«داعش» يهاجم قوات النظام السوري على خط البادية

حرب استنزاف يخوضها التنظيم ضد «الجبهة الرخوة» في حمص وحماه والجزيرة

مدنيون من بلدة دوما بريف دمشق يعبرون ملصق حملة توعية بالمتفجرات والقذائف غير المتفجرة في المنطقة (أ.ف.ب)
مدنيون من بلدة دوما بريف دمشق يعبرون ملصق حملة توعية بالمتفجرات والقذائف غير المتفجرة في المنطقة (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يهاجم قوات النظام السوري على خط البادية

مدنيون من بلدة دوما بريف دمشق يعبرون ملصق حملة توعية بالمتفجرات والقذائف غير المتفجرة في المنطقة (أ.ف.ب)
مدنيون من بلدة دوما بريف دمشق يعبرون ملصق حملة توعية بالمتفجرات والقذائف غير المتفجرة في المنطقة (أ.ف.ب)

وسّع تنظيم داعش خلال الأيام الماضية جبهاته ضد قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، من شمال شرقي البلاد، إلى محافظة حماه، ليصبح خط البادية في العمق السوري مقرا لعمليات التنظيم، مستهدفا مواقع القوات النظامية في ريف حمص الشرقي وريف حماه، وصولا إلى مدينة الحسكة.
وبدت الهجمات «مؤشرا إضافيا على استهداف (داعش) المناطق الرخوة، في محاولة لتسجيل تقدم معنوي»، كما قال مصدر معارض في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط»، مضيفا أن تلك الهجمات «تزيد من هشاشة النظام، وتضاعف حجم استنزافه في معارك ممتدة على طول البادية من ريف دمشق إلى بادية الجزيرة».
ورغم أن قوات النظام «لا تشن الهجمات إلا بالقصف الجوي، لمنع استنزافها»، فإن نقاط الاحتكاك البرية مع مقاتلي تنظيم داعش «واسعة». ويحاول النظام، بحسب المصادر «التقليل من فرص استنزافه، فيما يتجه (داعش) للسيطرة على كامل البادية وإنشاء خط دفاع عن مناطقه يفصله عن المناطق المدنيّة في العمق، لمنع شن هجمات ضده».
وقال المصدر إن الجبهات مع قوات المعارضة «أكثر تعقيدا بالنسبة لـ(داعش) من المعارك ضد النظام، كما أن الهجمات ضد الأكراد صعبة أيضا، بحكم الدعم الجوي الذي يتلقونه من طائرات التحالف الدولي».
ويشن «داعش» الهجمات ضد القوات الحكومية على أربع جبهات على الأقل، هي جبهة مدينة دير الزور، وجبهة «الحسكة»، وجبهة حقول الغاز بريف حمص الشرقي المتاخم لمدينة تدمر، وجبهة ريف حماه الشرقي حيث يحاول النظام صد هجمات «داعش» لمنعه من الاقتراب إلى خطوط إمداد القوات الحكومية الحيوية إلى حلب.
وكان تنظيم داعش شن هجوما عنيفا، السبت الماضي، استهدف 3 حواجز لقوات النظام في منطقة الشيخ هلال الواقعة في ريف حماه الشمالي الشرقي، على الطريق الواصل بين منطقة أثريا ومدينة حماه. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بأن عدد عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها الذين قتلوا إثر المعارك وصل إلى 68 قتيلا.
وكان المرصد قد وثق في 20 مارس (آذار) الفائت مقتل أكثر من 74 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، إثر هجمات نفذها تنظيم داعش على حواجز وتمركزات لقوات النظام في منطقة الشيخ هلال في ريف حماه الشرقي، في محاولة لقطع طريق الإمداد الواصل بين حلب وخناصر والسلمية وحماه.
وفي ريف حمص، تواصلت المعارك بين الطرفين، فيما كثفت القوات الحكومية من وتيرة غاراتها ضد تجمعات «داعش»، لمنعها من التقدم باتجاه حقل جزل النفطي. وذكرت وكالة «سانا» الرسمية السورية للأنباء أن القوات الحكومية قصفت تجمعات لـ«داعش»، مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من أفراد التنظيم الإرهابي، وذلك بعد يوم من تكبده خسائر كبيرة بالأفراد والآليات في غارات جوية على تجمعاته في وادي الماسك وأبو جريص وجباب حمد والمشيرفة الجنوبية ورسم حميدة وأم صهيريج وأم الريش ومحيط حقل جزل.
وتواصلت المعارك أمس بين القوات النظامية وقوات «داعش» على أطراف مدينة الحسكة، وتركزت في أطراف حي النشوة وقرب السجن المركزي. وأفاد المرصد السوري باستعادة قوات النظام، والمسلحين الموالين لها، السيطرة على عدة نقاط في المنطقة، بينما استهدف الطيران الحربي رتلا للتنظيم على أطراف ريف مدينة الحسكة، وهناك معلومات عن خسائر بشرية في صفوف التنظيم، في حين استشهد مواطن من قرية أم حجيرة غرب مدينة الحسكة بانفجار لغم بالقرب من منزله.
في موازاة ذلك، فجر التنظيم عربة مفخخة في أطراف حي غويران في المدينة، فيما اندلعت اشتباكات بين وحدات حماية الشعب الكردي وعناصر التنظيم في ريف الحسكة، وفي الأطراف الشرقية للمدينة. وأشار ناشطون إلى تقدم مقاتلي الوحدات في المنطقة.
وتركزت الاشتباكات في المنطقة الواصلة بين حي العزيزية ومنطقة الغزل بمدينة الحسكة، وترافقت مع قصف الطيران الحربي وقصف من قبل قوات النظام على تمركزات لعناصر التنظيم في المدينة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.