تصاعد نفوذ إيران في الأجهزة العسكرية السورية.. وأنباء عن استياء روسي من هيمنتها

ناشطون: قيادي بالحرس الثوري يقتحم قريتين علويتين لإحضار المتخلفين عن التجنيد

رجال شرطة يقدمون الماء لمهاجرين سوريين عبروا أمس إلى هنغاريا من صربيا (رويترز)
رجال شرطة يقدمون الماء لمهاجرين سوريين عبروا أمس إلى هنغاريا من صربيا (رويترز)
TT

تصاعد نفوذ إيران في الأجهزة العسكرية السورية.. وأنباء عن استياء روسي من هيمنتها

رجال شرطة يقدمون الماء لمهاجرين سوريين عبروا أمس إلى هنغاريا من صربيا (رويترز)
رجال شرطة يقدمون الماء لمهاجرين سوريين عبروا أمس إلى هنغاريا من صربيا (رويترز)

قال معارض سوري لـ«الشرق الأوسط»، إن روسيا مستاءة من هيمنة إيران على قرار الرئيس السوري بشار الأسد منذ 5 أشهر، مشيرًا إلى أن «تفكيك الجيش لصالح الميليشيات، جرى بإيعاز إيراني»، في وقت قال ناشطون إن قوات تابعة للحرس الثوري الإيراني مدعومة برجال أمن سوريين، اقتحموا قريتين علويتين مؤيدتين للنظام لإحضار المتخلفين عن التجنيد.
وذكر «مركز حماة الإعلامي» المعارض، أن «قوات تابعة للحرس الثوري الإيراني مدعومة بعناصر من الأمن العسكري والجوي التابعة للنظام، اقتحمت، مساء أول من أمس (الأحد)، قريتي البارد والقاهرة العلويتين المواليتين للنظام وسط إطلاق نار كثيف وشن حملة دهم لعدد كبير من منازل المدنيين في القريتين»، مشيرة إلى أنه «جرت عمليات اعتقال طالت أكثر من 40 شابًا من أبنائها اقتيدوا إلى مقر العمليات العسكرية في معسكر جورين في ريف حماة الغربي».
وأفاد المركز بأن أوامر الدهم والاعتقال «صدرت عن القيادي الإيراني عِفاري، قائد العمليات العسكرية في ريف حماة، بعد أن رفض أبناء هذه القرى الالتحاق بصفوف قوات النظام والمشاركة في المعارك الدائرة في البلاد»، لافتًا إلى «مؤشرات عن نية القوات الإيرانية دهم قرى علوية أخرى رفض أبناؤها الالتحاق بصفوف قوات النظام».
والتدخل الإيراني في المفاصل العسكرية والأمنية السورية، موثق في فيديوهات، أهمها الفيديو الذي سربه (لواء داود) قبل مبايعة داعش، ويظهر دور الحرس الثوري الإيراني في إدلب وحلب. كما بثت الجبهة الجنوبية أخيرًا صورًا تظهر مقاتلين من الحرس الثوري الإيراني في درعا، ووجد الفيديو في هاتف مقاتل إيراني قتل في إحدى المعارك، ويظهر الشريط مقابلات لقياديين إيرانيين.
وقال المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، إن العنصر الأجنبي المقاتل في صفوف النظام «يحظى بتسهيلات وتقدير، ويتمتع بامتيازات كبيرة»، مشيرًا إلى أن «العنصر السوري في صفوف النظام، لم تعد له فاعلية، واستنزفت قدراته، فلجأ النظام إلى ميليشيات ومقاتلين من الخارج ومنحهم حقوقًا وامتيازات وقدرات وتقدير».
وقال إن للإيرانيين «دورًا كبيرًا وامتيازات، أهمها إمكانية الوصول والمرور بسهولة ودون عرقلة في سائر أنحاء البلاد، خصوصًا في دمشق وريفها وحلب وحمص، بينما المقاتل العادي في جيش النظام يخضع للتفتيش والتدقيق على حواجز المخابرات».
وأوضح أبو زيد أن الغوطة الشرقية، تتضمن غرفة عمليات مشتركة بين «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني والحرس الجمهوري السوري والفرقة الرابعة، تقع في مقر غرفة المخابرات الجوية في البانوراما في دمشق. أما في ميدانيا، فإن المقاتلين الإيرانيين وحلفاءهم، موجودون على رأس العمليات الميدانية، ويتوزعون في تشكيلات صغيرة في مفاصل الجيش السوري». وأضاف: «إن دورهم العسكري متقدم عن المقاتل السوري العادي، واستطاعوا أن يفرضوا رأيهم على الضباط السوريين، بحيث لا كلمة مسموعة للضابط السوري إذا كان بحضور الإيراني أو قيادي بـ«حزب الله».
ولا يقتصر النفوذ الإيراني في الدولة السورية على الجهاز العسكري، إذ يؤكد مدير مركز «مسارات» السوري المعارض، لؤي المقداد، لـ«الشرق الأوسط»، أن إيران «تغلغلت في مفاصل الدولة السورية وأمسكت بقرارها بعد تفكيك الجيش السوري وتشكيل ميليشيات وفصائل غير منظمة»، مشيرًا إلى أن تفكيك الجيش «أثار استياء موسكو». وقال إن روسيا «اكتشفت أن الدعم والسلاح الذي تقدمه للجيش السوري، لا يذهب إلى الجيش بل إلى الميليشيات».
وقال المقداد: «في السابق كان المسؤولون الروس يقولون إنه ممنوع المساس بالجيش السوري، لكن الظرف الآن تغير، وذهب الجيش السوري وحلت مكانه الميليشيات التي شكلها الإيراني، وقدم الدعم لها، فلم يعد جيش النظام موجودًا»، مضيفًا أن ذلك «جرى عبر خطة إيرانية لإنشاء كيانات بديلة للجيش السوري، يسهل القبض على قرارها وتحريكها، وبدلاً من دفع المجندين إلى الجيش، جرى دفعهم إلى ميليشيات وكيانات ودروع أنشئت مثل درع الجزيرة أو درع الوطن في السويداء».
وأوضح المقداد أن هذه الخطة «مهّدت لها طهران من خلال إشراك حزب الله باسمه، وليس بأسماء مساعدة للجيش، وذلك أن الإيراني حريص على تبديد القوة السورية، وقد بدأ بخطة إمساك زمام الأمور بيديه، ليكون هرم السلطة والأجهزة الأمنية تحت إمرته، ذلك أنه «يستعد للمفاوضة ببشار الأسد، والمقايضة عليه، ويكون شريكًا بأي حل في سوريا حين تكون هناك ميليشيات تحت إمرته».
وقال المقداد: «إن التغلغل الإيراني في مركز القرار السوري، تدرج من تقديم القروض للنظام، ثم شراء العقارات في دمشق وريفها، قبل أن يتحول إلى إدارة الملف كاملاً بشكل مباشر، وتخصيص حراس شخصيين للأسد من الحرس الثوري الإيراني». وأشار إلى أن إدارة الملف السوري في طهران «ستكون عبر قنوات، بينها أن ضباطًا تلقوا التدريبات العقائدية في إيران يدينون بالولاء لطهران، وأعدتهم إيران لاستلام مناصب عسكرية وأمنية في البلاد». وأضاف أن ذلك «كان شرطًا إيرانيًا للاستمرار بدعم بشار الأسد».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.