الانقلابيون يشددون الخناق على اليمنيات بمنع السفر داخلياً وخارجياً

الميليشيات استحدثت تشكيلاً أمنياً خاصاً لمراقبة حفلات الزفاف

«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)
«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)
TT

الانقلابيون يشددون الخناق على اليمنيات بمنع السفر داخلياً وخارجياً

«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)
«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)

على الرغم من أنها في العقد السابع من العمر؛ فإن نقطة تفتيش الميليشيات الحوثية في المنفذ الجنوبي للعاصمة صنعاء أعادت كريمة ومنعتها من السفر؛ لأنه لا يوجد معها مرافق من المحارم، واضطرت المرأة للانتظار عدة أيام حتى وجدت أسرة وافقت على اصطحابها معها إلى مدينة عدن؛ حيث العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية الشرعية.
ويذكر نجل المرأة -واسمه فهمي- لـ«الشرق الأوسط»، أن حاجز التفتيش الذي أقامته الميليشيات الحوثية في منطقة قاع القيضي في المدخل الجنوبي لصنعاء أعاد والدته المسنة الأسبوع الماضي؛ حيث أنزلوها من الحافلة التي كانت تقل الركاب المتجهين إلى عدن، ومعها 4 نساء أخريات؛ حيث طُلب منهن العودة من حيث أتين، بسبب عدم وجود أحد المحارم لمرافقتهن، ويوضح أن والدته اضطرت للانتظار عدة أيام حتى وجدت أسرة معروفة مسافرة إلى عدن، ووافقت على اصطحابها معهم.
بينما يشرح أحمد يحيى -وهو موظف تجاري- كيف أنه وزملاءه أمضوا ساعة كاملة في حاجز التفتيش نفسه، خلال عودتهم من محافظة ذمار إلى العاصمة. وقال إنهم عندما استفسروا عن السبب أُبلغوا أن أفراد الحاجز مشغولون بتفتيش حافلات النقل الجماعي وسيارات الأجرة، للبحث عن النساء المسافرات إلى محافظات أخرى، والتأكد من وجود مرافق لكل امرأة من المحارم، أو يقومون بإنزالها وإعادتها.
- إهانة أستاذة جامعية
نشرت القيادية النسائية لمياء الإرياني قصة أرملة في عقدها الخامس، تعمل أستاذة جامعية في مجال الكيمياء الحيوية، وقالت إنها تلقت دعوة لحضور مؤتمر في الخارج، إلا أنها أُعيدت إلى صنعاء من إحدى النقاط، وهي في طريقها إلى عدن، بواسطة مراهق حوثي لا يتجاوز عمره الثامنة عشرة من عمره، ولا يعرف ما هي الكيمياء الحيوية؛ بحجة أن لا محرم معها.
وذكرت لمياء الإرياني أن الأستاذة الجامعية توفي زوجها، وهاجر ابنها مثل الكثيرين، جراء بؤس الأوضاع، كما أن أخاها الوحيد ليس مستعداً لترك عمله كي يرافقها للخارج، كما أنهما ليست لديهما القدرة المالية لتغطية سفرهما معاً؛ لأنها كانت مسافرة على نفقة المؤتمر. وقالت إن الأستاذة الجامعية معتكفة في بيتها، تعاني الاكتئاب النفسي من الحصار والإقامة الإجبارية.
وبحسب ناشطات يمنيات، فإن سلطة الانقلابيين الحوثيين وجهت عناصرها في مطار صنعاء بمنع سفر أي امرأة إلا بصحبة مرافق من أحد المحارم، وألغت التعميم السابق الذي تم العمل به لأكثر من عام، الذي كان ينص على السماح للنساء بالسفر في حال أحضرت موافقة معمدة من ولي أمرها؛ حيث كانت شركات النقل الجماعي وتأجير السيارات تطلب حضور ولي الأمر إلى المكتب والتوقيع على نموذج معد لهذا الغرض، ويتم إرساله إلى سلطة الانقلابيين قبل موعد الرحلة بـ24 ساعة، بينما تشترط سلطة الجوازات في مطار صنعاء إحضار موافقة ولي الأمر معمدة من المحكمة.
وأصدر كتاب ومثقفون يمنيون بياناً تضامنياً مع النساء، طالبوا من خلاله سلطة الانقلاب بالتوقف عن وضع العراقيل أمام حق المرأة في السفر، واعتبروا أن هذه الإجراءات «تزيد من القيود المفروضة على تنقل النساء»، وأكدوا «حق المرأة في السفر»، وطالبوا بإزالة كل القيود أسوة بالرجل.
- تشكيل أمني جديد
بالتزامن مع القيود التي ستؤثر على العمل الإغاثي، وتجعل من الصعوبة وصول العاملات إلى تجمعات النازحين والمحتاجين للمساعدات، كشف أحد الوجاهات الاجتماعية في محافظة عمران عن استحداث الميليشيات تشكيلاً أمنياً خاصاً بالزواج، مهمته وضع ضوابط إقامة حفلات الأعراس، والرقابة على الالتزام بتلك التعليمات.
ويقول عبد الملك المأخذي إنه بدأ الاحتفال بزفاف ابنته في محافظة عمران، إلا أنه فوجئ بعربة مسلحة من عناصر الشرطة النسائية تداهم القاعة، وتوقف التصوير، وتصادر الكاميرا، قبل أن يتم استدعاؤه إلى إدارة الأمن التي اكتفت في البداية بتفتيش محتوى الكاميرا، ولما لم يجدوا غير صور العروس، أبلغوه أنه قد ارتكب مخالفة بالتصوير.
ووفق ما أورده المأخذي، فإن إدارة الأمن قامت بعد ذلك باعتقال مالك الصالة التي تم استئجارها لإقامة حفل الزفاف؛ لأنه لم يحصل على تصريح مسبق من التشكيل الأمني الجديد المسمى لجنة الزواج، وأنه عندما عاد للمطالبة بالإفراج عن مالك الصالة تم إبلاغه أن هناك توجيهات عليا بإيداعه الحبس؛ حيث أمضى في السجن عدة ساعات، قبل أن يتدخل وسطاء ويضمنون إطلاق سراحه.
وكانت الميليشيات الحوثية قد نفذت حملات مداهمة لمحال بيع الملابس النسائية، ومصادرة كميات منها بحجة أنها تخالف تعليمات زعيمهم، كما داهموا مراكز تعلم اللغة الإنجليزية والمقاهي بحجة محاربة الاختلاط، كما أقاموا حواجز من الطوب في القاعات الدراسية في جامعة صنعاء، لفصل الذكور عن الإناث خلال المحاضرات.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.