رحيل «مهندس» العلاقات السورية ـ الإيرانية.. وأقوى الضباط الأمنيين حول الأسد

المقداد لـ {الشرق الأوسط}: طهران ستدير الملف مباشرة عبر ضباط تدربهم منذ شهرين

محمد ناصيف وبشار الأسد في صورة تم تداولها أمس على المواقع الاجتماعية من دون التثبت من تاريخها («الشرق الأوسط»)
محمد ناصيف وبشار الأسد في صورة تم تداولها أمس على المواقع الاجتماعية من دون التثبت من تاريخها («الشرق الأوسط»)
TT

رحيل «مهندس» العلاقات السورية ـ الإيرانية.. وأقوى الضباط الأمنيين حول الأسد

محمد ناصيف وبشار الأسد في صورة تم تداولها أمس على المواقع الاجتماعية من دون التثبت من تاريخها («الشرق الأوسط»)
محمد ناصيف وبشار الأسد في صورة تم تداولها أمس على المواقع الاجتماعية من دون التثبت من تاريخها («الشرق الأوسط»)

فتح رحيل اللواء السوري المتقاعد محمد ناصيف خير بيك، معاون الرئيس السوري بشار الأسد ومستشاره الأمني، أمس، في دمشق، باب الأسئلة عن مستقبل العلاقات السورية - الإيرانية التي كان ناصيف مهندسها، في ظل متغيّرات أخرجت تلك العلاقات من شكلها الذي كان معتمدًا إبان فترة حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، وصولاً إلى «استعدادات طهران لتسليم مفاصل الأمن والعسكر لضباط تدربهم منذ شهرين، وتضمن ولاءهم»، بحسب ما قال معارض سوري لـ«الشرق الأوسط».
ونعت الرئاسة السورية أمس محمد ناصيف خير بيك، إثر معاناته مع مرض عضال، كما ذكرت وكالة «سانا» الرسمية. وكانت معلومات تحدثت خلال شهر مايو (أيار) الماضي، عن أن صحة ناصيف تدهورت إثر تعرضه لأزمة قلبية.
ورأس الكثير من الأجهزة الأمنية السورية المخابراتية، ويعد من المقربين جدًا من عائلة والد الرئيس حافظ الأسد، فضلاً عن أنه «أسهم في تدريب باسل الأسد ثم بشار الأسد، وبعد وفاة باسل حل بشار رئيسًا برعاية ناصيف»، كما ذكر الصحافي اللبناني علي حمادة أمام شهادته في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وناصيف، الذي يعرفه اللبنانيون بـ«أبو وائل»، يعتبر آخر الشخصيات الأمنية والعسكرية السورية التي واكبت حافظ الأسد، وأقوى الشخصيات الأمنية إلى جانب ابنه بشار، وأكثرها ولاء لعائلة الأسد.
تسلم أبو وائل، وهو علوي من مواليد قرية اللقبة ريف مصياف التابعة لمحافظة حماه عام 1963، رئاسة فرع الأمن الداخلي (251) التابع لجهاز أمن الدولة (المخابرات العامة)، وكان في الثلاثين من عمره. واستمر في هذا المنصب نحو عقدين من الزمن قبل أن يحتله اللواء بهجت سليمان، وبعد ذلك صار اللواء ناصيف نائبا لمدير إدارة المخابرات العامة حتى عام 2005، وجاء مكانه اللواء حسن خلوف.
وعرف عنه أن مكتبه لم يشغر يومًا من الطامحين للقاء الأسد الأب أو الابن لاحقًا، حيث «سيمرّ الجميع بمكتب أبو وائل»، فضلاً عن أنه كان يبلغ الشخصيات اللبنانية بموقف حافظ الأسد منها، أو «يتوسط لتليين مواقف الرئيس السوري تجاه شخصيات سورية»، في إشارة إلى «توسط نائب الرئيس السوري فاروق الشرق لدى ناصيف، كي لا يغضب منه الأسد أكثر»، كما ورد في إحدى وثائق «ويكيليكس» أخيرًا.
شهد خلال تسلمه الأمن الداخلي في العاصمة دمشق أحداثا كبيرة هزت نظام الأسد كحرب تشرين عام 1973 وحرب لبنان التي اندلعت 1975، وأحداث حماه الدامية التي أعقبتها محاولة انقلاب رفعت الأسد شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد وما أحاطه من اصطفافات داخل بنية النظام بين علي حيدر وشفيق فياض وعلي دوبا وإبراهيم صافية وحافظ الأسد من جانب، ورفعت الأسد من جانب آخر. وسجل لناصيف نأيه عن تلك الاصطفافات، ليبرز دوره الخفي لاحقا بعد قيام الثورة الخمينية في التأسيس لعلاقات استراتيجية بين النظامين الإيراني والسوري، تسلم خلاله ملف الطوائف، والإثنيات إضافة إلى دوره الأمني مع حزب الله. وغالبًا ما كان يسافر من دمشق إلى بون وسويسرا اللتين كانتا قطبي الشبكات الإيرانية في الغرب.
غير أن أهمية ناصيف لدى الأسد الأب، تكمن في دوره كمهندس للعلاقات الإيرانية السورية من الناحية الأمنية والاستخبارية، منذ حرب الخليج الأولى، بحسب عضو الائتلاف الوطني السوري سمير نشار الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن شخصية غامضة، بل هو أحد أركان الحلقة الضيقة بالنظام، وازدادت أهميته بعد اندلاع الثورة السورية، بحكم علاقاته بالإيرانيين، وبحكم تصاعد الدور الإيراني في سوريا».
ويضيف نشار أنه كان «المنسق الحقيقي في تنظيم العلاقة بين النظام وحزب الله، وستكون لوفاته تداعيات على حزب الله الذي كان في الأساس إحدى ثمار العلاقة بين دمشق وإيران».
وذكرت «وحدة جنيف الإعلامية» التابعة للائتلاف الوطني السوري، أن ناصيف يُعرف عنه قربه من القياديين الإيرانيين صادق قطب زادة وحسين الطبطبائي، ومن الإمام الشيعي موسى الصدر الذي اختطف في ليبيا في العام 1978.. كما كان يمتلك شبكة علاقات واسعة في الولايات المتحدة، إضافة إلى كونه «واحدًا من أهم مستشاري الأسد في شؤون الشيعة»، بحسب الصحافي البريطاني باتريك سيل في كتابه «سيرة حافظ الأسد».
غير أن موقعه في التنسيق بين طهران ودمشق «لم يعد قائمًا»، بحسب ما يقول مدير مركز «مسارات» السوري المعارض لؤي المقداد، مضيفًا لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد هناك شيء اسمه علاقات سورية - إيرانية، لأن طهران تدير بشكل مباشر الشؤون السورية»، كاشفًا عن «اختيار طهران مجموعة من الضباط السوريين لتدريبهم في أراضيها، وسيعودون خلال الأيام المقبلة إلى سوريا لتسلم المراكز الأمنية والعسكرية حيث ستكون هناك تغييرات جذرية في مواقع القرار وبنية النظام الأمنية».
وأوضح المقداد أن تلك المجموعة، تم اختيارها خلال الشهرين الأخيرين، وخضعت لدورات غير عسكرية، شارحًا: «هي دورات عقائدية تتعلق بربط هؤلاء بطهران بشكل مباشر وضمان ولائهم للنظام الإيراني»، مضيفا أن هؤلاء «سيدارون بشكل مباشر من قبل إيران». وقال: «كل رؤساء الأجهزة الأمنية والميليشيات، سيتم إبدالهم بالشخصيات التي تدربت في إيران»، معتبرًا أن تلك التغييرات التي قد تشمل وزير الدفاع وقادة الوحدات العسكرية أيضا «تبرر تصريحات الإيرانيين بان الفترة المقبلة ستشهد تغيّرًا نوعيًا في العلاقة بين أطياف محور المقاومة»، مشيرًا إلى أن ذلك الكلام «يعني أن إدارة الملف السوري ستكون مركزية من طهران».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.