الحوثيون يقترحون «حكومة شراكة» سعيًا لجذب الجنوبيين

الحزب الاشتراكي اليمني يرفض المقترح

يمنيون يصطفون لشراء المواد الغذائية في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يصطفون لشراء المواد الغذائية في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يقترحون «حكومة شراكة» سعيًا لجذب الجنوبيين

يمنيون يصطفون لشراء المواد الغذائية في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يصطفون لشراء المواد الغذائية في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

بعد أن فشل الحوثيون في دفع أهدافهم السياسية خلال المشاورات برعاية الأمم المتحدة في جنيف، يسعون لطرح مقترحات جديدة تخرجهم من عزلتهم السياسية. وقال الحوثيون في اليمن، أمس، إنهم يسعون إلى تشكيل حكومة شراكة وطنية، وذلك عقب عودة وفدهم الذي شارك في مشاورات جنيف، الأسبوع الماضي، التي لم تسفر عن التوصل لأي نتائج، سواء فيما يتعلق بوقف إطلاق النار أو بإبرام هدنة إنسانية.
ولدى عودة الوفد إلى صنعاء، قادما من مسقط، حيث توجه الوفد من جنيف، قال حمزة الحوثي، عضو المجلس (المكتب) السياسي للحوثيين وأحد أبرز أعضاء الوفد إلى جنيف إن «المكونات السياسية تدرس حاليًا تشكيل حكومة قائمة على الشراكة الوطنية بين كل المكونات السياسية التي شاركت في مشاورات جنيف». وأضاف الحوثي، في تصريح نقلته عنه وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التي يسيطر عليها الحوثيون، أن «هناك تواصلا مع معظم المكونات والتيارات السياسية داخل اليمن، وخصوصا في جنوب الوطن، بصورة مستمرة، وهناك تفاهمات جارية معها».
إلا أن الطرح الحوثي لا يلاقي رواجا داخل اليمن. وعلق الدكتور عبد الرحمن السقاف أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني لـ«الشرق الأوسط»، بالتأكيد على أن حزبهم ليس مع توجه تشكيل حكومة. وأوضح أنهم في الحزب الاشتراكي اليمني، وهو من الأحزاب الكبيرة في الساحة اليمنية «ملتزمون بقرار مجلس الأمن الدولي الذي ينص على عدم اتخاذ إجراءات أو خطوات من طرف واحد، وهذه الخطوة مخالفة للقرار الأممي وسوف تزيد المشكلات، أكثر مما ستؤدي إلى استقرار»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن 2166.
ولفت السقاف إلى أن «مسألة الالتزام ليست مسألة انتقائية، وإنما بكامل القرار، بكامل بنوده وبتفاصيله»، مؤكدا أن اليمن «تحت الفصل السابع للأمم المتحدة والمجتمع الدولي يسعى إلى حل المشكلات، ولا يمكن العمل خارج إطار هذا القرار الأممي طالما يريد المرء حلولا سلمية».
والى جانب ما طرحه الدكتور السقاف، قال مصدر سياسي يمني في صنعاء إن «المكونات السياسية التي يتحدثون عنها لن تشمل الحزب الاشتراكي اليمني، وقد تتكون حكومتهم المزمعة من الحوثيين وحزب المؤتمر بزعامة صالح، إضافة إلى الأحزاب الصغيرة التي لا يكاد يكون لديها ثقل سياسي، ولن تشارك فيها أحزاب تحترم نفسها وتاريخها». وأشار المصدر، الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمه، إلى أن «الكثير من الناس يهتمون، حاليا، بإيقاف الحرب والتدمير الذي يلحق بتعز وعدن وغيرهما، وبإيصال المساعدات، ولا يفكرون بعقلية الحوثيين في تشكيل حكومة، يعرفون سلفا أنه لن يعترف بها أحد».
وفي الوقت ذاته، قال مصدر سياسي يمني جنوبي إن «تصريحات الحوثي حملت تلميحات إلى أن بعض فصائل الحراك الجنوبي ستشارك معه في حكومته المزعومة، وهو يعرف أن الفصائل الأساسية التي تتزعمها شخصيات لها تاريخ نضالي طويل، لن تكون في صف الميليشيات التي تقتل الجنوبيين كل يوم».
ويسيطر الحوثيون منذ العام الماضي، على معظم المحافظات اليمنية بالتحالف مع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح الذي ساهم معهم في الانقلاب على شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. ويسعى تحالف الحوثي - صالح، إلى إخضاع بقية المحافظات اليمنية لسيطرتهم العسكرية، وخلال الأشهر الماضية لم يتمكن الحوثيون من تشكيل حكومة جديدة، وظلت إدارتهم تعمل بطاقم صغير مكون من بعض الوزراء المقالين رسميا وفق قرارات رئاسية. وتدير الأوضاع في اليمن ما تسمى بـ«اللجنة الثورية العليا»، التي شُكلت عقب الانقلاب على الشرعية، في الوقت الذي تحظى فيه حكومة خالد بحاح باعتراف كامل من قبل المجتمع الدولي.
وجاء حديث الانقلابيين الحوثيين عن تشكيل «حكومة الشراكة»، قبيل أيام من زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ لمناقشة التسوية السياسية ووقف الحرب وإيصال المساعدات الإغاثية إلى المتضررين، في ضوء مسودة النقاط الست التي عرضها على مجلس الأمن الدولي، قبل أيام، وتتعلق بالقضايا العالقة في اليمن.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.