشار الأوبئة وتنامي أعداد المصابين بها.
وفي السياق ذاته، أكدت تقارير المنظمات الحقوقية المطلعة على الأوضاع الإنسانية المأساوية في مناطق الجنوب اليمني، أن أهالي الجنوب بشكل عام، وسكان عدن على وجه الخصوص يواجهون عقابا جماعيا بسبب عدم الاستسلام لميليشيات جماعة أنصار الله الحوثية التي انقلبت على الشرعية في البلاد بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وأظهر الأهالي صمودا رغم التجويع ووضع العراقيل والمعوقات لمنع وصول قوافل الإغاثة وسلال الغذاء وشحنات الدواء، واستمرار معارك الدفاع عن مدن الجنوب لمنع سقوطها تحت احتلال ميليشيات التمرد الحوثي الغاشمة، لكن الأوضاع تزداد تدهورا خاصة مع انتصاف شهر رمضان، واستمرار استهداف الميناء الذي تجاهلت الوصول إليه بواخر الأمم المتحدة في المائة يوم الأولى من بدء العمليات العسكرية لقوات التحالف العربي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.