كيف حولت كرة القدم إضاعة الوقت إلى شكل فني متطور؟

بينما يهتم العالم بالإنتاجية... سارت اللعبة في الاتجاه الآخر

ما زال حراس المرمى يمارسون تضييع الوقت على الرغم من تغيير القانون الخاص بوقت إمساكهم بالكرة (غيتي)
ما زال حراس المرمى يمارسون تضييع الوقت على الرغم من تغيير القانون الخاص بوقت إمساكهم بالكرة (غيتي)
TT

كيف حولت كرة القدم إضاعة الوقت إلى شكل فني متطور؟

ما زال حراس المرمى يمارسون تضييع الوقت على الرغم من تغيير القانون الخاص بوقت إمساكهم بالكرة (غيتي)
ما زال حراس المرمى يمارسون تضييع الوقت على الرغم من تغيير القانون الخاص بوقت إمساكهم بالكرة (غيتي)

في حين يُنظر إلى إهدار الوقت في الحياة اليومية على أنه شيء سيئ ومريب، فإن ما يقوم به لاعب كرة القدم من أجل إبطاء وتيرة اللعب أو كسر رتم المباريات عندما يكون فريقه متقدماً يوصف بأنه «وعي خططي وتكتيكي من أجل الخروج بالمباراة إلى بر الأمان»، وإذا لم يفعل اللاعب ذلك فقد يوصف بأنه «ساذج!»، بل ووصل الأمر إلى صك مصطلح جديد وهو «فن إدارة المباراة»، لرفع هذا المستوى من التخريب الخفي إلى شيء يستحق الإشادة والثناء!
ويُنظر الآن إلى «الإدارة الجيدة للمباراة» على أنها ميزة يجب أن تتحلى بها الفرق الناجحة.
لكن التعريف اللغوي لـ«إضاعة الوقت» في القواميس – الذي يعني عدم إنتاج أي فائدة أو بذل أي طاقة – لا ينطبق على كرة القدم، نظراً لأن لاعبي كرة القدم الذين يرغبون في إهدار الوقت يبذلون طاقة كبيرة من أجل إبطاء وتيرة اللعب وقتل رتم المباراة؛ من أجل الحصول على الثلاث نقاط بأي طريقة ممكنة.
وعلاوة على ذلك، فإننا كثيراً ما نرى لاعبي الفريق الفائز يتجهون بالكرة نحو الراية الركنية من أجل تجميد الكرة هناك، وإهدار ما تبقى من عمر المباراة.
لقد نشرت «بي بي سي» رسماً بيانياً للأماكن التي تركزت فيها الكرة في الدقائق العشر الأخيرة من مباريات كأس الأمم الأوروبية 2022، وأظهر هذا الرسم البياني أن المكان القريب من الراية الركنية كان هو أكثر مكان تواجدت به الكرة خلال هذه الفترة الزمنية.
وعلاوة على ذلك، هناك شيء آخر يستغله اللاعبون لإهدار الوقت بشكل بشع، وهو رمية التماس، فكثيراً ما نرى لاعباً من الفريق الفائز يذهب للقيام برمية التماس، ويمسك الكرة لبعض الوقت، ثم يتركها لزميل آخر، وهكذا.
في الحقيقة، يجب تغيير قوانين كرة القدم، بحيث يحصل اللاعب الذي يفعل ذلك على بطاقة صفراء؛ لأن هذا الأمر يتكرر كثيراً خلال المباريات.
لقد أصبحت رميات التماس تشهد عديداً من الأشياء الغريبة، حيث يتأخر الطفل المسؤول عن إعادة الكرة إلى الملعب في تسليم الكرة إلى اللاعب الذي يجب أن ينفذ رمية التماس، أو يمنع الجمهور اللاعب من الوصول إلى الكرة، وفي هذه الأوقات قد يفقد لاعب الفريق الخاسر سيطرته على أعصابه تماماً، نظراً لأنه في أشد الحاجة إلى اللعب سريعاً من أجل العودة في نتيجة المباراة.
ومع ذلك، فإن أكبر خدعة يلجأ إليها اللاعبون لإهدار الوقت هي ادعاؤهم الإصابة من أجل إيقاف المباراة.
فعندما اتجه لاعب وستهام السابق مارك نوبل، إلى أندير هيريرا، الذي كان يدعي الإصابة وحاول إجباره على الخروج من الملعب، لاقى هذا المشهد استحسان كثير من عشاق كرة القدم الذين يريدون مشاهدة مباريات ممتعة، بعيداً عن مثل هذه الحجج والخدع التي تهدف إلى قتل المباريات وإبطاء وتيرتها.
وقد زاد المشهد جمالاً، وأصبح لا ينسى بسبب استسلام هيريرا الغريب بعد أن حُمل مثل كيس من الفحم إلى خارج الملعب!
ومثلما هناك أشخاص مبدعون في كل مجال، فهناك لاعبون مبدعون في إهدار وإضاعة الوقت، ولعل أبرزهم ينس ليمان، الذي كان أحد أوائل اللاعبين الذين بدأوا هواية إهدار الوقت خلال المباريات، والذي حصل على بطاقة صفراء في إحدى المباريات في عام 2007 لإضاعته الوقت بشكل غريب أثناء استرجاع الكرة من خلف المرمى.
فبينما كان ليمان يحاول أن يظهر وكأنه في عجلة من أمره لتنفيذ ركلة المرمى، حاول أن يسدد الكرة بعيداً باتجاه لوحات الإعلانات لإضاعة الوقت، لكن الكرة ارتدت باتجاهه من جديد وكأنها تتحداه لكي يلعب بسرعة.
وفي مشهد آخر، حذر الحكم كلاً من ريان غيغز وديفيد بيكهام لوقوفهما إلى جانب بعضهما البعض أثناء تنفيذ ركلة ركنية وإهدار بعض الثواني الثمينة للقاء.
وأشار كل منهما إلى أن الكرة ليست داخل الدائرة المخصصة لها بجوار الراية الركنية، بعد أن قام غيغز بنفسه بإخراج الكرة من الدائرة قبل ذلك بعدة ثوانٍ دون أن ينتبه أحد لذلك.
إن مثل هذه المشاهد الغريبة والبغيضة هي التي تجعل المشاهد يشعر بالملل والاستهجان بسبب إهدار الوقت بهذه الطريقة. فهل هناك أي منطق في أن يقوم اللاعب، الذي من المفترض أن يلعب من أجل إمتاع الجماهير، بإهدار الوقت وإبطاء وتيرة اللعب وإفساد متعة المباريات في مشهد عبثي غريب لا معنى له على الإطلاق؟
لقد كان ليمان يهدر الوقت بطريقته الخاصة في مجال أظهر فيه زملاؤه من حراس المرمى براعة كبيرة، سواء من خلال التوقف لبعض الوقت من أجل تنظيف الحذاء عن طريق ضربه بالقائم قبل تنفيذ ركلة المرمى، أو من خلال الإمساك بالكرة لمدة 20 ثانية أثناء التلويح لباقي لاعبي الفريق بالتقدم إلى الأمام، أو من خلال استغلال الثغرة القانونية المتمثلة في التحرك بالكرة لثلاث خطوات ثم وضعها على الأرض والتقاطها مرة أخرى، قبل تغيير القانون بعدم التحرك بالكرة لأربع خطوات. لقد تم تغيير هذا القانون خصوصاً بسبب إهدار حراس المرمى الوقت بشكل مبالغ فيه.
وهناك أمر آخر لا يقل إزعاجاً فيما يتعلق بإهدار الوقت، وهو استخدام التبديلات والتغييرات بشكل غريب لإضاعة الوقت في نهاية المباريات.
وأثناء الركلات الحرة أيضاً تتم الإشارة إلى وجود عوائق وعقبات تعيق تنفيذ اللعبة، وهو ما يظهر أن هناك دراسة لكل الأمور التي يمكن اللجوء إليها من أجل إهدار الوقت.
من المؤكد أن كل هذه الخدع لن تنجح إذا احتسب حكم اللقاء وقتاً بديلاً للوقت الضائع بشكل دقيق.
ومن الناحية العملية، تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن الكرة تظل في اللعب لمدة 55 دقيقة فقط في معظم المباريات. ومع ذلك، فإن الوقت المحتسب بدل الضائع يصل في المتوسط إلى ثلاث دقائق، أو أقل قليلاً!


مقالات ذات صلة

الدوري الإيطالي: «تركيبة ميلان الجديدة» تخوض اختباراً أمام كالياري

رياضة عالمية سيرغيو كونسيساو (رويترز)

الدوري الإيطالي: «تركيبة ميلان الجديدة» تخوض اختباراً أمام كالياري

لم يمر على وصول المدرب البرتغالي، سيرغيو كونسيساو، سوى أسبوع واحد حتى منح ميلان لقبه الأول منذ ثلاث سنوات، لكنه سيكون أمام تحدٍ أكثر صعوبة بإعادة «روسونيري».

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية جمال موسيالا (إ.ب.أ)

شكوك حول مشاركة موسيالا في مواجهة مونشنغلادباخ

تحوم الشكوك حول مشاركة الجناح الدولي جمال موسيالا في مواجهة فريقه، بايرن ميونيخ، ومستضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ، السبت، في المرحلة الـ16 من الدوري الألماني.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ )
رياضة عالمية لوثار ماتيوس (رويترز)

ماتيوس: ينبغي منح كيميتش شارة قيادة بايرن لإقناعه بالتجديد

قال لوثار ماتيوس، أسطورة فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم السابق، إنه ينبغي أن يتم منح جوشوا كيميتش شارة قيادة الفريق من أجل إقناعه بتجديد عقده.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية دونيل مالين (د.ب.أ)

مالين لاعب دورتموند يقترب من أستون فيلا

ذكرت تقارير أن دونيل مالين جناح فريق بوروسيا دورتموند الألماني اتفق مع نادي أستون فيلا الإنجليزي على الشروط الشخصية من أجل الانتقال إلى صفوفه خلال شهر يناير.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية كنوت كيرشر رئيس لجنة الحكام بالاتحاد الألماني لكرة القدم (رويترز)

«بوندسليغا»: تطبيق تقنية التسلل شبه الآلي الموسم المقبل

أكد كنوت كيرشر، رئيس لجنة الحكام بالاتحاد الألماني لكرة القدم، في تصريحات لمجلة «كيكر» الرياضية، اليوم الإثنين، أنه سيجري تطبيق تقنية التسلل شبه الآلي.

«الشرق الأوسط» (برلين)

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.