عندما تسير الأمور بشكل جيد ويحالفك الحظ في بعض المواقف، فإنك تشعر بالتفاؤل وبأن كل شيء سيكون على ما يرام في نهاية المطاف، وهو ما ظهر جلياً في ردة فعل حارس مرمى آرسنال آرون رامسدال عندما أهدر نجم ليدز يونايتد، باتريك بامفورد، ركلة جزاء في المباراة التي انتهت بفوز آرسنال بهدف دون رد على ملعب «إيلاند رود»؛ وينطبق نفس الأمر أيضاً على ردة فعل المدير الفني للمدفعجية، ميكيل أرتيتا، عندما أهدر لاعبو ليدز يونايتد فرصة محققة في الوقت المحتسب بدلاً من الضائع.
وللمرة الثانية خلال 72 ساعة فقط، نجح آرسنال في تخطي عقبة صعبة للغاية والتشبث بصدارة جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. وبالتالي، فبعد تجاوز كل عقبة من هذه العقبات يكون هناك شعور بأن الفريق في طريقه للانتقال إلى شيء أكثر تميزاً. وتعزز هذا الانطباع نتيجة تحقيق الفريق الفوز في تسع مباريات خلال الجولات الـ11 الأولى للدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم (له مباراة مؤجلة مع مانشستر سيتي)، وهي أفضل بداية لآرسنال في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، متقدماً بفارق نقطة عن مجموع النقاط التي حصل عليها فريق «آرسنال الذي لا يقهر» خلال نفس الجولات في عام 2003، كما تعد هذه هي البداية الأقوى للنادي خلال 118 موسماً. في الحقيقة، لم يكن أكثر المتفائلين من عشاق وأنصار آرسنال يتخيلون أن يحقق الفريق هذه البداية الاستثنائية. وبات يُطلب من أرتيتا كل أسبوع أن يواصل المغامرة وألا يتخلى عن الصدارة.
لذا، فإن السؤال المطروح الآن هو: هل يستطيع آرسنال مواصلة التألق وتصدر جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز والفوز باللقب في نهاية المطاف؟ من الممكن أن يختفي فارق النقاط الأربع في غضون أسبوع واحد، لكن ما يقدمه آرسنال هذا الموسم يجعل الكثيرين يرشحونه للاستمرار في المنافسة على اللقب حتى الرمق الأخير. لقد اشتكى أرتيتا أكثر من مرة من ضغط المباريات التي سيلعبها الفريق خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وأشار إلى أنه من السخافة أن يلعب الفريق تسع مباريات خلال شهر واحد، وأكد أن الأمر يتطلب إدارة دقيقة لهذه المباريات، لكن آرسنال حقق الفوز في المباريات الخمس التي لعبها خلال هذا الشهر حتى الآن، كما فاز خلالها على فريقين قويين، هما توتنهام وليفربول بشكل مثير للغاية، وهو ما يعني أن الفريق في أفضل حالاته على الإطلاق.
ويبدو أن الفترة التي سيتوقف فيها الدوري الإنجليزي الممتاز بسبب انطلاق منافسات كأس العالم ستكون نقطة مناسبة تماماً لإجراء تقييم كامل لما قدمه الفريق. سيلعب آرسنال أربع مرات فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز قبل ذلك الوقت، وإذا استمر في تحقيق هذه النتائج الجيدة فسيعني هذا مواصلة الفريق لتصدر جدول الترتيب بعد مرور 14 جولة من الموسم. لا يُشكل ساوثهامبتون ونوتنغهام فورست تهديداً كبيراً خلال الأسبوعين المقبلين، وقد يُنظر إلى وولفرهامبتون، خصمه الأخير قبل يوم السادس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول)، بنفس النظرة ما لم يأتِ مدير فني جديد ويعيد الفريق إلى المسار الصحيح.
وقد تكون مواجهة تشيلسي القوية على ملعب «ستامفورد بريدج» في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) هي النقطة التي ستصبح فيها الأمور مثيرة للاهتمام للغاية: فإذا تمكن أرتيتا من التفوق على غراهام بوتر، الذي نجح في تطوير أداء تشيلسي بشكل كبير، فسيكون آرسنال قد تغلب على معظم التحديات الصعبة قبل فترة التوقف بسبب إقامة منافسات كأس العالم.
لكن هناك شك واحد سيتواصل حتى العام المقبل. لقد كان من المقرر أن يستضيف آرسنال مانشستر سيتي يوم الأربعاء الماضي، لكن تغير موعد اللقاء بسبب إقامة مباراة الدوري الأوروبي بين آرسنال وأيندهوفن في نفس الأسبوع، التي فاز فيها الفريق الإنجليزي على نظيره الهولندي بهدف دون رد.
لكن من المؤكد أن مباراة مانشستر سيتي ستكون اختباراً حقيقياً لقوة آرسنال هذا الموسم، خصوصاً أن الأرقام والإحصائيات تشير إلى أن آرسنال لم يفز على مانشستر سيتي في الدوري منذ سبع سنوات كاملة، وبالتالي يبدو الفوز في هذه المباراة وكأنه العقبة الأكبر أمام «المدفعجية» للاستمرار في القمة وحصد اللقب في نهاية المطاف.
من المؤكد أن أرتيتا لم يمانع في تأجيل هذه المباراة، على الرغم من أن لاعبيه يقدمون أفضل مستويات لهم على الإطلاق في الوقت الحالي. ويعرف المدير الفني الإسباني جيداً كيف يستغل قدرات لاعبيه؛ حيث يمرر مارتين أوديغارد تمريرات قاتلة إلى الخط الأمامي من خلال غابرييل مارتينيلي وبوكايو ساكا على كلا الجانبين، بينما يشكل المهاجم البرازيلي غابرييل جيسوس خطورة هائلة على مرمى المنافسين، في الوقت الذي استعاد فيه غرانيت تشاكا أفضل مستوياته على الإطلاق ويقود خط الوسط بكل براعة.
لقد اشتكى أرتيتا من أنه لا يوجد سوى 16 لاعباً فقط متاحين لمواجهة بودو غليمت النرويجي في الدوري الأوروبي يوم الخميس قبل الماضي، لكنه لم يشر إلى القائمة الطويلة للاعبين الذين يغيبون بسبب الإصابة.
لقد استبعد المدير الفني الإسباني جيسوس من تلك الرحلة، لكن من الناحية المثالية ربما كان يتعين عليه أن يترك لاعبين آخرين في إنجلترا أيضاً من أجل منحهم قدراً أكبر من الراحة، نظراً لأن اللاعبين الأساسيين يلعبون الكثير من المباريات والدقائق وقد يتعرضون للإرهاق، وهو الأمر الذي يزيد من احتمالية ارتكاب الأخطاء، مثل لمسة اليد التي احتسبت ركلة جزاء على ويليام صليبا التي أهدرها بامفورد.
وعلاوة على ذلك، من المؤكد أن مانشستر سيتي لديه اللاعبون القادرون على استغلال الثغرات التي لم يتمكن لاعبو ليدز يونايتد من استغلالها في دفاعات آرسنال.
ويجب الإشارة إلى أن عدداً قليلاً فقط من الفرق هي التي يمكنها أن تلعب بنفس القوة والشراسة عندما يُطلب منها خوض مباراتين في الأسبوع، لكن القلق ينبع من أنه إذا كانت علامات الإرهاق بدأت تظهر على آرسنال من الآن، فكيف سيكون الحال بعد شهر آخر؟ ومن المؤكد أن فوز آرسنال بهدف دون رد على إيندهوفن الهولندي في الدوري الأوروبي وضمان التأهل للأدوار الإقصائية سيجعل آرسنال يلعب المباراة الأخيرة له في دور المجموعات أمام إف سي زيوريخ بالبدلاء والصف الثاني من أجل إراحة اللاعبين الأساسيين. وأخيراً أصبح لدى آرسنال خط دفاع قوي يُحسد عليه، لكن الفريق يعتمد بشكل كبير للغاية على ستة لاعبين فقط في الخط الأمامي، ولا يملك بدائل لهم، وبالتالي فإن غياب لاعب أو اثنين من هؤلاء اللاعبين سيؤثر كثيراً على طريقة اللعب وعلى التجانس بين اللاعبين.
يمكن معالجة هذا الأمر من خلال التعاقد مع لاعبين جدد في فترة الانتقالات الشتوية المقبلة؛ حيث سيتم توفير الأموال لتدعيم صفوف الفريق بشكل كبير إذا استمر الفريق في تحقيق نتائج قوية تشير إلى أنه قادر على المنافسة على حصد اللقب. ربما يجد أرتيتا وطاقمه الفني والطبي أنفسهم – من خلال العمل الجاد ووقوف الحظ إلى جانبهم – يستكملون الموسم من دون أي غيابات من اللاعبين البارزين باستثناء إميل سميث رو، وإذا حدث ذلك، فإن فرص منافسة الفريق على اللقب ستكون أقوى بكل تأكيد.
لقد فاز العديد من الأندية بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز بفضل تضافر عنصري الأموال والتألق، ويستطيع آرسنال أن يعول على التألق، لكنه في نفس الوقت يتعين عليه أن يفتح خزائنه ويدعم صفوفه في فترة الانتقالات الشتوية المقبلة إذا كان يريد مواصلة المنافسة على اللقب لأن الطريق لا يزال طويلاً!
هل يواصل آرسنال المنافسة على اللقب أم سيتأثر بالإرهاق والإصابات؟
«المدفعجية» بقيادة أرتيتا حقق أفضل بداية له في الدوري الإنجليزي منذ 118 عاماً
هل يواصل آرسنال المنافسة على اللقب أم سيتأثر بالإرهاق والإصابات؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة