إطلاق نار على مستوطنين في رام الله وجرح 4 يثير مخاوف تل أبيب

نتنياهو غاضب من عباس لعدم إدانته ووزير المعارف الإسرائيلي عدّ السلطة «جزءًا من محور الإرهاب»

إطلاق نار على مستوطنين في رام الله وجرح 4 يثير مخاوف تل أبيب
TT

إطلاق نار على مستوطنين في رام الله وجرح 4 يثير مخاوف تل أبيب

إطلاق نار على مستوطنين في رام الله وجرح 4 يثير مخاوف تل أبيب

تفحص أجهزة الأمن الإسرائيلية إمكانية وقوف جهة واحدة خلف سلسلة من العمليات التي نفذها فلسطينيون خلال شهر رمضان الحالي، واستهدفت جنودا ومستوطنين، وآخرها إصابة 4 مستوطنين في هجوم مسلح على سيارتهم وقع في شمال رام الله في الضفة الغربية، ليلة الاثنين/ الثلاثاء، أو أن تكون عمليات فردية. وفي الحالتين، يتحدث الإسرائيليون عن متهم رئيس واحد، على الأقل، هو «شهر رمضان».
ولم يخف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، حين قال: «إن شهر رمضان تحول إلى شهر من الإرهاب والويلات». وتعهد بأن ستحارب إسرائيل «الإرهاب الذي يستهدف مواطنيها بكل حزم وتصميم».
وكان ريفلين يعقب على هجوم مسلح نفذه فلسطينيون شمال رام الله، وأدى إلى إصابة 4 مستوطنين بينهم واحد في حالة الخطر الشديد، يرقد في قسم العناية المركزة في مستشفى «شعاري تصيدق» في القدس.
وروى يئير هوفر، وهو واحد من المستوطنين الذين أصيبوا في العملية قرب مستوطنة «شيفوت راحيل»، المقامة على أراضي قرية قريوت بين رام الله ونابلس، ما حدث معه، فقال: «في طريق عودتنا خرجت علينا سيارة كانت تسير بهدوء، وفجأة سمعنا رشقة من الطلقات النارية. أدركنا فورا أن الرصاص يستهدفنا. كنا على بعد بضعة أمتار فقط. لم نستطع أن نفعل شيئا، انتظرناهم حتى انتهوا، لكنهم لم يذهبوا بسرعة، تحركوا بكل برود أعصاب، وكنا نخشى أن يعودوا للإجهاز علينا».
وأضاف: «لن أنسى أبدا هذا الشعور. عجز وخوف ورعب، في محاولة لحماية نفسك من شخص يريد أن ينهي حياتك ولا تستطيع أن تفعل له شيئا».
وجاءت العملية، بعد سلسلة من العمليات أشعلت مخاوف من تدهور الموقف في المنطقة مجددا.
وفي وقت سابق، قالت الشرطة إن امرأة فلسطينية طعنت جندية إسرائيلية عند معبر بين القدس وبيت لحم، وأصابتها.
وأطلق جنود إسرائيليون النار يوم الجمعة على مسلح فلسطيني في الضفة الغربية وقتلوه، بعد أن فتح النار عليهم عند نقطة تفتيش.
وفي وقت سابق الشهر المنصرم، طعن فلسطيني شرطيا إسرائيليا، خارج القدس، وأصابه بجروح. ورد عليه الشرطي بإطلاق النار فأصابه أيضا. وفي الضفة الغربية، أطلق مسلح يشتبه في أنه فلسطيني، النار على إسرائيليين فقتل أحدهما ولاذ بالفرار.
وقال مسؤول إسرائيلي تعقيبا على الهجمات: «ثمة سلسلة عمليات خلال فترة قصيرة، إنه شهر رمضان. هناك تحريض متصاعد، إنهم يرون برامج أكثر على التلفزيون ويستمعون إلى خطب أكثر في المساجد».
وفيما نجحت العمليات الفلسطينية الأخيرة، إلا أن كثيرا منها لم ير النور بحسب أجهزة الأمن الإسرائيلية.
وتشير معطيات أمنية إلى أن الجيش الإسرائيلي أحبط، منذ مطلع العام الحالي، 31 عملية إطلاق نار في الضفة الغربية. وأثار هذا الرقم قلقا حقيقيا في إسرائيل، التي باتت تخشى من تفاقم متعمد للوضع.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «المحاولات للاعتداء علينا لا تتوقف ولو للحظة. وقام الشاباك وجيش الدفاع بإحباط العشرات من العمليات الإرهابية منذ بداية العام الحالي، وكان قد جرى إحباط أكثر من 200 عملية إرهابية منذ بداية عام 2014».
وعبر نتنياهو عن غضبه من عدم إدانة السلطة الفلسطينية لتلك العمليات، قائلا: «يجب أن يزعج ذلك ليس إسرائيل وحسب، بل أيضا المجتمع الدولي كله. ومن لا يقف بشكل لا لبس فيه ضد الإرهاب لا يستطيع أن يغسل يديه منه».
وشارك ريفلين، نتنياهو تعبيره عن خيبة الأمل من عدم إدانة السلطة للعمليات. بل ذهب وزير المعارف الإسرائيلي، نفتالي بينت، إلى دعوة الحكومة الإسرائيلية للنظر إلى السلطة الفلسطينية على أنها «جزء من محور الإرهاب»، وقال: «إن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ليس شريكًا للسلام بل للإرهاب». وتابع: «إنه يدعم عائلات المخربين من جهة، ويرفع الدعاوى ضد إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية لتقييد حرية عملها».
وفي مقابل هذا التحريض، أشارت معطيات إسرائيلية حديثة، إلى أن التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية يجري على قدم وساق، إذ أعادت السلطة إلى إسرائيل منذ مطلع العام الحالي، 25 مخزونا من الوسائل القتالية والأسلحة التابعة للجيش، كما أعادت 231 مواطنا إسرائيليا دخلوا المناطق الفلسطينية عن طريق الخطأ أو من دون تصاريح.
وفيما التزمت السلطة الصمت تجاه عملية إطلاق النار على المستوطنين، دعت حماس إلى «دعم المقاومين». وقال المتحدث باسمها، حسام بدران «إن عمليات استهداف الاحتلال الأخيرة تمثل تطورًا نوعيًا مهمًّا له ما بعده، سواء عمليات إطلاق النار التي تستهدف جنود الاحتلال ومستوطنيه، أو عمليات الطعن التي ينفذها رجال ونساء بمبادرات فردية».
ودعا بدران إلى «تكثيف وتراكم عمليات استهداف الاحتلال بالضفة المحتلة»، مضيفا: «نرى في تراكمها خطوة مهمّة للعودة إلى الوضع الطبيعي في التعامل مع الاحتلال، وصولاً إلى المواجهة الشاملة المباشرة على طريق دحر الاحتلال».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.