يبتسم النجم المالي أمادو هايدارا وهو يتذكر تلك الأيام الخوالي التي كان يلعب فيها كرة القدم في شوارع باماكو، والأصدقاء الذين تعرف عليهم أثناء اللعب في أكاديمية «جيه إم جي» للناشئين، والرحيل عن مالي لتحقيق حلمه في أن يلعب كرة القدم على المستوى الاحترافي. يقول هايدارا: «كان عمري 18 عاماً، وكان من الصعب أن أترك عائلتي، لكن كان من المهم العمل بكل جدية. يتعين عليك أن تقدم التضحيات حتى تحقق أهدافك».
لم يكن اللاعب المالي الدولي يريد أن يعترض طريقه أي شيء. وعندما كان صغيراً في السن، كان يفعل أي شيء لمساعدة زملائه في الفريق لدرجة أنه حاول مواصلة اللعب رغم معاناته من إصابة في الركبة خلال إحدى المباريات المهمة على مستوى فريق الشباب. يقول هايدارا: «شعرت بالألم، لكن لم أكن أرغب أن يلعب فريقي من دوني. لذلك، واصلت اللعب وبدأت ركبتي في التورم، لذلك أخرجني المدير الفني من الملعب في نهاية المطاف. كنت أبكي لأنني لم أستطع مساعدة زملائي في الفريق، وكان من الصعب للغاية مشاهدتهم يلعبون وأنا أجلس بالخارج». وقاد هايدارا نادي لايبزيغ للفوز على ريال مدريد بثلاثة أهداف مقابل هدفين في دوري أبطال أوروبا، ثم الفوز خارج ملعبه على شاختار دونيتسك برباعية نظيفة، ليتأهل الفريق إلى دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا. يقول النجم المالي: «إنه لأمر رائع أن تفوز على ريال مدريد».
وبعد عام واحد من انتقاله لنادي لايبزيغ، وصل النادي الألماني إلى الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا في عام 2020. وكان اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً يفكر بعناية في مسيرته الكروية عندما كان صغيراً في السن، وكان كثير من الأندية الأوروبية مهتماً بالتعاقد معه بعد أن لعب دوراً رئيسياً في وصول مالي إلى المباراة النهائية لكأس العالم تحت 17 عاماً في عام 2015، لكن العرض الذي قدمه له نادي ريد بول سالزبورغ كان هو الأكثر إقناعاً.
يقول النجم المالي: «قبل أن أوقع لنادي سالزبورغ، مكثت هناك لمدة أسبوع، ورأيت أن هذا النادي مختلف عن الآخرين. ورأيت أنه لا يسهم في بناء اللاعب فحسب، ولكن يسهم أيضاً في بناء شخصيته. وعلاوة على ذلك، كان لدي صديق جيد في أكاديمية الناشئين هناك، وهو ديادي سماسيكو. كنت أعرف أنه نادٍ سيمنحني الفرصة للعب والتطور والتحسن». وداخل أكاديمية سالزبورغ للناشئين، التقى هايدارا لأول مرة بماركو روز، المدير الفني لنادي لايبزيغ. وقاد روز فريق الشباب بالنادي النمساوي للحصول على لقب الدوري الأوروبي للشباب في عام 2017، ثم أصبح المدير الفني للفريق الأول بالنادي. يقول هايدارا: «لقد فعلنا أنا وماركو الكثير معاً. ماركو من نوعية المديرين الفنيين الذين يعملون على تطوير قدرات اللاعبين الشباب، كما يأخذ الوقت الكافي للتحدث معهم والاستماع إليهم».
وتعاقد لايبزيغ مع روز بعد إقالة دومينيكو تيديسكو بعد ساعات من خسارة الفريق الألماني على ملعبه في الجولة الأولى لدوري المجموعات بدوري أبطال أوروبا أمام شاختار بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد. يقول هايدارا عن ذلك: «كانت بداية صعبة، لكننا كنا نعلم أنه يمكننا القيام بعمل أفضل. جاء المدير الفني الجديد وتحدث معنا كثيراً، وجعلنا نشاهد كثيراً من مقاطع الفيديو وشرح لنا ما يتعين علينا القيام به حتى تكون لدينا فرصة للاستمرار في دوري أبطال أوروبا».
ويضيف: «إنه يمنحنا الثقة المطلوبة للعب بشكل جيد، ويطلب منا أن نكون مبدعين عندما نستحوذ على الكرة. ومن الناحية التكتيكية، يقدم لنا نصائح جيدة، ويعطينا كثيراً من التعليمات فيما يتعلق بالطريقة التي يجب أن نلعب بها عندما نفقد الكرة. إننا نحب أن نضغط على لاعبي الفريق المنافس. إنه يجعلنا نثق بأنفسنا، ويدعمنا لتحقيق الفوز على الفرق الكبيرة».
ودائماً ما يتمتع هايدارا، الذي يصف نفسه بأنه لاعب خط وسط قادر على اللعب من منطقة جزاء فريقه حتى منطقة جزاء الفريق المنافس، بالثقة الكبيرة في النفس. وكان اللاعب الفرنسي الدولي السابق جان مارك جيلو هو من أسس أكاديمية «جيه إم جي»، التي افتتحت لها عدة فروع في أفريقيا. ومن أبرز خريجي هذه الأكاديمية لاعب خط وسط برشلونة ومانشستر سيتي ومنتخب ساحل العاج السابق يايا توريه. وكان انضمام هايدارا لهذه الأكاديمية بمثابة نقطة تحول كبيرة في مسيرته الكروية.
يقول هايدارا: «في البداية كان الأمر صعباً على والديّ لأنني كنت صغيراً جداً. لقد كانا يفكران في دراستي، وما سيحدث لو لم أنجح في أن أكون لاعباً محترفاً. قالت أكاديمية الناشئين إنه يمكنني أن أركز على تعليمي، لكن يتعين علي أيضاً أن أتلقى مستوى جيداً من التدريب كل يوم». ويضيف: «كان والداي يدعماني دائماً. وبالنسبة لهما، كان من المهم أن أستمر في المدرسة لأنك لا تعرف أبداً ما يمكن أن يحدث في كرة القدم. لكنهما كانا دائماً يقفان إلى جانبي. لقد كانا يريدان فقط أن أعرف الصواب من الخطأ وأن أكون شخصاً جيداً».
لم يقطع هايدارا أبداً علاقته بجذوره، وشارك في بناء مركز صحي في كيلا، جنوب باماكو. ويقول عن ذلك: «إنه في بلدة صغيرة قريبة لم يكن بإمكان سكانها الوصول إلى المستشفيات هناك، لذا إذا حدث شيء سيئ في هذه المدينة فأنت لا تعرف أبداً ما يمكن أن يحدث في حال عدم الوصول إلى المستشفى بسرعة. لا يزال المركز قيد الإنشاء، لذا نأمل في أن يتم بناؤه في أسرع وقت ممكن».
وساعدت مؤسسة هايدارا أيضاً في إقامة معسكرات لكرة القدم بالصيف للأطفال في باماكو، وقد حضر لاعبون في مالي أحد هذه المعسكرات. يقول هايدارا: «لقد كانت لحظة استثنائية للغاية أن أرى الأطفال يبتسمون وهم يلعبون وأن أعرف أنه يمكنني تنظيم شيء كهذا حتى يمكنهم ممارسة كرة القدم. لقد كان المعسكر الذي أقيم به في باماكو جيداً للغاية، وأصبحت شركة أورانج شريكاً وتكفلت بسفر بعض الأطفال للعب في بطولة بالمغرب ووصلنا إلى المباراة النهائية. لقد خسرنا في النهاية، لكننا قدمنا أداء جيداً على أي حال». ويضيف: «مجرد رؤية الأطفال وهم يبتسمون ويحلمون ويعرفون أنه يمكنني مساعدتهم هو أمر استثنائي. إنني أعرف جيداً مدى قسوة وصعوبة الحياة في مالي. ليس من السهل أن تعيش هناك، لكني الآن لاعب محترف ويمكنني أن أجعل هؤلاء الأطفال يبتسمون».
وربما تؤدي هذه المعسكرات إلى ظهور هايدارا جديد. ويعرف هايدارا نفسه ما يعنيه الأمر بالنسبة للاعب صغير أن يكون له مثل أعلى من اللاعبين البارزين، ويقول: «كنت أحب يايا توريه، الذي كان يمكنه فعل كل شيء بالكرة ومن دونها. كما كنت أحب ستيفن جيرارد، فكل شيء كان يفعله كان مذهلاً. إنني أحب مشاهدة مقاطع فيديو له من أجل التعلم مما كان يقدمه. في الواقع تعلمت فنون كرة القدم من يايا توريه وستيفن جيرارد. وهناك كثير من اللاعبين الرائعين الآن أيضاً، مثل ماركو فيراتي، الذي يقدم مستويات مذهلة عندما تكون الكرة بين قدميه. وكاسيميرو أيضاً لاعب رائع، لكنني أريد أن ألعب بطريقتي الخاصة».
وأشارت تقارير إلى اهتمام بعض أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بالتعاقد مع هايدارا خلال الصيف، لكن اللاعب المالي يركز مع فريقه حالياً بعيداً عن أي ضوضاء أو تقارير إعلامية، ويقول: «يلعب عدد من أصدقائي هناك، لكنني الآن في لايبزيغ وأعمل بكل جدية من أجل مواصلة تطوري. المباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز قوية للغاية، ودائماً ما تكون ممتعة بغض النظر عن الفريقين اللذين يلعبان ضد بعضهما. سوف نرى ماذا سيحدث، لكنني سعيد في لايبزيغ».
أمادو هايدارا: تعلمت فنون كرة القدم من يايا توريه وستيفن جيرارد
لاعب لايبزيغ المالي يتحدث عن التأهل لدور الـ16 بدوري الأبطال ومساعدة الأطفال في وطنه
أمادو هايدارا: تعلمت فنون كرة القدم من يايا توريه وستيفن جيرارد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة