هادي يحذر من مؤامرات تسعى إلى تقسيم اليمن .. ويدعو المغرر بهم للعودة إلى الصواب

الحكومة اليمنية تدعو المواطنين للوقوف إلى جانب «المقاومة»

طفلتان تحملان صورة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير بمدينة إب اليمنية ضمن مسيرة سابقة لدعم الرئيس الشرعي للبلاد (غيتي)
طفلتان تحملان صورة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير بمدينة إب اليمنية ضمن مسيرة سابقة لدعم الرئيس الشرعي للبلاد (غيتي)
TT

هادي يحذر من مؤامرات تسعى إلى تقسيم اليمن .. ويدعو المغرر بهم للعودة إلى الصواب

طفلتان تحملان صورة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير بمدينة إب اليمنية ضمن مسيرة سابقة لدعم الرئيس الشرعي للبلاد (غيتي)
طفلتان تحملان صورة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير بمدينة إب اليمنية ضمن مسيرة سابقة لدعم الرئيس الشرعي للبلاد (غيتي)

تكثف القيادة اليمنية نقاشاتها بشأن تطورات الأوضاع القائمة في الساحة اليمنية، ورأس الرئيس عبد ربه منصور هادي، بحضور نائبه، رئيس مجلس الوزراء، خالد محفوظ بحاح، اجتماعا لمجلس الدفاع الوطني، وقال مصدر رسمي إن الاجتماع ناقش «الأوضاع العسكرية والميدانية والترتيبات اللازمة في هذه المرحلة، وما تقوم به ميليشيات الحوثي وصالح من أعمال تخريبية وقتل الأبرياء وتدمير الممتلكات العامة والخاصة في عدد من المحافظات»، كما جرى بحث «جملة من القضايا المرتبطة بترتيب الأوضاع في المؤسسة العسكرية، بما ينسجم مع متطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية»، وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» إن هادي شدد على «الجميع التعاون الجاد مع الأجهزة الأمنية بمصداقية وتفان، وفرض إرادة الدولة وإحلال الأمن والسلام في جميع أرجاء الوطن لينعم الجميع بالأمن والاستقرار»، وحذر الرئيس اليمني من «المؤامرات التي تسعى إلى إعادة وطننا اليمني الواحد إلى عهود الظلام الإمامية والتشطير البغيض الذي يرفضه كل اليمنيين دون استثناء»، مؤكدًا أن «شعبنا ومؤسساته الوطنية الكبرى سيحبطون أي مؤامرات ولن يقبلوا بالعودة إلى الماضي مهما كان الأمر».
وقال الرئيس اليمني إن «هذه الأوضاع والظروف الصعبة والتحديات التي يشهدها اليمن، لن تعيقنا عن تأدية مهامنا وواجباتنا تجاه الشعب والوطن، وسنبذل كل الجهود من أجل إعادة الأمور إلى طبيعتها، وإحلال الأمن والاستقرار في كل أنحاء الوطن»، واستنكر الاجتماع «الأعمال الإجرامية التي تقوم بها الميليشيات الانقلابية في مختلف المحافظات ضد أبناء الشعب اليمني المسالم وضد مؤسسات الدولة، التي كان آخرها استهداف ميناء الزيت بمحافظة عدن، الذي يدل على إفلاس تلك الميليشيات أخلاقيا واجتماعيًا وسياسيًا»، ودعا هادي إلى «العمل بروح المسؤولية الوطنية في الحفاظ على أمن واستقرار الوطن والمواطن بعيدًا عن الصراعات المذهبية المقيتة والمناطقية الجهوية التي لم تخلف للوطن سوى الدمار والخراب وإشعال نار الفتن بين أفراد المجتمع وإدخال الوطن في أتون صراعات لا نهاية لها»، وجدد هادي دعوته إلى «القيادات العسكرية المغرر بهم للعودة إلى جادة الصواب والوقوف إلى جانب الوطن والتجرد من الولاءات للأشخاص، وأن يكون ولاؤهم المطلق لله، وللوطن والدفاع عنه بكل الوسائل».
وفي غضون ذلك، كشف مصدر يمني رفيع أن الاجتماعات التي عقدت خلال الأيام الماضية بين القيادات العسكرية والمقاومة الشعبية وشخصيات اعتبارية في عدن جنوب اليمن، أسفرت عن اتفاق جماعي على تشكيل مجلس عسكري برئاسة أحد مستشاري الرئيس عبد ربه منصور هادي، يقوم بدور التنسيق والمتابعة والتخطيط للمرحلة المقبلة ميدانيًا لمواجهة الحوثيين وحليفهم علي صالح.
وقال المصدر في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «ملف تحرير العاصمة المؤقتة (عدن) سيتسلمه أربعة قيادات عسكرية بعد الاتفاق على توليها هذه المهام في المرحلة المقبلة، خاصة أن هذه القيادات العسكرية لديها باع وخبرة طويلة في القطاع وعملت في مواقع كثيرة ضمن النطاق الجغرافي للجزء الجنوبي من اليمن، ويعول عليها في تسيير المعركة وإدارتها وإعادة المدينة على ما كانت عليه قبل 3 أشهر من اقتحام الانقلابين للمحافظات الجنوبية».
وحول آلية انتساب أفراد المقاومة الشعبية في القوات النظامية، قال المصدر إن «هناك تنسيقًا مع القيادة العسكرية في هذا الشأن، وهناك إجراءات يجب اتباعها لإدخال أفراد المقاومة في القطاعات العسكرية، والمعمول بها في كل دول العالم، التي في مقدمتها البنية الجسمانية للمنخرطين في الجيوش، خاصة أن جميع أفراد المقاومة هم من أبناء عدن الذين سارعوا إلى الدفاع عن مدينتهم دون النظر في الأمور الجانبية والرئيسية، وفي مقدمتها العمر والصحة العامة للفرد، وهو ما سيركز عليه في الفترة المقبلة»، موضحًا أنه «بدأت عملية ضم أفراد من المقاومة في السلك العسكري الذي بدأت القيادات العسكرية في إنشائه».
وأضاف المصدر أن «مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي لشؤون الدفاع يقوم بجولات مكوكية في كل المحافظات ويقوم بعمل كبير ومتواصل مع الإخوة في قيادة المنطقة الرابعة، إضافة إلى مساعيه لإعادة العسكريين السابقين الذي تركوا مواقعهم إبّان عملية الانقلاب على السلطة الشرعية، وينسق مع قيادات في المقاومة الشعبية التي كانت تنسق مع المنطقة الرابعة العسكرية منذ اللحظات الأولى لانطلاق المقاومة الشعبية، وكانت المنطقة الرابعة ترسل قادة عسكريين إلى جبهات المقاومة لمساندتها في التسليح العسكري، كما شمل التنسيق بين الجانبين إدارة المعارك من قبل قيادات المنطقة الرابعة».
من جهة أخرى، دعت حكومة خالد محفوظ بحاح، المواطنين اليمنيين إلى الوقوف إلى جانب المقاومة الشعبية لوقف حالة الانهيار التي يعيشها اليمن جراء تصرفات الميليشيات الحوثية المتحالفة مع المخلوع علي عبد الله صالح. ومنذ الانقلاب على الشرعية الدستورية واليمن يعيش على وقع الاقتتال والاحتراب الذي تسببت فيه الميليشيات وقوات المخلوع، في وقت كثفت فيه الميليشيات الحوثية في شهر رمضان الكريم، أساليب النهب والسلب للأموال وتحصيلها بطرق مختلفة، وبصورة غير قانونية، وأكد بعض المقربين من قيادات في حركة «أنصار الله» الحوثية أن كثيرا من هذه القيادات، في مختلف المستويات، باتوا متخمين جراء الاتجار غير المشروع بالمشتقات النفطية والمواد الإغاثية التي يقدمها كثير من الدول والمنظمات لليمن، لمواجهة شبح الجوع والمجاعة التي تتهدد البلاد، بحسب تصريحات أطلقها مسؤولون أمميون، في الوقت الذي وجهت فيه الانتقادات إلى هذه الجماعات التي دمرت الدولة اليمنية منذ انقلابها على الشرعية وسيطرتها على كل مؤسسات الدولة.
وكشفت مصادر حكومية يمنية أن الحوثيين وجهوا الجهات المعنية بصرف مبالغ مالية كبيرة لعناصر الميليشيات في شهر رمضان، بصورة مخالفة للقانون وعلى حساب موظفي الدولة المستحقين. وأدان مصدر في حكومة خالد محفوظ بحاح «التصرفات التي تقوم بها الميليشيات الانقلابية واستيلاءها على المال العام والتصرف به بطريقة همجية»، وذكر المصدر أن «الميليشيات الانقلابية قامت بتحرير رسالة إلى وزير المالية والبنك المركزي وتوجيههما بصرف مخصصات مالية لعدد 37 ألفا من الميليشيات دون وجه حق، وتمنع وصول المرتبات إلى الموظفين الحكوميين في هذا الشهر الفضيل». وأضاف المصدر الحكومي أن «الميليشيات قامت بالاستيلاء على إكرامية شهر رمضان التي تصرفها الحكومة كل عام لموظفي الدولة، بل ووصل الأمر بها إلى الاستيلاء على أموال الجمعيات الخيرية وعلى أموال الإغاثة ومخازن أهل الخير التي توزع في الشهر الفضيل للفقراء والمحتاجين من أبناء الشعب اليمني».
واتهم المصدر «الميليشيات الانقلابية بنهب المعونات الإغاثية والإنسانية ومنع وصولها إلى الفقراء والمحتاجين، وتحويلها إلى تجار الحروب والفاسدين الجدد الذين أتوا باسم الدين وعبر نظرة عنصرية مقيتة»، ودعا المصدر «المواطنين للوقوف صفًا واحدًا إلى جانب المقاومة الشعبية في مختلف محافظات الجمهورية ووقف هذا الطوفان من الانهيار الأخلاقي الذي وصلت إليه هذه الميليشيات الانقلابية التي جردت من قيمها الإنسانية، وعقيدتنا السمحاء، وأصبحت تمارس عدوانها بلا هوادة على الشعب اليمني وعلى مؤسساته الأمنية والعسكرية والمدنية وبطريقة هستيرية لم يسبق لها مثيل في تاريخ اليمن المعاصر».
وحثت حكومة بحاح جميع اليمنيين على «التكاتف لمواجهة هذا الصلف الشيطاني الذي يحاول إشعال نيران الفتن بين أبناء الشعب اليمني الواحد الموحد،، ويقتل النفس المحرمة، ويدمر المنازل على رؤوس ساكنيها، وينهب ثروات ومقدرات الشعب، ويروع النساء والأطفال، ويعيث في الأرض فسادا، خاصة في مثل هذا الشهر الفضيل»، وقال المصدر إن «الحكومة ستعمل من خلال مؤسسات الدولة ومنتسبيها الشرفاء في مختلف الأجهزة على وقف مثل هذا النهب والعبث وعدم الرضوخ لهذا الابتزاز الرخيص التي تقوم به الميليشيات الانقلابية، والعمل بسرعة على تصحيح الوضع حتى لا تتعرض أموال الشعب ومرتبات الموظفين والعاملين في الدولة للنهب باسم مجهودات حربية للميليشيات المتمردة التي تعيث في الأرض فسادا وتدمر الممتلكات العامة والخاصة دون وجه حق».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.