جمال مليكة يستعيد حكاياته «بين الماضي والحاضر»

لوحاته مغلَّفة بالحنين إلى الريف والنيل والأسواق الشعبية

الفنان المصري جمال مليكة (الشرق الأوسط)
الفنان المصري جمال مليكة (الشرق الأوسط)
TT

جمال مليكة يستعيد حكاياته «بين الماضي والحاضر»

الفنان المصري جمال مليكة (الشرق الأوسط)
الفنان المصري جمال مليكة (الشرق الأوسط)

يجوب الفنان المصري جمال مليكة بين مرافئ العمر، منذ كان طفلاً يتنفس رائحة الأرض والنخيل في «عزبة» جده، يستدعي بفرشاته روائح هذا العالم الخصيب في عدد من لوحات معرضه الجديد «بين الماضي والحاضر» الذي يبدو كفسحة ممتدة بين الزمان والمكان؛ حيث للذاكرة ظلال ومشاعر بصرية ولونية. ويستضيف المعرض غاليري «تام» في مصر، حتى الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
يبدو عالم الريف في المعرض مُشبعاً بلون الأرض والطمي، بين تنويعات لإطلالات النخيل الباسق، والبيوت التي تبدو أقرب لأحلام الماضي وذاكرته التي تصارع البقاء رغم تشويش الزمن؛ إلى جانب ما تتسم به من رحابة فنية شاسعة في تصوير جماليات التراث وعفويته، بقدر ما يعتبر الفنان جمال مليكة أنها تحمل بين طياتها ذاكرته التي يُريد حكايتها.
ويقول مليكة في حديثه مع «الشرق الأوسط»: «كنا نسافر ونحن أطفال من القاهرة إلى الريف لقضاء الإجازة عند جدي، نحو 3 أشهر في نهاية العام الدراسي. وفي تلك الفترة كنا نتطبع بطباع الفلاحين. وهذه الذكريات هي ما كوّنت لدي أساساً، فأنا لا أرسم تلك المناظر الريفية فقط لأن شكلها جميل؛ بل إن كل ضربة لون هنا هي أرض سِرت عليها، وعشت وشعرت بها».

وتنتقل الألوان من عالمها الأخضر إلى درجات الأزرق النيلي، في مجموعة اللوحات التي تُبرز ذلك الحنين القديم للنيل في مصر؛ حيث المراكب الشراعية تجتمع تارة في لحظة سكون، وفي أخرى تتماهى وسط مجراه الأزرق.
ويبدو النيل واحداً من مفردات جمال مليكة التي تجمع بين الماضي والحاضر، كما يفعل في لوحاته التي تظهر مُفارقات ليل القاهرة الليلي الصاخب، ودفء صباحات الشوارع والأسواق الشعبية.

ويضيف صاحب المعرض: «لفت نظري قبل عدة سنوات (التوك توك) وهو وسيلة مواصلات شعبية، فخصصت له من قبل معرضاً كاملاً. ومن أجل الاقتراب منه ومن عالمه المحيط كنت أستقل تلك الوسيلة الشعبية في التنقل لأستطيع معايشة هذا العالم».
يقيم الدكتور مليكة في إيطاليا منذ سنوات، وكُرم في عديد من المحافل الرسمية، فقد حصل 7 مرات على ميدالية رئيس الجمهورية الإيطالية، كما حصل على 3 ميداليات من البابا يوحنا بولس الثاني. كما أسس «بينالي شرم الشيخ الدولي للفنون» الذي يتأهب لعقد دورته الرابعة بعد توقفه بسبب وباء «كورونا».
يضم معرض مليكة الجديد 65 لوحة، تمتد بين أسطح الطبيعة، وكذلك مفردات صامتة يصفها مليكة بـ«كراكيب مرسمي» باحثاً في المخلفات اليومية عن جوهر فني وجمالي خاص. ويقول: «أقضي في مرسمي معظم ساعات يومي، وتلك الكراكيب هي شريكة يومي، فأقوم برسم ما حولي في المرسم، ففي المعرض أقدم لوحة لأنابيب الألوان المحيطة بي، وكذلك العُبوات المعدنية للمشروبات الغازية التي ألهمتني بهشاشتها، وحتى أكواب الشاي الفارغة».

ويضيف مليكة، الحاصل على درجة الدكتوراه في التصوير ورسم المشاهد المسرحية والتلفزيونية و«المالتي ميديا» بأكاديمية الفنون (بريرا) بمدينة ميلانو: «كل مدارس الفن القديمة والحديثة، أساسها هو التأثير والتعبير، فلو لم تحمل اللوحة تأثيراً على المتفرج، فعندئذ تضعف قيمتها الفنية، وهذه هي الفلسفة التي أؤمن بها».
ويحتل سؤال «الجذور» جوهر المشروع الفني للفنان جمال مليكة، ويقول: «أحياناً يبدو أن هناك اتجاهاً من الفنانين لتبني نمط فني مُحدد، وكأنها موضة يسعى الجميع لاقتفائها، واللهاث وراء فناني أوروبا والأساليب الفنية الجديدة فيه، على الرغم من أن لدينا تراثاً فنياً وأصالة تكفي وتفيض لخلق فن يشهد به العالم كله».



«ملتقى طويق للنحت» يحتفي بتجارب الفنانين

الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)
الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)
TT

«ملتقى طويق للنحت» يحتفي بتجارب الفنانين

الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)
الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)

يحتفي «ملتقى طويق الدولي للنحت 2025» بتجارب الفنانين خلال نسخته السادسة التي تستضيفها الرياض في الفترة بين 15 يناير (كانون الثاني) الحالي و8 فبراير (شباط) المقبل، تحت شعار «من حينٍ لآخر... متعة الرحلة في صِعابها»، وذلك بمشاركة 30 فناناً من 23 دولة حول العالم.

ويُقدّم الملتقى فرصة مشاهدة عملية النحت الحي، حيث ينشئ الفنانون أعمالاً فنية عامة، ويُمكِن للزوار التواصل والتفاعل المباشر معهم، وتبادل الثقافات، واكتشاف الأساليب والأدوات المستخدمة في عملهم.

وسيصاحب فترة النحت الحي برنامج الشراكة المجتمعية، الذي يضم 11 جلسة حوارية، و10 ورش عمل مُثرية، و6 برامج تدريبية، إلى جانب الزيارات المدرسية، وجولات إرشادية ستُمكِّن المشاركين والزوار من استكشاف مجالات فن النحت، وتعزيز التبادل الفني والثقافي، واكتساب خبرة إبداعية من مختلف الثقافات من أنحاء العالم.

وتركز الجلسات على الدور المحوري للفن العام في تحسين المساحات الحضرية، بينما ستستعرض ورش العمل الممارسات الفنية المستدامة، مثل الأصباغ الطبيعية. في حين تتناول البرامج التدريبية تقنيات النحت المتقدمة، مثل تصميم المنحوتات المتحركة.

من جانبها، قالت سارة الرويتع، مديرة الملتقى، إن نسخة هذا العام شهدت إقبالاً كبيراً، حيث تلقّت ما يزيد على 750 طلب مشاركة من 80 دولة حول العالم، مبيّنة أن ذلك يعكس مكانة الحدث بوصفه منصة حيوية للإبداع النحتي والتبادل الثقافي.

وأعربت الرويتع عن طموحها لتعزيز تجربة الزوار عبر البرامج التفاعلية التي تشمل ورش العمل والجلسات الحوارية والجولات الفنية، مشيرة إلى أن الزوار سيتمكنون من مشاهدة المنحوتات النهائية في المعرض المصاحب خلال الفترة بين 12 و24 فبراير.

تعود نسخة هذا العام بمشاركة نخبة من أبرز النحاتين السعوديين، وتحت إشراف القيمين سيباستيان بيتانكور مونتويا، والدكتورة منال الحربي، حيث يحتفي الملتقى بتجربة الفنان من خلال تسليط الضوء على تفاصيل رحلته الإبداعية، بدءاً من لحظة ابتكاره للفكرة، ووصولاً إلى مرحلة تجسيدها في منحوتة.

وفي سياق ذلك، قال مونتويا: «نسعى في نسخة هذا العام من المُلتقى إلى دعوة الزوار للمشاركة في هذه الرحلة الإبداعية، والتمتُّع بتفاصيل صناعة المنحوتات الفنية».

ويعدّ الملتقى أحد مشاريع برنامج «الرياض آرت» التي تهدف إلى تحويل مدينة الرياض لمعرض فني مفتوح عبر دمج الفن العام ضمن المشهد الحضري للعاصمة، وإتاحة المجال للتعبير الفني، وتعزيز المشاركات الإبداعية، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030».