محاسن بناني.. توظف الفن التشكيلي في قطع ديكور عملية

المصممة محاسن بناني  -  جانب من قطع الديكور لمحاسن بناني مع لوحة تشكيلية من توقيعها
المصممة محاسن بناني - جانب من قطع الديكور لمحاسن بناني مع لوحة تشكيلية من توقيعها
TT

محاسن بناني.. توظف الفن التشكيلي في قطع ديكور عملية

المصممة محاسن بناني  -  جانب من قطع الديكور لمحاسن بناني مع لوحة تشكيلية من توقيعها
المصممة محاسن بناني - جانب من قطع الديكور لمحاسن بناني مع لوحة تشكيلية من توقيعها

بحثت محاسن بناني منذ سنوات عمرها الأولى عن شكل معين يحتضن موهبتها في فن التشكيل؛ فهذا الفن لم يكن كافيًا للتنفيس عن طاقاتها الإبداعية، فتطور مع الوقت إلى أشياء أخرى، تقول إنها «أكثر فائدة من مجرد النظر إليها كشكل أو لوحة جميلة، لأنها قابلة للاستعمال في الحياة اليومية». ما تقصده محاسن بناني هو الديكور الداخلي، الذي وجدت فيه ضالتها، فباتت تستلهم أشكاله من أعمالها التشكيلية.
رحلة بناني في البحث انطلقت من معارض متنوعة شاركت فيها منذ أن كان عمرها ستة عشر عامًا، طورت من خلالها موهبتها في الرسم والبحث في كل ما يتعلق بالفن إلى جانب دراستها في مجال الآداب. ومع ذلك، لم تحترف الفن وبقيت نشاطاتها في إطار الهواية، وهو ما جعلها تشعر بأن مجرد الحب غير كافٍ. ما زاد من قناعتها أنها تميل إلى العملية وفكرة أن الفن يجب أن يخدم الحياة اليومية ويُغنيها.
لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لها، واستغرقها بعض الوقت لكي تتوصل إلى أسلوب خاص بها؛ إذ توقفت، ولمدة طويلة، عن الرسم أو المشاركة في المعارض التشكيلية حتى تجد طريقة خاصة تجسد بها إبداعها. تشرح أن هذا التوقف كان من أجل البحث والتطوير، لكنها اكتشفت خلاله أن بداخلها زخمًا من المشاعر والأفكار كانت تراودها من دون توقف. تزامن هذا التوقف مع زواجها ودخولها مرحلة جديدة من حياتها، شكلت لها أرضًا خصبة للتفكير الإيجابي، لا سيما وأنها لقيت كثيرًا من التشجيع في محيطها الجديد؛ مما حفزها على العودة إلى العمل للرسم التشكيلي والمشاركة في المعارض. ولاحظت بسعادة إعجاب الزوار ليس برسوماتها فحسب، بل أيضًا بقطع الديكور التي تستوحي خطوطها وألوانها من لوحاتها. هذا الإعجاب شجعها على أن تجرب تقنيات جديدة ومبتكرة تمزج فيها بين الرسم والتصميم.
كانت تلك بدايتها في عالم تصميم الديكور، ورغم أنها كانت بداية مشجعة، رأت أنه لا بد لها من تعزيزها بالدراسة الميدانية ثم عبر الإنترنت لتبقى متابعة لكل مستجداته، وهو ما كان. ولا تنسى أن تشير إلى أنه كان لزوجها دور مهم في مساعدتها والدفع بها إلى الأمام، بحكم تجربته وعمله في المجال نفسه. الآن، تجاوزت أعمالها قاعات المعارض وأصبحت مشروعًا قائمًا بذاته، عبارة عن قطع ديكور فنية يمكن تسويقها بسهولة، سواء في المحلات الكبيرة بالعاصمة، الرباط، أو في المعارض التي تشارك فيها بانتظام. إلى جانب الألوان والأشكال، يبقى اللافت في أعمال بناني تنوع المواد التي تستعملها، فهي أحيانًا من الحديد أو الخشب وأحيانًا أخرى من الزجاج أو الأقمشة، وتعتبر هذا التنوع ميزة وقيمة مضافة إلى أعمالها، لأنها تضفي عليها جماليات عصرية من جهة، ولأنها تمنحها الحرية للابتكار من جهة ثانية. فأجمل شيء يمكن أن تلمسه في بناني أنها مهووسة بمواكبة مستجدات العصر وتأثيراته على الفن بكل أشكاله، بالدراسة في جامعات أميركية عبر الإنترنت، أو بالاحتكاك بمبدعين آخرين أو بحرفيين يدويين لهم باع طويل في الصناعات التقليدية المغربية، التي تزخر بإرث فني لا متناهي يجعل الاستلهام منها عملية في غاية السهولة. وهي نفسها تعترف بأن غرفها من الفن التشكيلي في كل ما تصممه لا يغنيها عن تلك اللمسة المغربية التي تظهر في كل قطعة تصوغها، من خلال الزخارف والألوان، لكن دائمًا بطابع عصري أصبح عشاق الديكور يطلبونه. فالأصالة مهمة ويجب أن تكون حاضرة، لكن لا يجب أن تغرق في الفولكلور والقديم لتصبح مستنسخة عنه من دون إبداع أو تطوير. لهذا تتميز تصاميمها بعدد هائل من الألوان الغنية، وفي الوقت ذاته هي وفية للونين؛ الذهبي والفضي، اللذين يظهران في معظم أعمالها ويضيفان عليها لمعة خفيفة. أما ما تصوغه وتطرحه فيتباين بين اللوحات الفنية والطاولات والكراسي وحتى الأطباق، التي يمكن استخدامها للزينة بعرضها كديكور في المنزل، بالإضافة إلى صناديق خاصة لحفظ الجواهر. تشرح بأنها تدرك أن المغاربة كانوا ولا يزالون يهتمون بالديكور في نطاقه التقليدي، لكن بسبب العولمة والانفتاح على الخارج أصبح هناك توجه لتأثيث وتنسيق بيوتهم بشكل يجمع الأصيل بالعصري، والتقليدي بالحديث، وهو ما تعتبره عنصرًا يصب في صالحها.



5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.