مصر: «حزمة حماية» جديدة لمواجهة الغلاء

شملت رفع الحد الأدنى للأجور... ودعم البطاقات التموينية

مدبولي خلال اجتماع الحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال اجتماع الحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر: «حزمة حماية» جديدة لمواجهة الغلاء

مدبولي خلال اجتماع الحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال اجتماع الحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)

فيما عده مراقبون «إجراء جديدا لمواجهة الغلاء بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية»، اتخذت الحكومة المصرية «حزمة حماية اجتماعية» جديدة لمجابهة الغلاء في مصر، شملت «رفع الحد الأدنى للأجور، ودعم البطاقات التموينية».
في حين تواصل الحكومة المصرية متابعة «خطتها (العاجلة) لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي تتضمن 5 محاور من بينها، توسيع قاعدة المستفيدين من برامج الحماية الاجتماعية». وتؤكد الحكومة من وقت لآخر «توفر احتياطي (آمن) من السلع الاستراتيجية».
وأعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، (الأربعاء) أنه «وفقاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وافق مجلس الوزراء على إقرار (حزمة حماية اجتماعية) تشمل إقرار علاوة استثنائية لمجابهة (غلاء المعيشة) لجميع العاملين بالجهاز الإداري للدولة والشركات التابعة للدولة وأصحاب المعاشات بمبلغ 300 جنيه شهرياً ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل». وأشار مدبولي إلى أن «كل هذه الإجراءات جاءت لدعم المواطن للمساعدة في تخطي الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة».
والشهر الماضي أرسل مسؤولون وإعلاميون مصريون تطمينات بشأن «سلامة الموقف الاقتصادي» للبلاد، وسط إعلان إجراءات رسمية لـ«تعظيم الإنتاج الزراعي»، ودعم «الأمن الغذائي».
ووفق ما أوردته وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر. قال مدبولي خلال مؤتمر صحافي (الأربعاء) إن «المجلس قرر رفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة آلاف جنيه بدلا ًمن 2700 جنيه»، مضيفاً أنه «سيتم تقديم دعم مالي للقطاع الخاص والشركات التي تعثرت بسبب الأزمة الراهنة لدعم العمالة شريطة عدم الاستغناء عنها».
وتابع مدبولي أنه «تم التوافق أيضاً على توفير دعم للأسر على (البطاقات التموينية) بشرائح تتراوح من 100 و200 و300 جنيه، والتي يستفيد منها 10 ملايين مواطن، وذلك حتى 30 يونيو (حزيران) عام 2023».
وفي يوليو (تموز) الماضي، أصدر الرئيس المصري مجموعة قرارات تضمنت «ضم مليون أسرة إلى برنامج (تكافل وكرامة)، ليتجاوز حجم المستفيدين من البرنامج 20 مليون مواطن على مستوى ربوع البلاد، وصرف مساعدات استثنائية لعدد 9 ملايين أسرة لمدة 6 أشهر، بتكلفة إجمالية تقدَّر بنحو مليار جنيه شهرياً، تُصرف للأسر الأكثر احتياجاً، ولأصحاب المعاشات الذين يحصلون على معاش شهري أقل من 2500 جنيه (الدولار بـ19.65 جنيه)، إضافة إلى العاملين بالجهاز الإداري للدولة الذين يحصلون على راتب أقل من 2700 جنيه شهرياً»، حسب بيان صحافي من «الرئاسة المصرية» حينها.
من جهته، أكد مدبولي أن «مجلس الوزراء قرر عدم زيادة أسعار الكهرباء واستمرار أسعارها الحالية حتى 30 يونيو (حزيران) المقبل»، مشيراً إلى أنه «سيتم رفع الحد الأدنى للإعفاء الضريبي من 24 ألف جنيه إلى 30 ألف جنيه في العام»، مبيناً أن «المواطن الذي يبلغ دخله 2500 جنيه شهرياً أصبح غير مطالب بدفع ضرائب»، موضحاً أن «هذه الإجراءات ستُكلف الدولة 67 مليار جنيه في العام الواحد».
رئيس الوزراء المصري أشار إلى أن «بعض هذه القرارات سوف يتم صدورها كقرار (فوري) من مجلس الوزراء، لكن قرار العلاوة سيحال إلى البرلمان بمشروع قانون وسيتم خروجه في أسرع وقت، بالتنسيق الكامل مع البرلمان، حيث يبدأ المواطنون الاستفادة منه ابتداء من شهر نوفمبر القادم».
وكان مدبولي قد قال خلال اجتماع مجلس الوزراء (الأربعاء) إن «(المؤتمر الاقتصادي... مصر 2022) انعقد وسط تحديات (غير مسبوقة) يموجُ بها العالم»، مؤكداً أنه «حقق الهدف الرئيسي وراء تنظيمه في الاستماع إلى كل الآراء والاتجاهات، للتوصل إلى توافق حول خريطة طريق لمستقبل الاقتصاد المصري».



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».