«الإدارة الذاتية» في الشمال السوري تحذر من تصاعد الهجمات التركية

أكثر من 60 غارة جوية قتلت 11 مدنياً و61 عسكرياً

من تظاهرة مضادة لتركيا في الحسكة (أ.ف.ب)
من تظاهرة مضادة لتركيا في الحسكة (أ.ف.ب)
TT

«الإدارة الذاتية» في الشمال السوري تحذر من تصاعد الهجمات التركية

من تظاهرة مضادة لتركيا في الحسكة (أ.ف.ب)
من تظاهرة مضادة لتركيا في الحسكة (أ.ف.ب)

قال مسؤول كردي بارز، اليوم الأربعاء، إن تصاعد الهجمات التركية بطائرات مُسيَّرة «يأتي لصالح السياسات التي تفتح الطريق» أمام خلايا «داعش» الإرهابي النائمة، والمجموعات النشطة الموالية له: «من خلال استغلال هذه الفوضى لإعادة إحياء نفسها من جديد»، في وقت تعهدت فيه «الإدارة الذاتية لشمال وشرقي» سوريا، حماية مؤسساتها «والمنجزات التي حققتها على مدار الأعوام الماضية».
وشددت في بيان نشر على موقعها على أنها لن تتهاون في الدفاع المشروع عن «منجزات ثورة الشعوب»؛ على حد وصفها.
وأوضح طلعت يونس، رئيس المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في مقاطعة الجزيرة (وهي إحدى التسميات الإدارية لها في محافظة الحسكة)، أن هجمات الجيش التركي عبر طائرات «الدرون» على مؤسساتها: «بداية مرحلة جديدة، وحرب إبادة ضد شعوب المنطقة». وطالب أبناء المناطق الخاضعة لنفوذها برفع وتيرة المقاومة، قائلاً: «ندعوهم للتكاتف مع القوات العسكرية للوقوف أمام سياسات الاحتلال التركي».
وشدد على «الاستمرار في الدفاع عن مكاسب شعوب المنطقة، وحقها في الاستقرار والتنظيم الذاتي». واعتبر أن «الدولة التركية تستخدم كل إمكاناتها وقواها، في سبيل خلق فوضى بالمنطقة، وضرب أمنها وأمانها».
وكلام يونس جاء بعد استهداف طائرة تركية مُسيَّرة، ليل الثلاثاء الماضي، مركزاً للإنشاءات العسكرية في مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة، ما أسفر عن مقتل شخصين وجرح 4 آخرين.
وانتقد رئيس «المجلس التنفيذي لمقاطعة الجزيرة»: «صمت المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية وحكومات التحالف الدولي، إزاء هذه السياسات المنافية لكل القوانين والاتفاقات الدولية».
بدورها، اعتبرت الإدارة الذاتية، في بيان نشر على موقعها الرسمي الثلاثاء الماضي، أن مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في مناطقها تقع على عاتق الأطراف الفاعلة في سوريا: «وصمت المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية الذي يصب في مصلحة دعم سياسة الدولة التركية، وحربها ضد السوريين، وضد مناطقنا»، داعية هذه الجهات إلى «توضيح مواقفها بشكل حازم، لردع تركيا ووضع حد لها».
ونوهت بأن تركيا تستهدف قادة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي حاربت الإرهاب: «والمواطنين المدنيين ومنازلهم وممتلكاتهم، وأيضاً العاملين في الإدارة الذاتية والمؤسسات المدنية، ما يُعد انتهاكاً صارخاً لكل المعايير الأخلاقية والعهود والمواثيق الدولية».
وحسب إحصاءات «الإدارة الذاتية»، فإن مجموع الهجمات التركية بطائرات مُسيَّرة على مناطق نفوذها شرقي الفرات منذ مطلع العام الجاري؛ بلغ 62 غارة، أسفرت عن سقوط 11 مدنياً، بينهم مسؤولة كردية في الإدارة، و7 أطفال، و61 قتيلاً من القوات العسكرية، من ضمنهم 13 امرأة من الجناح النسائي لقوات «قسد»، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 100 شخص بجراح متفاوتة.
واعتبرت الإدارة في بيانها هذه الاستهدافات الجوية: «نقطة تحول خطيرة تنذر بعواقب وخيمة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.