تساؤلات حول أساليب الدعم الدولية لتطوير التعليم

البنك الدولي يرصد خمسة مليارات دولار خلال خمس سنوات لنشر التعليم

جانب من مشاركة البنك الدولي في مؤتمر سيول الشهر الماضي («البنك الدولي»)
جانب من مشاركة البنك الدولي في مؤتمر سيول الشهر الماضي («البنك الدولي»)
TT

تساؤلات حول أساليب الدعم الدولية لتطوير التعليم

جانب من مشاركة البنك الدولي في مؤتمر سيول الشهر الماضي («البنك الدولي»)
جانب من مشاركة البنك الدولي في مؤتمر سيول الشهر الماضي («البنك الدولي»)

أعلن البنك الدولي الشهر الماضي رصد خمسة مليارات دولار، خلال خمس سنوات، لنشر التعليم، خاصة في الدول الناشئة.
وتزامن ذلك مع مشاركة البنك الدولي في المنتدى العالمي للتعليم بسيول، عاصمة كوريا الجنوبية نهاية مايو (آيار) الماضي. وشاركت جهات عدة، بما فيها وكالة التنمية الدولية الأميركية «يو إس إي إي دي» في المنتدى العالمي. وبينما يشير وفد البنك الدولي إلى دور على نطاق عالمي لنشر التعليم، يشير وفد وكالة «يو إس إي إي دي» إلى دور أميركي مركز، خاصة في دول العالم الثالث.
وأكد البنك الدولي في بيان للاعلان عن هذه المباردة أن «مزيدا من الإسهامات ستقدم، مع استمرار البرنامج العالمي عن (التنمية المتزايدة) الذي سيستمر حتى عام 2030، والذي يعتبر مؤتمر سيول جزءا منه».
وقال رئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم: «نأمل أن يساعد هذا على الانتقال من الأهداف الإنمائية الألفية (إم دي جي)، إلى تحقيقها». هذه إشارة إلى مبادرة عالمية أعلنت عام 2000، وتتضمن ثمانية أهداف، منها تعليم كل أولاد وبنات العالم مع حلول عام 2030.
لكن، انتقد الهدف التعليمي بأنه يركز على زيادة الالتحاق بالمدارس، دون أن يركز على تحسين نوعية التعليم.. ومن بين الذين انتقدوا هذه الأهداف مسؤولون كبار في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو). وقال تقرير أصدرته المنظمة: «يعنى التركيز على دخول المدارس الابتدائية قدرا أقل من الاهتمام بمجالات حيوية أخرى، مثل جودة التعليم، ورعاية الطفولة، ومحو أمية الكبار».
وبحسب برنامج الإنمائية الألفية، فإنه مع حلول عام 2030، يجب أن يقدر جميع الأولاد والبنات في العالم على إكمال تعليم مجاني، وفعال، وعادل، للمرحلتين الابتدائية والثانوية. وفي الوقت الحاضر، يوجد تقريبا 120 مليون ولد وبنت، في مختلف دول العالم، دون تعليم، حسب تقرير اليونيسكو. ومقابل كل 100 ولد ليس في مدرسة، توجد 117 بنتا.
من بين آخرين انتقدوا إعلان البنك الدولي، مشروع «بريتون ودز» للتنمية العالمية، ورئاسته في لندن. وقال بيان أصدره حول هذه النقطة: «يجب أن نرد في حذر على هذا التمويل (من البنك الدولي)، إذ لن يكون استثمارا عبر الحكومات لتمويل نظم التعليم العام... حتى الآن، لا توجد تفاصيل عن طريقة إنفاق هذا المال».
يوضح هذا النقد قلقا في منظمات عالمية كثيرة بأن البنك الدولي يتحول، ليس فقط في مجال التعليم، ولكن في مجالات أخرى مثل الصحة والبيئة، من دعم حكومي مباشر إلى منظمات غير حكومية.. وأنه، رغم أن بعض هذه المنظمات مؤسسات خيرية، توجد منظمات ربح رأسمالية.
بسبب هذا الاتجاه الجديد، وفي العام الماضي، وقعت أكثر من 100 منظمة عالمية منها «بريتون ودز» على خطاب قلق إلى رئيس البنك الدولي.
هذا ما كان عن وفد البنك الدولي من واشنطن إلى سيول لحضور المنتدى العالمي للتعليم. وهناك وفد وكالة المساعدات الدولية الأميركية (يو إس إيه إي دي)، والذي يمثل مساهمات حكومية أميركية لا ترفض التعاون مع منظمات وجهات خاصة في تحقيق أهدافها. في نفس الوقت، تقدم الوكالة برامج متكاملة تشمل التعليم والصحة والإغاثة.
من بين هذه البرامج، «خطة العمل الأميركية الوطنية» التي يرمز لها بالأحرف «إن إيه بي». ومن بين نشاطات هذه الخطة «مبادرة النساء والسلام والأمن» التي تركز على اللاجئين. ومنهم اللاجئون في الشرق الأوسط، وبخاصة لاجئو الحروب في سوريا والعراق.
ومن بين هذه البرامج، أيضا، تأسيس مدارس في مجموعة من الدول الأفريقية تعتبر الأقل في نسبة التعليم. وقال تقرير أصدرته مؤخرا وكالة التنمية إنه «خلال الأربع سنوات الماضية، وفي جميع أنحاء العالم، تعمل الوكالة من أجل تحقيق الأهداف الثلاثة لاستراتيجية التعليم التي تتبناها:
أولا: تحسين مهارات القراءة لأكثر من 100 مليون طفل وطفلة.
ثانيا: خلق فرص عمل للشباب.
ثالثا: زيادة فرص الحصول على التعليم لأكثر من 15 مليون طفل وطفلة في مناطق الحروب والاشتباكات».
وقال التقرير إنه «منذ عام 2011، وصلت برامجنا التعليمية إلى 42 دولة، حيث دخل الملايين من الأولاد والبنات مدارس ابتدائية لأول مرة».
وأشار التقرير إلى المنتدى العالمي في سيول، وقال إن «الوفد الأميركي سيبذل كل جهده لشرح المساهمات الأميركية، وفي نفس الوقت، للتعبير عن رغبة الولايات المتحدة في التعاون مع الدول الأخرى لتحقيق أهداف الإنمائية الألفية التي تم الاتفاق عليها عام 2000».



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».