هل يعيد «كوب 27» المسار المناخي بين الصين وأميركا؟

كيري يأمل أن تجدد الفعالية المحادثات مع بكين

وزير الخارجية الصيني وانغ يي والمبعوث الأميركي للمناخ جون كيري في بكين  عام 2014 (أرشيفية- أ.ب)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي والمبعوث الأميركي للمناخ جون كيري في بكين عام 2014 (أرشيفية- أ.ب)
TT

هل يعيد «كوب 27» المسار المناخي بين الصين وأميركا؟

وزير الخارجية الصيني وانغ يي والمبعوث الأميركي للمناخ جون كيري في بكين  عام 2014 (أرشيفية- أ.ب)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي والمبعوث الأميركي للمناخ جون كيري في بكين عام 2014 (أرشيفية- أ.ب)

بالتزامن مع افتتاح مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول المناخ «كوب27»، والذي أقر في أجندته للمرة الأولى مناقشة تمويل «الخسائر والأضرار»، يتساءل المعنيون بشؤون البيئة ومواجهة التغيرات المناخية حول ما إذا كانت القمة ستعيد «مسار التعاون المناخي»، بين الولايات المتحدة والصين، حيث يؤكد الخبراء أنه «لا سبيل لمواجهة التغيرات المناخية دون تعاون واشنطن وبكين»، باعتبار أنهما الدولتان الأكثر إصداراً للانبعاثات الكربونية.
وكانت الولايات المتحدة والصين قد توافقتا في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي خلال فعاليات قمة المناخ «كوب 26» إعلان «أهدافهما لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لعام 2035، بحلول عام 2025، إضافةً إلى تحسين قياس انبعاثات الميثان قبل القمة المنعقدة حاليا في مدينة شرم الشيخ المصرية».
وبالفعل بدأت البلدان جلسات مباحثات في هذا الصدد لكنها ما لبثت أن توقفت بقرار من بكين احتجاجا على زيارة نانسي بيلوسي، رئيس مجلس النواب الأميركي، إلى تايوان في أغسطس (آب) الماضي، وهي الزيارة التي وصفتها بكين بـ«الاستفزازية».
وفي تصريحات صحافية، بداية الشهر الجاري، أعرب جون كيري، مبعوث الرئيس الأميركي للمناخ، عن «استعداد بلاده للتباحث مع الصين بشأن تغير المناخ، والعمل معا لحل القضية، التي لا علاقة لها بالقضايا الثنائية»، وقال إن «قضية المناخ قضية عالمية لا يمكن حلها دون الصين وروسيا والهند والدول والاقتصادات الكبرى»، معربا عن أمله في أن «تجدد قمة (كوب27) المحادثات الجيدة والمهمة التي جمعت البلدين في هذا الشأن». وقال كذلك إنه «متفائل بأنه عند نقطة محددة وفي وقت قريب سيتم استئناف المحادثات بين البلدين، لأنه لا يمكن حال مشاكل المناخ دون الصين وأميركا أكبر دولتين في إصدار الانبعاثات الكربونية».
وقالت غوى النكت، المديرة التنفيذية لـ«غرين بيس» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش «كوب27»، إنه «لا توجد طريقة يمكن من خلالها حل أزمة المناخ بشكل فعال، دون تحالف أكبر اقتصادين في العالم (الولايات المتحدة والصين)»، مشيرة إلى أن «تعليق المباحثات بين البلدين منذ أغسطس (آب) الماضي، يعد مصدر قلق للعالم».
ورهنت النكت، نجاح قمة «كوب27»، بـ«تفعيل الاتصالات بين واشنطن وبكين»، وقالت إن «التغيرات المناخية هي تحدٍّ عالمي، وعلى كلا البلدين تنحية خلافاتهما الجيوسياسية جانبا، والعمل من أجل تحقيق المصالح المشتركة لكوكب الأرض».
ووصفت المديرة التنفيذية لـ«غرين بيس» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قمة «كوب 27»، بأنها «فرصة لتحسين علاقات واشنطن وبكين المناخية»، وقالت «بجب على البلدان الاستفادة من فرصة اللقاء وجها لوجه لاستعادة مسار المباحثات لمصلحتهما ولمصلحة العالم ككل».
ويعتبر خبراء تعاون الصين وأميركا في مجال المناخ أمرا «حيويا»، ويثير غياب الرئيس الصيني عن حضور قمة «كوب 27»، تساؤلات بشأن إمكانية استئناف مسار التفاوض، لكن مصادر مقربة من وفدي البلدين أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمل ما زال موجودا حيث يمكن لوفدي البلدين وضع أطر لاستئناف المباحثات»، لافتة إلى أن الرئيسين الصيني والأميركي سيشاركان في قمة مجموعة العشرين المقرر انعقادها في بالي 15 الشهر الجاري، وقالت إنه «لو التقى الرئيسان على هامش القمة، فبالتأكيد سيتم حسم هذه القضية».
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد قال ردا على سؤال بشأن لقاء محتمل مع الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش قمة العشرين، إنه «متأكد من رؤيته حال مشاركته».
لكن على الجانب الآخر لا يعول يوهان روكستروم، مدير مؤسسة «بوتسدام» للمناخ، كثيرا على استئناف المحادثات بين الجانبين، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة الحفاظ على درجات حرارة تحت 1.5 درجة مئوية أصبحت بعيدة المنال، وسواء تعاونت بكين وواشنطن أم لا، فإن الضرر قد وقع بالفعل»، مضيفا أنه «لا يرى حاجة لاستئناف المباحثات بينهما، فالأهم الآن أن تتفق كل دول العالم على إجبارهم على اتخاذ أفعال وإجراءات للحد من التغيرات المناخية، وإجبارهم على القواعد المناخية».



وكالات دولية تُحذر من مخاطر اتساع أزمة الغذاء في اليمن

كثير من الأسر اليمنية اضطرت إلى تقليل الوجبات اليومية بسبب نقص الغذاء (الأمم المتحدة)
كثير من الأسر اليمنية اضطرت إلى تقليل الوجبات اليومية بسبب نقص الغذاء (الأمم المتحدة)
TT

وكالات دولية تُحذر من مخاطر اتساع أزمة الغذاء في اليمن

كثير من الأسر اليمنية اضطرت إلى تقليل الوجبات اليومية بسبب نقص الغذاء (الأمم المتحدة)
كثير من الأسر اليمنية اضطرت إلى تقليل الوجبات اليومية بسبب نقص الغذاء (الأمم المتحدة)

حذرت تقارير أممية وأخرى دولية من أوضاع أكثر مأساوية على جميع المستويات قد تُهدد خلال الأشهر المقبلة ملايين اليمنيين في عموم المناطق تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

في هذا السياق، كشف تقرير دولي مشترك عن انتشار واسع لحالات سوء التغذية الحاد الوخيم بين الأطفال في اليمن، مع تسجيل نحو 90 ألف حالة جديدة خلال الثلث الأول من العام الجاري.

وأوضح التقرير الصادر عن 6 وكالات أممية ودولية لشهر يونيو (حزيران) الجاري، هي: «يونيسف»، والأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، والصحة العالمية، والبنك الدولي، ومنظمة مشروع تقييم القدرات، أن أكثر من 88.6 ألف طفل دون سن الخامسة في اليمن، جرى إدخالهم إلى المستشفيات نتيجة سوء التغذية الحاد الوخيم، بالفترة ما بين يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) من العام الجاري.

تراجع كبير للمساعدات الغذائية في اليمن خصوصاً التي كان يتبناها برنامج الغذاء (أ.ف.ب)

ووفق التقرير المشترك، فقد تصدر يناير قائمة الأشهر من حيث عدد الحالات التي جرى إدخالها خلال تلك الفترة إلى المستشفيات للعلاج من سوء التغذية بعدد 32.9 ألف طفل، يليه فبراير (شباط) بالترتيب الثاني بواقع 29.7 ألف طفل، ثم مارس (آذار) الماضي، بنحو 14.2 ألف طفل، وجاء أبريل في ذيل القائمة بنحو 11.8 ألف طفل.

وذكر التقرير أنه ورغم الاتجاه التنازلي في معدلات إدخال الحالات إلى المستشفيات بسبب انخفاض التغطية نتيجة نقص التمويل، فإن مرض سوء التغذية في اليمن لا يزال عند مستويات تُنذر بالخطر.

مناطق الحوثيين هي الأسوأ

وجرى تسجيل أغلب حالات سوء التغذية الوخيم بين الأطفال اليمنيين خلال أبريل الماضي، في المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين. وجاءت محافظة الحديدة الساحلية في المقدمة بإدخال نحو 3.5 ألف طفل إلى المستشفيات، تليها محافظة حجة بنحو 1.9 ألف طفل، ثم محافظة إب بنحو 1.3 ألف طفل.

وحسب التقديرات الأممية، فإن نحو 2.3 مليون طفل، أي نحو نصف الأطفال دون سن الخامسة في البلاد، يعانون من سوء التغذية الحاد، بينهم 540 ألف طفل من سوء التغذية الوخيم، و1.8 مليون من سوء التغذية المتوسط، إضافةً إلى نحو 1.4 مليون امرأة حامل ومرضعة يعانين من سوء التغذية، مما يُسهم بدوره في سوء الصحة وانتقال المعاناة من جيل إلى آخر.

مسلحون حوثيون خلال تجمع دعا له زعيمهم في العاصمة المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

ويعيش كثير من هؤلاء الأطفال في مناطق نائية يصعب الوصول إليها، مثل المناطق الجبلية والوديان العميقة في شمال البلاد، حيث يكون الوصول إلى العلاج محدوداً للغاية.

ويؤكد التقرير أنه ومن دون الرعاية المناسبة يُضعِف سوء التغذية جهاز المناعة لدى الأطفال اليمنيين ويعوق نموهم ويحد من إمكاناتهم المستقبلية.

ويُعد تقرير الرصد المشترك تحديثاً يصدر كل شهرين لمراقبة مخاطر أزمة الأمن الغذائي والتغذوي في اليمن، من فريق مشترك يضم أعضاء من 6 وكالات أممية ومنظمات دولية.

تهديد متزايد

في سياق هذه المخاطر التي تهدد اليمنيين أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بأن اليمن سجَّل أعلى معدلات سوء التغذية على مستوى العالم، خصوصاً لدى الأطفال، مما يشكِّل تهديداً متزايداً لحياة مئات الآلاف منهم.

وذكرت المنظمة أنه لا يزال الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية في اليمن غير كافٍ بشكل حرج نتيجة الصراع والأزمة الاقتصادية المستمرين، وقد أدى ذلك إلى تفاقم أزمة سوء التغذية بشكل كبير، حيث سجلت أعلى المعدلات على مستوى العالم.

وقالت المنظمة إن الارتفاع الحاد في سوء التغذية يُعزى بشكل رئيسي إلى تفشي الكوليرا والحصبة وأمراض أخرى، فضلاً عن ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي بشكل مستمر، الأمر الذي يؤثر على أكثر من 600 ألف طفل، بمن فيهم 120 ألفاً يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.

توزيع مساعدات للنازحين اليمنيين في الحديدة بدعم سعودي (الأمم المتحدة)

من جهته أفاد برنامج الغذاء العالمي بأن انعدام الأمن الغذائي في اليمن شهِد تدهوراً إضافياً خلال الشهر الماضي، مع إبلاغ نحو ثلثي الأسر عن عدم تمكنها من تلبية احتياجاتها الغذائية، بسبب التحديات الاقتصادية، ونقص التمويل، واستمرار الصراع.

ولفت التقرير إلى ارتفاع معدل استهلاك الغذاء غير الكافي بشكل حاد لدى الأسر اليمنية في عموم البلاد، متجاوزاً مستويات ما قبل شهر رمضان الذي شهد تحسناً نسبياً.

وأوضح البرنامج الأممي أن 65 في المائة من الأسر لم تتمكن من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية في جميع أنحاء اليمن في الشهر المنصرم، وبزيادة قدرها 8 في المائة عن الشهر السابق له الذي كانت فيه بنسبة 57 في المائة.

ويعود تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي بشكل أساسي إلى عدة عوامل رئيسية، من بينها التحديات الاقتصادية المستمرة، وفجوات المساعدات الإنسانية الحرجة الناجمة عن نقص التمويل، ومحدودية أنشطة سبل العيش، والصراع المحلي.