البرلمان العراقي يمنح الثقة لحكومة السوداني

تعهد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الذي نالت حكومتهثقة مجلس النواب أمس، إجراء انتخابات برلمانية خلال عام، فيما تبدو محاولة منه لمغازلة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. وقال السوادني، خلال عرضه المنهاج الوزاري لحكومته، التي تخلف حكومة مصطفى الكاظمي، إن من بين ما يتعهد به هو «تعديل قانون الانتخابات النيابية خلال 3 أشهر وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام»، بالإضافة إلى «إجراء انتخابات مجالس المحافظات وتحديد موعد إجرائها في البرنامج الحكومي». كما تضمن المنهاج الوزاري التأكيد على التزام «الحكومة ببناء أدوات فعالة لمحاربة الفساد خلال مدة أقصاها 90 يوماً من تاريخ تشكيلها».
وأعلن السوداني أيضاً «إعادة النظر في جميع قرارات حكومة تصريف الأعمال اليومية؛ خصوصاً الاقتصادية والأمنية والتعيينات غير المدروسة وصرف مستحقات البترودولار للمحافظات المنتجة للنفط والغاز وإعادة النسبة المخصصة لهذه المحافظات إلى 5 في المائة للإنتاج والتكرير». كما أعلن رئيس الوزراء «توحيد السياسة الجمركية في جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية وغلق المنافذ غير الرسمية، وكذلك تخصيص موازنة كافية لتعويض المتضررين جراء العمليات الإرهابية والعسكرية بموجب القانون النافذ».
كما جاء في منهاجه الوزاري «استكمال إجراءات الاتفاق الخاص لملء الفراغ الأمني في الخطوط الدفاعية بين القوات الاتحادية والبيشمركة، ومعالجة العمل بالوكالة في إدارة مؤسسات الدولة خلال فترة 6 أشهر من تشكيل الحكومة وإرسالها إلى مجلس النواب على 3 وجبات للتصويت عليها». وتضمن المنهاج «تأكيد التنسيق بين حكومتي المركز والإقليم حول الملفات والقرارات التي تخص إقليم كردستان» فضلاً عن «الالتزام بتقديم ورقة إصلاحية اقتصادية شاملة مرتبطة ببرنامج تنفيذي محدد وضرورة التأكيد على إنشاء الصندوق السيادي باعتباره صمام الأمان للأجيال القادمة».
وفيما بدا أن مهمة حكومة السوداني - طبقاً لما أعلنه ائتلاف «إدارة الدولة»، وهو الجسم السياسي الذي يتبنى هذه الحكومة - تشكيل «حكومة خدمة» مثلما أسماها في بيان تأسيسه دون أن يحدد مدة معينة لها، فإن ما أعلنه السوداني حول تحديد عمر الحكومة المزمع تشكيلها «بسنة واحدة» تليها انتخابات مبكرة، قد بدا بمثابة مفاجأة للشارع العراقي ولكثير من القوى السياسية، ولا سيما تلك التي أعلنت عدم المشاركة فيها، مع دعمها، مثل تيار «الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، أو ائتلاف «النصر» بزعامة حيدر العبادي، أو الذهاب إلى المعارضة مثل بعض الكتل السياسية التي تمثل المستقلين.
ويرى البعض أنه رغم تعهد السوداني بإجراء انتخابات مبكرة في غضون سنة، مع تعديل قانون الانتخابات في غضون 3 أشهر، يبدو ذلك طموحاً وبعيد المنال في ظل استمرار الخلافات السياسية، ومن جانب آخر، بدأ مغازلة واضحة للتيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر. فالصدر الذي أعلن رفضه المشاركة في الحكومة طبقاً لوزنه الانتخابي قبيل انسحابه من البرلمان (73 نائباً) وذلك بمنحه 6 وزارات، فإنه لم يبدِ معارضة شديدة هذه المرة لتشكيل الحكومة؛ خصوصاً في سلسلة تغريداته الأخيرة التي تراجع فيها عن الانتقاد بقسوة، أو تحريك الشارع بالضد من توجهات القوى السياسية التي اتفقت على تشكيل حكومة محاصصة عرقية وحزبية وطائفية، على العكس ما كان يريده الصدر، وهو تشكيل حكومة أغلبية وطنية. وطبقاً للمجريات التي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية، فإن الكتل السياسية التي تمثل المكونات الرئيسية الثلاثة في البلاد؛ الشيعية والسنية والكردية، لم تمنح رئيس الحكومة التي تولت ترشيحه، الحرية الكافية لاختيار وزرائه، فضلاً عن إصرارها على تسلم وزارات معينة، وهي في العادة وزارتا الدفاع والداخلية، وأيضاً الوزارات المهمة الأخرى، مثل النفط والنقل والتخطيط، وغيرها.
فعلى صعيد الوزارات الأمنية، فإنه في الوقت الذي بقي التقسيم المذهبي لكلا الوزارتين، الدفاع للعرب السنة، والداخلية للشيعة، فإن الخلاف حول حسم المرشح لشغلهما من داخل الكتلتين الشيعية والسنية أخذ وقتاً طويلاً، قبل أن يعاد احتساب النقاط مرة، والتوازن المطلوب تحقيقه بين المحافظات مرة أخرى. ورغم أن السوداني ألزم نفسه ببرنامج صارم، لا تكفي سنة لتنفيذه، فإنه وضع نفسه تحت مجهر رصد زعيم المعارضة الشعبية مقتدى الصدر، بينما تبدو كل كتل البرلمان تقف خلف رئيس الوزراء بوصفه بات مرشحها كلها، وهو أمر من شأنه أن يضع رئيس الوزراء في مواجهة أخرى مع الشارع الرافض للمحاصصة التي يقول البعض إنها عادت مرة أخرى رغم المظاهرات والانتخابات التي جرت العام الماضي ولم تفض إلى أي تغيير في طبيعة تعاطي القوى السياسية مع متطلبات الشارع الذي من المتوقع أن تزداد نقمته، في حال لم تتمكن الحكومة المقبلة من تحقيق منجزات ملموسة خلال فترة وشيكة بعد نيلها الثقة.