ليبيون يتوقعون «ثورة ثانية» بعد ثلاث سنوات من الانتفاضة ضد القذافي

عصام حارب خمسة أشهر في الخطوط الأمامية.. ولا يجد من يمثله الآن في الانتخابات

عصام داخل أحد كهوف مدينة الزنتان حيث احتمى هو وزملاؤه من قصف قوات القذافي قبل ثلاث سنوات («الشرق الأوسط»)
عصام داخل أحد كهوف مدينة الزنتان حيث احتمى هو وزملاؤه من قصف قوات القذافي قبل ثلاث سنوات («الشرق الأوسط»)
TT

ليبيون يتوقعون «ثورة ثانية» بعد ثلاث سنوات من الانتفاضة ضد القذافي

عصام داخل أحد كهوف مدينة الزنتان حيث احتمى هو وزملاؤه من قصف قوات القذافي قبل ثلاث سنوات («الشرق الأوسط»)
عصام داخل أحد كهوف مدينة الزنتان حيث احتمى هو وزملاؤه من قصف قوات القذافي قبل ثلاث سنوات («الشرق الأوسط»)

لكل ثورة لحظة فارقة.. واللحظة الفارقة في الثورة الليبية تمثلت في ظهور العقيد الليبي معمر القذافي ميتا ووجهه متربا وملطخا بالدماء في الصور التي التقطتها كاميرات الهواتف الجوالة. كانت تلك الصور دلالة على انتصار الثوار على الحكم الديكتاتوري الذي جثم على صدر ليبيا أكثر من 40 عاما. ويقول عصام، 23 عاما، بنبرة هادئة: «ظننت للوهلة الأولى أن الأمر انتهى بمصرع القذافي.. لكني أعتقد أن ليبيا على أعتاب ثورة ثانية».
اكتشف عصام أن اللحظات الفارقة في الثورات نادرا ما تكون هي اللحظات النهائية أيضا؛ فبعد ثلاث سنوات من بداية الثورة التي أسقطت القذافي، يعيش الليبيون حالة من خيبة الأمل والشعور بالخوف مما يحمله المستقبل في هذا البلد الذي يشهد انقسامات عميقة للغاية.
فالإحساس بالأمن يقوضه العجز الواضح لمؤسسات الدولة، وضعف أعداد وقوة الجيش الوطني الذي تفوقه الميليشيات المحلية المتنافسة وأشباح ثورة 2011، التي تزال تسيطر على غالبية المناطق في البلاد والتي ترفض الانسحاب من العاصمة طرابلس. في الوقت ذاته، لا تستطيع قوة الشرطة تقديم أدنى مستوى من الخدمات الأمنية في ظل استمرار الروايات المفزعة عن عمليات الاختطاف شبه اليومية.
ويأتي على رأس ذلك تزايد موجة الغضب تجاه المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، الهيئة التشريعية التي جرى انتخابها في يوليو (تموز) 2012، والتي أثني عليها في ذلك الوقت لكونها أول انتقال سياسي سلمي في تاريخ ليبيا الحديث، حيث تشهد شوارع المدن في ليبيا مظاهرات يومية منذ إعلان المجلس الوطني العام تمديد فترة عمله بعد انتهائها في السابع من فبراير (شباط) الحالي. و تحدد يوم الخميس موعدا لإجراء انتخابات اختيار ممثلي الشعب الذين سيضعون الدستور الجديد الذي طال انتظاره، لكن عصام قال لنا إنه لا يتوقع حدوث ذلك بشكل فعلي.
هذا التعبير الساخر يشكل قلقا لليبيا، فعصام جزء من جيل يسعى بقوة للمشاركة فيما يجري في بلادهم. فقد كان عصام في العشرين من عمره عندما اندلعت الثورة. كان أحد أبناء الطبقة الوسطى الذي لم يمسك سلاحا في حياته من قبل، لكن حارب لخمسة أشهر في الخطوط الأمامية ضد قوات القذافي، ويقول إنه لا يزال فخورا بالدور الذي لعبه في الثورة. ويقول عن ذلك: «ربما كان ذلك هو السبب في معرفة الناس بليبيا، لأنه كانت هناك ثورة وكان ذلك شيئا تاريخيا. سأشعر دائما بالفخر»، لكن إن جرت الانتخابات يوم الخميس، فهو لا يعلم لمن سيعطي صوته، لأنه، حتى الوقت الراهن، لا يوجد من يستطيع تمثيله.
إذا كان هناك أي مكان يمكن اعتباره قلب الانتفاضة الليبية فسوف تكون مدينة الزنتان، مسقط رأس عصام، هي المنافس الأبرز.. فمن هنا، من أعلى الهضبة الترابية في جبال نفوسة، قامت ميليشيا قوية ومنظمة بدخول طرابلس من الجنوب.
وفي تحد لمدينة مصراتة، التي تنافس على تاج «مدينة الثورة»، يزعم أبناء الزنتان هنا أنه لولا جهودهم لانتهت الثورة في الشرق، ولكان القذافي موجودا في السلطة حتى الآن، ولانقسمت البلاد إلى نصفين. اليوم لا تزال المدينة تجد نفسها في مركز الأحداث في ليبيا، فقد كانت الميليشيات المحلية في الزنتان هي التي اعترضت قافلة سيف الإسلام القذافي خلال محاولته الهرب عبر الحدود إلى النيجر. وفي مكان ما في أحد مباني هذه البلدة الصغيرة الهادئة يقبع سيف الإسلام محتجزا لدى أبناء الزنتان. ولا يزال أبناء المدينة يحتجزونه على الرغم من الجهود الحثيثة للمجلس الوطني العام والمحكمة الجنائية الدولية، مؤكدين أن النظام القضائي غير قادر على ضمان حصوله على محاكمة عادلة ولائقة في طرابلس.
لا يكاد ميدان الزنتان الرئيس يحمل أي سمات ضرورية كباقي أنحاء المدينة، فقط دوران أقيمت به خيمة على جانبيه. داخل هذا السرادق توجد مجموعة من الصور التي تحمل وجوه كل شباب المنطقة الذين ماتوا خلال الثورة. إنه مكان تذكاري ومعرض للفخر، لكن يوم الجمعة قبل الذكرى الثالثة للثورة شكلت هذه الوجوه خلفية لمظاهرة جديدة، ضد القادة السياسيين الذين حلوا محل القذافي. كان المتظاهرون يحملون لافتات كتب عليها: «لا للتمديد»، وعلقت على واجهة الخيمة، في إشارة إلى التمديد الجديد الذي منحه المؤتمر الوطني العام لنفسه.
ويقول خالد كور، الذي شاهد المظاهرة من الناحية الأخرى من الشارع: «نحن نريد أن نصوت على المؤتمر الوطني الجديد دون أية أحزاب. هذا لا يعني أننا لا نريد أحزابا على الإطلاق، لكننا في هذه المرحلة لا يوجد لدينا دستور أو قانون انتخابي»، والحل، كما يراه، هو اختيار نواب لا ينتمون إلى أحزاب يمثلون المدن والمناطق، لكنه يعكس في الوقت ذاته إحساسا بالانعزالية ينتشر بين جوانب السياسة في ليبيا. ويقول: «هذه هي الأوضاع الحقيقية. لن نستطيع أن نغير من أنفسنا، ولن نستطيع تغيير هذا البلد في غضون أيام قلائل».
لكن هذا الإحساس بالعزلة بدلا من التوحد يكمن في صميم تشاؤم عصام، فيقول: «عندما حاربت، كنت أحارب لأجل بلادي.. لكن أرى الآن أنه لا يوجد شيء موحد، وأن الجميع يتقاتلون، ويحاولون الحصول على السلطة.. إنهم لا يفكرون بشأن ليبيا، إنهم يفكرون بشأن مدنهم؛ أنا من طرابلس، وأنت من الزنتان، وهو من مصراتة..». مع بداية المظاهرة في الزنتان، كانت هناك أحداث أخرى تجري في طرابلس، حيث أعلن لواء الجيش المتقاعد خليفة حفتر، في شريط فيديو مصور جرى بثه على الإنترنت، أن المؤتمر الوطني العام جرى تعليق عمله تحت مبادرة من الجيش الوطني الليبي. وسرعان ما انتشرت شائعة الانقلاب، لكن شيئا لم يتغير على الإطلاق في العاصمة، فمن الصعوبة بمكان بدء انقلاب عسكري دون جيش نشط في المقام الأول. وقد سارع رئيس الوزراء الليبي إلى تفنيد هذه المزاعم، مشيرا إلى أن حفتر لا يشغل أي منصب في الجيش الليبي. ويبدو أن الجنرال السابق حاول استغلال حالة الارتباك والرفض التي تشهدها ليبيا.
يسود المزاج العام في البلاد حالة من الشعور بالعجز لا الغضب الصريح. لكن المظاهرات انتهت في الوقت الراهن بصورة سلمية، لكن الأفراد المشاركين فيها يشعرون بأنه لا أحد يستمع إليهم بأي حال. مرت ثلاث سنوات على الثورة، ولا تزال ليبيا أشبه بدولة تديرها مصالح متنافسة لا أفراد، وليس لدى أحد فكرة عن كيفية تصحيح الأوضاع.
يقول عبد الرحمن، شاب من طرابلس: «في لحظات الغضب سيقول الناس إنهم يتمنون عودة القذافي.. ففي عهد القذافي كانت هناك قوانين.. الآن نحن في حالة من الفوضى، لأن الأفراد لا يفكرون بصورة سياسية».
لكن عبد الرحمن وغالبية الشعب الليبي لا يتمنون عودة القذافي حتى وإن كان ذلك ممكنا، لكنه يخشى الاتجاه الذي تسير فيه البلاد. وأضاف عبد الرحمن: «أنت ترى أنك تسير على المسار الصحيح، لكنك عندما تشاهده ترى أنه ليس كذلك».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.