كازينوهات القمار تتخفى وسط ناطحات السحاب في طهران

أكثر من مليون مقامر يبحثون عن المتعة ولا يبالون بملايين المعوزين

إيرانيان يزوران معرضًا للقرآن الكريم في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
إيرانيان يزوران معرضًا للقرآن الكريم في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

كازينوهات القمار تتخفى وسط ناطحات السحاب في طهران

إيرانيان يزوران معرضًا للقرآن الكريم في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
إيرانيان يزوران معرضًا للقرآن الكريم في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)

بينما تعاني غالبية الشعب الإيراني من أمراض ومشكلات اجتماعية مزمنة، تضاف إلى الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد، والفقر والتضييق الأمني وتكميم الأفواه والممارسات العنيفة لأجهزة الدولة، التي تنافي كل حقوق الإنسان، نجد أن هناك مجموعة ليست بالقليلة من الشعب الإيراني تعيش في رفاهية لا تبالي بأي وضع تعيشه الغالبية في إيران.
في أحد الأبراج التي تناطح السحب في أحد شوارع شمال العاصمة الإيرانية طهران تجد أبوابا تُفتَح لمرتادي شقة سكنية تقبع في بدروم هذا البرج يقدر عددهم بالمليون بحسب شبكة التلفزيون الألماني (DW) الناطق باللغة الفارسية، ولكل باب من هذه الأبواب اسم مستعار، فهنا «محمد» ذلك الشخص الذي يسمى الباب باسمه يرى أن هذا المكان لا يرتاده سوى المقتدرين فقط من أبناء الشعب الإيراني.
وفي نهاية الأمر نجد نحو مائة شخص يلتفون حول إحدى المناضد المخصصة للعب البوكر (إحدى ألعاب القمار) حيث المتعة واللذة التي يشعرون بها فقط في هذا المكان، ذلك المكان المخفي عن أعين المجتمع الإيراني بأكمله حتى عن أعين السلطات الإيرانية.
تلك الكازينوهات المخصصة للعب القمار وما شابه ذلك تجد من البدرومات المخفية في سراديب ناطحات السحاب في العاصمة الإيرانية مقرات لها، أو ربما ستارا لها، ذلك لأن القانون الإيراني يعاقب كل من يستورد آلات القمار ومعداته أو يتاجر فيها يعاقبه القانون الإيراني بالسجن المشدد، إضافة إلى الجلد.
يضيف «محمد»، وهو الرجل ذو الاسم المستعار، لموقع شبكة التلفزيون الألماني أن «لعبة القمار تنمو وتزدهر في الخفاء وفي البدرومات وتحت الأرض بسبب التضييق الأمني على هذه اللعبة في إيران والإجراءات التي يتخذونها ضد هذه اللعبة في إيران، على الرغم من أنها موضع اهتمام وشغف من قبل كل أبناء الطبقات في إيران».
وأضاف محمد أن عدد هذه الكازينوهات في تزايد مستمر رغم هذه الإجراءات لأنها صارت حرفة، بالإضافة إلى أنها مكان لتجمع الأسر والأصدقاء، وأن هناك ما يزيد على 10 أندية للقمار في طهران وحدها، ومرتادوها من كل الأعمار والمراحل السنية بداية من الشباب المراهقين حتى الشيوخ ذوي السبعينات من العمر، إذ يأتون مع ذويهم من الأجل الترفيه والاستمتاع بالإضافة إلى المضاربة ولعبة الحظ.
وذكر محمد، وهو أحد العاملين في مجال المقامرة، أن من يأتي إلى الكازينوهات المنتشرة في طهران ليسوا من أصحاب الدخول الضئيلة أو القليلة، لأنه بمجرد أن يأتي المقامر إلى طاولة القمار فإنه يضع ما لا يقل عن 10 ملايين ريال (نحو 300 دولار) ليضارب بها، ويجلس على طاولة بها نحو 10 أشخاص، وبمرور ثلاث أو أربع ساعات تجد على الطاولة ما لا يقل عن 200 مليون ريال.
هناك طوائف كثيرة توجد داخل الكازينوهات بالإضافة إلى المقامرين أنفسهم، فطبقًا لقول محمد فإن هناك أشخاصا يوجدون في الكازينو من أجل مساعدة المقامر على الربح ومساعدته على التخطيط في مقابل جزء من الأرباح، وهذا الجزء ليس بالقليل، بالإضافة إلى احتسائهم الخمر مجانًا طوال فترة وجودهم داخل الكازينو. وتابع أنه من المتعارف عليه أن صاحب الكازينو يتقاضى مبلغًا من المال يقدر بـ5 ملايين تومان (10 ريالات إيرانية) عن كل أربع ساعات من المقامرة من كل طاولة.
وبناءً على مشاهدات محمد فإن هناك نحو 5 في المائة من مرتادي نوادي القمار والكازينوهات في العاصمة طهران هن من النساء الإيرانيات، إذ يوجدن في كثير من أندية القمار المنتشرة في شوارع «فرشته» و«نياوران» والشوارع القيمة الأخرى في العاصمة، وهناك نوعان من النساء يجئن إلى أندية المقامرة، الأول اللائي يجئن من أجل لعب القمار فقط، والنوع الثاني هن اللائي يجئن من أجل لعب القمار وتناول الخمور وممارسة الجنس.
وأضاف أنه يجب التفريق بين نوعين من الأندية في طهران، فهناك نوادي القمار وهذه الأندية مخصصة فقط للمضاربة والقمار فقط، وهناك الأندية والملاهي الليلية وهي التي يجتمع فيها الشباب والفتيات لممارسة كل أنواع الممارسات المحرمة.
ويؤكد محمد أن هناك كازينوهات أخرى في المحافظات الإيرانية الأخرى لكن عددها محدود، أما الغالبية العظمى من هذه الأندية فموجودة في طهران، بالإضافة إلى أن المبلغ المسموح بالمضاربة عليه هو من 20 إلى 30 مليون ريال على الطاولة، والعدد المسموح به للمضاربين أيضا هو 15 كحد أقصى.
وبالانتقال من محمد، ذلك العاشق لأندية القمار والمقامرين والذي تعلق قلبه بالمال والثروة الضخمة وحب القمار، إلى «مريم»، وهو اسم مستعار أيضا لإحدى الشابات التي تحول القمار بالنسبة لها إلى الرافد الوحيد للترفيه والرفاهية الليلة كل يوم، حيث تحولت من المقامرة ولعب القمار في الكازينوهات والملاهي الليلية في طهران إلى حد ممارسة القمار والمضاربة في الجلسات العادية التي تجمعها بأصدقائها.
وفي الوقت الذي لا تعرف فيه مريم أي شيء عن نوادي القمار والكازينوهات الموجودة في شمال طهران، إلا أنها ترى المتعة الأكثر في الجلسات الخاصة بها مع أصدقائها والتي تحولت إلى عادة لتناول الخمر والمضاربة، ولكن هذه المرة تذكر مريم أنها تجتمع من أصدقائها في أحد الفنادق الصغيرة المتواضعة في طهران في نهاية الأسبوع ويضاربون بمبلغ ضئيل إلى حد ما، وهو 50 ألف تومان أو ربما أقل، وتذهب معظم هذه الأموال في الطعام والخمور، إلى جانب أجرة صاحب الفندق.. وما يزيد تقوم بإرجاعه إلى أصدقائها.
وطبقًا لما ذكرته مريم، فإن الوصول إلى طاولة القمار وشراءها وشراء الماركات البلاستيكية أو المعدنية الخاصة بالمضاربة أمر من الممكن أن يسبب لصاحبه أذى، لأن هذا الأمر ممنوع في إيران ويؤدي إلى السجن.
ومريم، التي تعيش أيضا في طهران، تقول إن الأدوات والآلات والماركات الخاصة بالقمار تأتي عادةً من خارج البلاد وتدخل إلى إيران بطرق كثيرة ومختلفة.. وببحث بسيط على شبكة الإنترنت، يمكنك معرفة الأماكن التي ترسل لك كل الأغراض التي تحتاج إليها من أجل تأسيس نادٍ صغير للمضاربة.
ويقدم موقع «المقامرون الإيرانيون» معلومات أيضا عن كيفية شراء الماركات الخاصة بالمضاربة إلكترونيا وتعليم الشخص الزائر كيفية المضاربة من الألف إلى الياء، بالإضافة إلى إمكانية البيع والشراء الخاصة بالنقود إلكترونيًا.



برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

TT

برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان في كوريا الجنوبية، السبت، على عزل الرئيس يون سوك يول، بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية وعرقلة عمل المؤسسة التشريعية عبر اللجوء إلى الجيش في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال يون سوك يول، عقب قرار عزله، إنه «لن يستسلم أبداً»، داعياً في الوقت ذاته إلى الاستقرار.

واحتشد عشرات آلاف المتظاهرين أمام الجمعية الوطنية في أثناء إجراء عملية التصويت، معبرين عن فرحتهم لدى إعلان رئيس البرلمان وو وون شيك نتيجة التصويت. وصوّت 204 نواب لصالح مذكرة العزل، في حين عارضها 85 نائباً، وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، وأُبطلت ثماني بطاقات تصويت. وكان ينبغي أن يوافق البرلمان على مذكرة العزل بأغلبية 200 صوت من أصل 300. ونجحت المعارضة، التي تضم 192 نائباً، في إقناع 12 من أصل 108 من أعضاء حزب السلطة للشعب الذي ينتمي إليه يون، بالانضمام إليها. وبذلك، عُلق عمل يون في انتظار قرار المحكمة الدستورية المصادقة على فصله في غضون 180 يوماً. ومن المقرر أن يتولّى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام منصبه مؤقتاً.

«انتصار عظيم»

قال زعيم الحزب الديمقراطي الذي يمثّل قوى المعارضة الرئيسة في البرلمان، بارك تشان داي، بعد التصويت، إن «إجراءات العزل اليوم تمثّل انتصاراً عظيماً للشعب والديمقراطية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقبل التصويت، أكد بارك في كلمة أمام البرلمان، أن فرض الأحكام العرفية يشكّل «انتهاكاً واضحاً للدستور وخرقاً خطيراً للقانون»، مضيفاً أن «يون سوك يول هو العقل المدبر لهذا التمرد».

رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأضاف: «أحضكم على التصويت لصالح العزل من أجل ترك درس تاريخي مفاده بأن أولئك الذين يدمّرون النظام الدستوري سوف يُحاسبون»، لافتاً إلى أن «يون سوك يول هو الخطر الأكبر على جمهورية كوريا». وفي السابع من ديسمبر الحالي، فشلت محاولة أولى لعزل يون عندما غادر معظم نواب حزب السلطة للشعب الجلسة البرلمانية لمنع اكتمال النصاب القانوني.

مظاهرات واسعة

عند إعلان عزل يون، عبّر نحو 200 ألف متظاهر كانوا محتشدين أمام الجمعية الوطنية عن فرحهم، ورقصوا على أنغام موسيقى البوب الكورية الصاخبة، كما احتضنوا بعضهم فيما كانوا يبكون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت تشوي جانغ ها (52 عاماً): «أليس من المدهش أننا، الشعب، حققنا هذا معاً؟».

كوريون جنوبيون يحتفلون بعد عزل البرلمان الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (رويترز)

في المقابل، تجمّع آلاف من مناصري يون في وسط سيول، حيث حُملت أعلام كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وقال يون للتلفزيون إنه «محبط للغاية»، مؤكداً أنه «سيتنحى جانباً لبعض الوقت». ودعا إلى إنهاء «سياسة الإفراط والمواجهة» لصالح «سياسة التروي والتفكير». وأمام المحكمة الدستورية ستة أشهر للمصادقة على قرار البرلمان أو نقضه. ومع تقاعد ثلاثة من قضاتها التسعة في أكتوبر (تشرين الأول) من دون أن يجري استبدالهم بسبب الجمود السياسي، سيتعيّن على الستة المتبقين اتخاذ قرارهم بالإجماع. وإذا تمّت الموافقة على العزل فستُجرى انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة ستين يوماً. وتعهّد رئيس المحكمة مون هيونغ باي باتخاذ «إجراء سريع وعادل»، في حين دعا بقية القضاة إلى أول اجتماع صباح الاثنين.

تحديات قانونية

ويون سوك يول (63 عاماً) هو ثالث رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يعزله البرلمان، بعد بارك جون هيي في عام 2017، وروه مو هيون في عام 2004، غير أن المحكمة العليا نقضت إجراءات عزل روه موه هيون، بعد شهرين على اتخاذ القرار بعزله من قبل البرلمان. وباتت الشبكة القضائية تضيق على يون سوك يول ومعاونيه المقربين، بعد إبعاده عن السلطة وخضوعه لتحقيق جنائي بتهمة «التمرد» ومنعه من مغادرة البلاد.

زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)

وكانت النيابة العامة قد أعلنت، الجمعة، توقيف رئيس القيادة العسكرية في سيول، كما أصدرت محكمة مذكرات توقيف بحق قائدي الشرطة الوطنية وشرطة سيول، مشيرة إلى «خطر إتلاف أدلة». وكان وزير الدفاع السابق كيم هونغ هيون، الذي يُعدّ الشخص الذي دفع الرئيس إلى فرض الأحكام العرفية، أول من تم توقيفه واحتجازه في الثامن من ديسمبر الحالي.

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث إلى الرابع من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في البلاد، وأرسل الجيش إلى البرلمان، في محاولة لمنع النواب من الاجتماع. مع ذلك، تمكّن النواب من عقد جلسة طارئة في قاعة محاطة بالقوات الخاصة، وصوّتوا على نص يطالب بإلغاء الأحكام العرفية، الأمر الذي كان الرئيس ملزماً دستورياً على الامتثال له. وكان يون سوك يول مدعياً عاماً في السابق، وقد دخل السياسة متأخراً وانتُخب رئيساً في عام 2022. وبرر انقلابه الأخير بأنه لـ«حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المعادية للدولة»، مُتهماً البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة بنسف كل مبادراته وتعطيل البلاد.