إجلاء آلاف السياح الأجانب ضربة موجعة للاقتصاد التونسي

قطاع السياحة يشغل 400 ألف عامل.. ويساهم بنسبة 7 % من الناتج المحلي

سياح بريطانيون يغادرون تونس بعد الهجوم الإرهابي الذي خلف 39 قتيلاً أول من أمس (إ.ب.أ)
سياح بريطانيون يغادرون تونس بعد الهجوم الإرهابي الذي خلف 39 قتيلاً أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

إجلاء آلاف السياح الأجانب ضربة موجعة للاقتصاد التونسي

سياح بريطانيون يغادرون تونس بعد الهجوم الإرهابي الذي خلف 39 قتيلاً أول من أمس (إ.ب.أ)
سياح بريطانيون يغادرون تونس بعد الهجوم الإرهابي الذي خلف 39 قتيلاً أول من أمس (إ.ب.أ)

غادر آلاف السياح الأجانب تونس، أمس، في عمليات إجلاء واسعة غداة الهجوم على فندق في ولاية سوسة السياحية، أسفر عن مقتل 38 شخصا غالبيتهم من البريطانيين. وقالت شركتا «تومسون» و«فيرست تشويس» للسياحة، المملوكتان للمجموعة الألمانية «تي يو إي»، إن زبائنهما قدروا وقت وقوع الهجوم بنحو 4600 سائح في أنحاء مختلفة من تونس.
ويقول خبراء وعاملون في المجال السياحي إن أحداث سوسة الإرهابية أصابت السياحة التونسية في مقتل، في الوقت الذي كانت تلتمس فيه طريق النجاة من تداعيات هجوم باردو الذي وقع في مارس (آذار) الماضي، والذي أوقع 21 قتيلا من السياح.
وما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للعاملين في المجال أنه ليس واضحا بعد ما هي الخطط التي ستدفع بها وزارة السياحة لمنع حصول نتائج مدمرة على القطاع.
في هذا الصدد يقول عفيف كشك، الخبير في السياحة ومدير المرصد التونسي للسياحة: «إنها كارثة قومية. ولا أمل في المستقبل. القطاع سيحتاج لوقت طويل للتعافي حتى يعود السياح إلى تونس».
من جانبها، قالت وزيرة السياحة سلمى اللومي إن أحداث سوسة الإرهابية ستكون لها تداعيات كارثية على القطاع، خاصة أنه يشغل 400 ألف عامل، ويساهم بنسبة 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. فيما أفادت سلوى القادري، مندوبة السياحة بسوسة بأن عددا كبيرا من السياح عبروا عن رغبتهم في المغادرة فورا عقب الحادث.
وبحسب أرقام وزارة السياحة، فقد بلغ عدد الوافدين من السياح خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي أكثر من مليون و900 ألف سائح أجنبي. ويعد الرقم أقل مما سجل في العام السابق حيث بلغ عدد الوافدين مليونين و324 ألف سائح. ويرجع ذلك، حسب مراقبين، إلى تأثيرات الهجوم الإرهابي على متحف باردو.
وكانت الحكومة تتوقع قدوم 7 ملايين سائح العام الحالي، ما يعني العودة إلى المعدلات العادية لفترة ما قبل أحداث الثورة، تحديدا عام 2010، ولكن مع توالي الهجمات الإرهابية سيكون التحدي الأكبر هو الحفاظ على معدلات العام الماضي، التي سجلت قدوم نحو 6 ملايين و300 ألف سائح. من جهته، وصف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الهجوم بأنه «ضربة موجعة» لاقتصاد بلاده، فيما أعلن رئيس الحكومة الحبيب الصيد «وضع مخطط استثنائي لمزيد من تأمين المواقع السياحية والأثرية بنشر وحدات مسلحة من الأمن السياحي على كامل السواحل، وداخل الفنادق اعتبارا من مطلع يوليو (تموز) المقبل»، لافتا إلى أن الأمن السياحي الحالي «غير مسلح».
لكن هذه الإجراءات لن تأتي بنتائج سريعة لأن الموسم السياحي الصيفي بدأ بالفعل، ولذلك يشعر جل العاملين في القطاع السياحي بخيبة أمل كبيرة لأنهم يعولون على عودة أفراد الجالية التونسية المهاجرة التي تساهم في خلق رواج تجاري كبير وتساهم في إنعاش السياحة وتوفير مداخيل مهمة من العملة الصعبة، لكن بسبب الهجوم الأخير فإن هؤلاء المهاجرين قد يفكرون بتغيير وجهتهم وقضاء عطلة الصيف في بلد آخر.. غير تونس.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.