تمديد المفاوضات النووية مع إيران حتى السابع من الشهر الحالي

اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من فيينا التي تشهد المرحلة الأخيرة من المفاوضات حول الملف النووي الإيراني أن اتفاقا في هذا الصدد بين طهران والقوى الكبرى «بات في متناول اليد».
وصرح لافروف للتلفزيون الروسي العام بأن «المفاوضات (التي بدأت قبل عشرين شهرا) تتقدم في الاتجاه السليم. تبقى قضايا تتصل بشكل رئيسي بمشاكل ذات طابع إجرائي أكثر منه تقنيا. لدينا كل الأسباب للاعتقاد أن النتائج باتت في متناول اليد»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد مدد أمس لسبعة أيام تجميد بعض العقوبات على إيران بهدف إعطاء المزيد من الوقت للمفاوضات الجارية في فيينا والهادفة للتوصل إلى اتفاق يضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني كما أعلن المجلس الأوروبي. وهذه العقوبات كانت جمدت في يناير (كانون الثاني) 2014 كبادرة حسن نية في إطار هذه المفاوضات التي كان من المفترض أن تؤدي إلى اتفاق تاريخي قبل انتهاء المهلة المحددة لذلك أمس. وأعلن المجلس الأوروبي، الذي يضم الدول الأعضاء الـ28، في بيان أن التجميد مدد حتى 7 يوليو (تموز).
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس أن إيران والقوى الدولية الست قرروا تمديد المفاوضات الجارية بشأن التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران بعد الموعد النهائي المقرر. وذكرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف أن «مجموعة (5+1) وإيران قررتا تمديد الإجراءات بموجب خطة العمل المشتركة حتى السابع من يوليو (تموز) لإتاحة مزيد من الوقت للتفاوض من أجل التوصل إلى حل طويل المدى يتمثل في خطة عمل مشتركة طويلة المدى بشأن المسألة النووية الإيرانية».
وندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجددا أمس باتفاق محتمل يجري التفاوض بشأنه حول برنامج إيران النووي، معتبرا أنه سيسمح لها بتطوير أسلحة نووية، وذلك قبل ساعات من انتهاء الموعد المحدد للتوصل إلى اتفاق. وجدد نتنياهو معارضته التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، مؤكدا أن الخيار العسكري بالنسبة إلى إسرائيل «يبقى قائما». وقال في مستهل لقائه وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني «نعتقد أنه سيكون خطأ جسيما السماح لهذا النظام الإرهابي بالحصول على أسلحة نووية، هذا ما سيؤمنه الاتفاق المطروح لهم». وبحسب نتنياهو فإن الاتفاق «سيمهد (للإيرانيين) طريقا واضحا للحصول على قنابل نووية.. ليس قنبلة واحدة بل قنابل نووية». واعتبر أن رفع العقوبات عن إيران سيسمح لها «بضخ مليارات الدولارات في خزائنها، بل عشرات مليارات الدولارات، الأمر الذي سيمكنها من مواصلة إرهابها وعدوانها». وتابع «هذا خطأ»، مضيفا «إنه خطر، خطر بالنسبة لإسرائيل وإيطاليا وأوروبا والولايات المتحدة والعالم».
وإسرائيل من أشد معارضي التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى الست (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا). لكن نتيجة المفاوضات ما زالت غير واضحة، لأن كثيرا من النقاط الأساسية لم تحسم بعد.
وجاء التطور الجديد، تمديد المفاوضات، بعد حراك دبلوماسي متسارع واجتماعات ثنائية طويلة شهدها قصر الكوبورغ، مقر المفاوضات النووية في العاصمة النمساوية، طيلة أمس، بعد عودة وزير الخارجية الإيراني إلى فيينا في التاسعة والنصف صباحا.
وكان ظريف قد طار إلى طهران للتشاور في رحلة يوم واحد، ثم عاد بصحبة كل من علي أكبر صالحي مدير وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، وحسين فريدون الشقيق الأصغر للرئيس الإيراني حسن روحاني، ومساعده، باعتباره «الوسيط للتنسيق بين الفريق المفاوض والرئيس» كما تصفه وسائل إعلام إيرانية.
وتوجه ظريف مباشرة من المطار إلى مقر المفاوضات بقصر الكوبورغ وسط فيينا القديم، حيث عقد اجتماعا مع جون كيري وزير الخارجية الأميركي، بعد ذلك اجتمع (ظريف) بنظيره الروسي سيرغي لافروف الذي وصل فيينا للمرة الأولى منذ استئناف الجولة الثامنة من المفاوضات التي بدأت وزاريا يوم الأحد الماضي، وعلى مستوى الخبراء والمديرين السياسيين قبل أسبوعين.
إلى ذلك، التقى ظريف بمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو. وفي هذا السياق، أشارت مصادر وثيقة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إيران بدأت تستفسر عن «ضمانات» كافية. كما أخذت تبحث عن كيف تكون الآليات واضحة ضمن القوانين الدولية للتعاون مع الوكالة التي تطالب بفتح المنشآت النووية للتحقيق بما في ذلك منشآت عسكرية تلاحقها اتهامات بأنشطة نووية.
ظريف، وأمام حشد من الصحافيين، صرح في رسالة مقصودة تحمل لغة الخطاب الإيراني المتشدد، بأن «المفاوضات وصلت لمرحلة حساسة، وإنها مع توافر الإرادة السياسية والكثير من العمل يمكن أن تتقدم»، مكررا القول إن «إيران لن تقبل بغير اتفاق متوازن يقوم على أساس العدل ولا يمس عزة الشعب الإيراني»، منبها إلى أن «التوصل لاتفاق جيد يعتبر ضمانا لاستمراره، وأن أي اتفاق سيئ لن يدوم أمده».
وعبرت مصادر لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقادها أن يلعب علي أكبر صالحي وإرنست بيرنز وزير الطاقة الأميركي دورا كبيرا بما لهما من خبرة في مجال الطاقة النووية وإلمام كامل بتفاصيل البرنامج النووي الإيراني، من أجل إنجاح المفاوضات. وكان المتفاوضون قد استعانوا في الجولة السابقة بلوزان بكل من الرجلين، إلا أن الحالة الصحية لصالحي الذي تعرض لعمليتين جراحيتين خلال شهر مايو (أيار) قد أخرت من مشاركته في هذه الجولة، فيما حضر إرنست بصحبة كيري مبكرا.
وتريد المجموعة الدولية التأكد من أن البرنامج النووي الإيراني يقتصر على الجانب المدني، وأن طهران لا تسعى إلى حيازة القنبلة الذرية، في مقابل رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها. وتؤكد إيران أن برنامجها النووي هو لأغراض مدنية، وأن المخاوف الدولية بشأن سعيها للحصول على أسلحة نووية لا أساس لها.