عون يهاجم «المنظومة»... ويسلم القصر للفراغhttps://aawsat.com/home/article/3960491/%D8%B9%D9%88%D9%86-%D9%8A%D9%87%D8%A7%D8%AC%D9%85-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D9%85%D8%A9%C2%BB-%D9%88%D9%8A%D8%B3%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%B1-%D9%84%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%BA
عون يهاجم «المنظومة»... ويسلم القصر للفراغ
قبل استقالة «الحكومة المستقيلة»... وميقاتي أكَّد أنَّها «ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة»
الرئيس اللبناني المنتهية ولايته يستعرض حرس الشرف قبيل مغادرته القصر الرئاسي في بعبدا أمس (أ.ب)
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
عون يهاجم «المنظومة»... ويسلم القصر للفراغ
الرئيس اللبناني المنتهية ولايته يستعرض حرس الشرف قبيل مغادرته القصر الرئاسي في بعبدا أمس (أ.ب)
سلّم الرئيسُ اللبناني ميشال عون قصرَ بعبدا الرئاسي الذي غادره أمس، قبل يوم واحد من نهاية ولايته، للفراغ بعد تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مصوّباً هجومَه على خصومه أمام حشد من مناصريه احتشدوا في ساحات القصر.
وأعلن عون أنَّه انتقل إلى مرحلة جديدة «تبدأ بنضال قوي لاقتلاع الفساد من جذوره»، معتبراً أنَّ «لبنان يعود إلى الحياة بعد إنهاء نفوذ من شلّ القضاء وأوقف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت»، مستكملاً في آخر أيامه في قصر بعبدا، الهجوم على خصومه، متَّهماً إياهم بحماية حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، كما انتقد القضاء، ورأى أنَّ «عدم إقرار قانون الكابيتال كونترول حتى الآن، هو بهدف استمرار السماح بخروج الأموال إلى الخارج».
ولم يشأ عون الخروجَ قبل توقيع مرسوم استقالة حكومة تصريف الأعمال الحالية، منفذاً بذلك تهديداً سابقاً، اعتبرته قوى سياسية «لزوم ما لا يلزم»، باعتبار أنَّ الحكومة مستقيلة بالفعل بقوة الدستور الذي ينصُّ صراحةً على اعتبارها مستقيلة مع بداية عهد البرلمان الجديد في يونيو (حزيران) الماضي.
لكن عون أرفق ذلك برسالة طلب فيها من البرلمان سحب تكليف تأليف الحكومة من الرئيس نجيب ميقاتي، في سابقة لم تحدث في تاريخ لبنان. وفيما أكد ميقاتي أنَّ الحكومة «ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة»، كشف رئيس البرلمان نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» أنَّه سيدعو خلال اليومين المقبلين مجلسَ النواب للاجتماع لمناقشة رسالة عون «وفقاً للأصول»، لكنه اعتبر أنَّ الحكومة «مستقيلة بموجب المادة 69 من الدستور. ...المزيد
«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.
على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.
يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.
في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».
يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.
على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.
يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».
وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».