ليبيا الغنية بالنفط تكافح ظاهرة التسول

مخاوف من استغلال الأطفال في أعمال غير مشروعة

لقاء سابق جمع وزيرة الشؤون الاجتماعية بحكومة «الوحدة» المؤقتة وضابطات قطاع الأمن لمناقشة ظاهرة التسول (الوزارة)
لقاء سابق جمع وزيرة الشؤون الاجتماعية بحكومة «الوحدة» المؤقتة وضابطات قطاع الأمن لمناقشة ظاهرة التسول (الوزارة)
TT

ليبيا الغنية بالنفط تكافح ظاهرة التسول

لقاء سابق جمع وزيرة الشؤون الاجتماعية بحكومة «الوحدة» المؤقتة وضابطات قطاع الأمن لمناقشة ظاهرة التسول (الوزارة)
لقاء سابق جمع وزيرة الشؤون الاجتماعية بحكومة «الوحدة» المؤقتة وضابطات قطاع الأمن لمناقشة ظاهرة التسول (الوزارة)

تصاعدت في ليبيا بشكل لافت ظاهرة التسول بين شرائح مجتمعية من مواطني الدولة والوافدين إليها، وخصوصاً الأطفال المهاجرين غير النظاميين، في وقت أعلنت فيه وزارة الشؤون الاجتماعية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، تصديها لهذه الممارسات التي وصفتها بأنها «تؤثر على أمن المجتمع».
وسبق للوزارة تشكيل لجنة دائمة لمكافحة الظاهرة، وذلك كخطوة أولى للحد منها، وقال مركز الدراسات الاجتماعية بالوزارة، إن التسول يؤدي إلى «تفكك المجتمعات نتيجة لانحراف أفراده عن الطريق الصحيح»، لافتاً إلى أنه «أصبح ظاهرة ومهنة».
وحذرت منظمات حقوقية محلية، اليوم، من التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة، وتناميها في المجتمع، مطالبة السلطات المعنية في ليبيا بالتصدي لها ومعالجة أسبابها اجتماعياً واقتصادياً، مخافة استغلال الأطفال في أعمال غير مشروعة.
ولفتت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إلى استمرار ظاهرتي التسول، وانتشار الباعة الجائلين من الأطفال، الذين يتوزعون على الطرقات العامة بمدينة طرابلس وضواحيها.
ورأت اللجنة الوطنية، في تعليقها على هذه الظاهرة، اليوم، أن استمرارها «يمثل انتهاكاً لحقوق الطفل وفق التشريعات المحلية والالتزامات الدولية الملقاة على عاتق السلطات الليبية المختصة».
وقالت إن فريق قسم تقصي الحقائق والرصد والتوثيق ومكتب شؤون المرأة والطفل باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، رصد خلال جولاته الميدانية تصاعد هذه الأفعال من الأطفال، وخصوصاً القُصّر منهم.
وأشار فريق اللجنة إلى أن هذه الممارسات من الأطفال «تتم بدعم من ذويهم في أماكن مختلفة بمدينة طرابلس وضواحيها».
متابعاً: «هذا الأمر يُعتبر انتهاكاً صريحاً لحقوق الطفل، وتترتب عليه مسؤولية قانونية وجنائية تطال أسر هؤلاء الأطفال».
وجددت اللجنة الوطنية مطالبتها وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى اللجنة العليا للطفولة، بـ«تحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية والوطنية تجاه هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال».
ودعت اللجنة إلى «مساءلة من يُشتبه في إرغامه الأطفال على التسول، أو إجبارهم على العمل»، منبّهة إلى أن «استمرار مثل هذه الظواهر سيؤدي إلى آثار وتداعيات سلبية على المستوى الإنساني والنفسي والاجتماعي، لهذه الشريحة بشكل خاص، والمجتمع بشكل عام».
وسبق للأجهزة الأمنية في عموم ليبيا، ضبط مجموعات من النساء والأطفال من مختلف الجنسيات، يمتهنون التسول في شوارع العاصمة.
وقالت مديرية أمن طرابلس، إن الحملة التي تشنها من وقت لآخر، جاءت بعد تزايد عدد المتسولين والمتسولات من مختلف الجنسيات بشكل كبير جداً؛ استغلالاً لعطف المواطن.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.