دمشق تدرج أسماء 1500 معارض على قائمة الإرهاب بينهم أعضاء الوفد إلى جنيف

النظام ينفي صلة القرار بالمفاوضات.. والمعارضة تعده جزءا من الترهيب

وفد المعارضة المفاوض
وفد المعارضة المفاوض
TT

دمشق تدرج أسماء 1500 معارض على قائمة الإرهاب بينهم أعضاء الوفد إلى جنيف

وفد المعارضة المفاوض
وفد المعارضة المفاوض

أثار الكشف عن إدراج النظام السوري أسماء أكثر من 1500 ناشط ومعارض، بينهم أعضاء وفد المعارضة السورية إلى «مفاوضات جنيف2»، على «قائمة الإرهاب» وتجميد حساباتهم المصرفية ومصادرة أملاك عدد منهم، امتعاض المعارضة السورية، فيما بررت دمشق قرارها هذا على لسان مندوبها إلى الأمم المتحدة بشار جعفري بقوله إن «من يرفض مكافحة الإرهاب هو جزء من الإرهاب».
وقال عضو وفد المعارضة إلى جنيف عبد الأحد اسطيفو في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «توقيت نشر هذا القرار الذي كان بحوزتنا معلومات عنه ما هو إلا محاولة لخلق أجواء توتر وضغط على أعضاء الوفد المفاوض بشكل خاص». وأشار إلى أنه جرت مناقشة هذا القرار في جنيف، مؤكدا أنه «لم يعد يكفي النظام القصف بالبراميل المتفجرة والتصعيد على المسار الميداني من خلال حصار المدن وممارسة سياسة التجويع حتى يلجأ إلى اتباع هذا الأسلوب من أجل التهويل على أعضاء الوفد المفاوض وحتى أعضاء الائتلاف ومجموعة كبيرة من المعارضين والناشطين».
وكانت وكالة رويترز نقلت عن مصادر في المعارضة السورية وأخرى دبلوماسية قولها إن «وفد المعارضة لم يعلم بالقرار إلا عندما سربت نسخة من قرار وزارة العدل السورية الأسبوع الماضي إلى موقع (كلنا شركاء) الإلكتروني التابع للمعارضة السورية». وجاء في المذكرة التي أصدرتها وزارة العدل أن «الأصول جمدت بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2012».
وأوضحت رويترز، في تقريرها الذي نشرته الليلة قبل الماضيه، نقلا عن دبلوماسي إشارته إلى أن «مفاوضي المعارضة اكتشفوا قبل بضعة أيام أن معظمهم مدرج على قائمة الإرهابيين التي تضم 1500 من الناشطين والمعارضين للرئيس السوري بشار الأسد». وأشار الدبلوماسي، الذي اجتمع مع مفاوضي المعارضة في جنيف إلى أنه «عندما رأت سهير الأتاسي (عضو وفد المعارضة إلى جنيف) اسمها أدركت أنها فقدت منزلها. سقطت دمعة من عينها للحظة ثم تماسكت».
وأجاب جعفري، رئيس الوفد السوري إلى مفاوضات «جنيف2»، تعليقا على سؤال حول قرار دمشق وضع أعضاء وفد الائتلاف الوطني المعارض على قائمة الإرهاب: «تريدون أن ترهبوني ولن تنجحوا». وشدد على أن «هذا القرار صدر قبل اجتماع جنيف بشهرين ولا علاقة له باجتماع جنيف»، مضيفا: «نحن نعرف أنه ليس المفروض فقط أن نحارب الإرهاب بل أيضا أن نجد شريكا وطنيا في الائتلاف يحارب الإرهاب».
وفي سياق متصل، انتقد اسطيفو ما أورده جعفري لتبرير قرار دمشق، وسأل: «هل حجز ممتلكات أعضاء المعارضة وناشطيها يعد نوعا من أنواع مكافحة الإرهاب؟». وقال: «لا أعرف بماذا يمكن الرد على كلام مماثل».
وفي سياق متصل، أعرب عضو وفد المعارضة إلى جنيف أحمد جقل عن اعتقاده أن «النظام السوري يريد أن يبرهن أنه يستطيع النيل منهم شخصيا». وقال، في تصريحات صحافية: «خيالهم المريض يجعلهم ينظرون إلى أي شخص يعارضهم على أنه خائن وإرهابي».
يذكر أن أعضاء «الائتلاف السوري المعارض» يشكلون الجزء الأكبر من وفد المعارضة إلى جولتي مفاوضات «جنيف2» من أجل إيجاد حل سياسي لأزمة سوريا. وانتهت جولة المباحثات الثانية أول من أمس من دون تحقيق أي تقدم يذكر أو موعد جديد لجولة مفاوضات ثالثة.
وكان في عداد وفد المعارضة إلى جنيف عدد كبير من القياديين والناشطين أبرزهم أحمد الجربا وبدر جاموس وهيثم المالح وهادي البحرة (كبير المفاوضين) وأنس العبدة وعبد الحميد درويش ونذير الحكيم وسهير الأتاسي ومحمد حسام حافظ ولؤي صافي وعبد الأحد اسطيفو وعبيدة نحاس وريما فليحان وآخرون.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.