مطاردات وتعذيب وتهديدات بالقتل... تقرير يكشف أدوات السلطات الإيرانية لإسكات المعارضة

التقرير قال إن السلطات الإيرانية تلاحق المتظاهرين وتقوم بتعذيبهم وتهديدهم (أ.ب)
التقرير قال إن السلطات الإيرانية تلاحق المتظاهرين وتقوم بتعذيبهم وتهديدهم (أ.ب)
TT

مطاردات وتعذيب وتهديدات بالقتل... تقرير يكشف أدوات السلطات الإيرانية لإسكات المعارضة

التقرير قال إن السلطات الإيرانية تلاحق المتظاهرين وتقوم بتعذيبهم وتهديدهم (أ.ب)
التقرير قال إن السلطات الإيرانية تلاحق المتظاهرين وتقوم بتعذيبهم وتهديدهم (أ.ب)

تحدث عدد من المتظاهرين الإيرانيين عن «التعذيب الوحشي» الذي تعرضوا له أثناء احتجازهم من قبل السلطات هذا الشهر، مشيرين إلى أنهم واجهوا «تهديدات بالقتل والاغتصاب».
وقال متظاهر، يبلغ من العمر 29 عاماً، في تصريحات لشبكة «سي إن إن» الأميركية، إن حياته تغيرت إلى الأبد في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، عندما تم اعتقاله أثناء انضمامه إلى مظاهرات مناهضة للحكومة في أحد شوارع طهران.
ولفت إلى أنه تعرض للتعذيب على يد الحرس الثوري الإيراني لمدة أربعة أيام، وأنه أُجبر أثناء احتجازه على التوقيع على اعتراف يقول إنه تلقى أموالاً من قبل حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل لـ«خلق الفوضى» في إيران.
وأضاف المتظاهر، الذي أطلق على نفسه الاسم المستعار «أرمان»، خوفاً من الإفصاح عن هويته الحقيقية: «لقد تعرضت لتعذيب وحشي، بما في ذلك الصعق بالصدمات الكهربائية والإيهام بالغرق واستخدام تقنية الإعدام الوهمية».
ولفت «أرمان» إلى أنه احتجز في الحبس الانفرادي وتعرض للضرب بشكل متقطع، قبل أن يوضع في نهاية المطاف في غرفة مع ما يقرب من عشرين متظاهراً آخرين، بينهم امرأة مصابة بجروح في وجهها ورقبتها، قالت إنها تعرضت لاعتداء جنسي من قبل قوات الأمن.
وقد أثر ما تعرض له «أرمان» من تعذيب عليه بعمق. فقد أشار إلى أنه في الوقت الحاضر لا ينام كثيراً، ويرى كوابيس في معظم الأوقات.

وتابع قائلاً: «السلطات الإيرانية ما زالت تلاحقني. لقد تلقيت تهديدات لي ولعائلتي خلال مكالمة هاتفية من رقم غير معروف، وذلك بسبب المنشورات التي أغرد بها على حسابي على تويتر».
من جهته، قال متظاهر آخر أطلق على نفسه الاسم المستعار «فرهاد»، إنه شاهد العديد من أصدقائه وهم يسقطون في الشارع أثناء إحدى المظاهرات.
وأضاف: «بعد هذه الواقعة بأسابيع، جاءت السلطات إلى منزلي في منتصف الليل وأخذتني إلى غرفة تعرضت فيها للتعذيب لمدة 16 يوماً، لدرجة أن أسرتي لم تتمكن من التعرف على ملامحي بعد الإفراج عني».
وأكمل قائلاً: «بعد الإفراج عني، لم تتركني السلطات الإيرانية وشأني؛ حيث تم تجميد حسابي المصرفي وتلقيت اتصالات مجهولة تهددني بقتل أطفالي الاثنين واغتصاب زوجتي».
وراجعت «سي إن إن» بعض الصور المروعة لإصابات «فرهاد». وقد أشارت إلى أنه خضع للعديد من العمليات الجراحية التي رممت فكه مرة أخرى.

من جهتها، قالت متظاهرة تبلغ من العمر 24 عاماً: «نحن الآن في أسوأ وقت في حياتنا. إنه وقت مليء بالتوتر والخوف».
وأشارت المتظاهرة إلى أن العديد من صديقاتها تعرضن للتعذيب، وأن إحداهن تعرضت لانتهاك جنسي، بعد أن احتجزها الحرس الثوري الإيراني في مدينة رشت، الشهر الماضي.
ووفقاً لتقرير «سي إن إن»، فإن السلطات الإيرانية تقوم بالتعرف على المشاركين في المظاهرات من خلال كاميرات المراقبة، ومن خلال قراصنة ترعاهم الدولة عبر الإنترنت، ليتم بعد ذلك ملاحقتهم وتعذيبهم وتعقبهم وتهديدهم.
لكن هذا لا يمنع الآلاف من المخاطرة كل يوم في إيران. فقد عاد «فرهاد» إلى الاحتجاج هذه المرة مع أطفاله، إنه يعرف تكلفة التحدي، ولكنه ثمن يقول إنه مستعد لدفعه مقابل حريته وحرية أطفاله وبلاده.
ولم يرد مسؤولون إيرانيون على طلب «سي إن إن» للتعليق على هذه الروايات الشخصية للاعتقال التعسفي والتعذيب والإساءة للمتظاهرين، بجانب الاختراقات المنتشرة التي وثّقتها منظمات حقوقية.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».