يتألق النجم النرويجي الشاب إيرلينغ هالاند بقوة في الوقت الحالي، ونجح بالفعل في تحطيم بعض الأرقام القياسية، وبدد أي شكوك كانت موجودة حول سرعة تأقلمه مع قوة وشراسة الدوري الإنجليزي الممتاز بغض النظر عن الظروف التي احاطت بأدائه في الجولة الأخيرة من المسابقة والتي فاز فيها ليفربول بهدف دون رد. بدأ هالاند مسيرته مع مانشستر سيتي ببطء، حيث فشل في ترك أي انطباع جيد في مباراة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة أمام ليفربول في يوليو (تموز) الماضي، وسرق منه الأضواء لاعب آخر هو داروين نونيز، الذي شارك كبديل في صفوف ليفربول قبل نهاية المباراة بـ30 دقيقة، حيث حصل المهاجم الأورغواياني على ركلة جزاء وسجل هدفاً؛ وهو ما أدى إلى الشعور بأنه قد يكون قادراً على التكيف بشكل أسرع مع ناديه الجديد.
وبعد مباراة رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، بدا أن هالاند ربما يحتاج إلى بعض الوقت ليتكيف مع الطريقة التي يلعب بها مانشستر سيتي ومع كرة القدم الإنجليزية بشكل عام. وتعرض المهاجم النرويجي لانتقادات لاذعة بسبب اختفائه تماماً خلال النصف الأول من تلك المباراة، حيث لم يلمس الكرة سوى ثماني مرات فقط – أقل من أي لاعب آخر داخل الملعب – وسخر منه الكثيرون بسبب إهداره فرصة سهلة للغاية عندما ارتدت الكرة أمامه داخل منطقة الست ياردات والمرمى خالٍ على مصراعيه ليسدد الكرة في العارضة في الدقيقة الأخيرة من عمر اللقاء.
ووجد المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، نفسه مضطراً إلى الدفاع عن صفقته الجديدة، فقال «إنه لأمر جيد بالنسبة له أن يرى الواقع في بلد جديد ودوري جديد، لكنه كان هناك. صحيح أنه لم يسجل، لكنه يمتلك جودة لا تصدق وسيسجل الأهداف». وبعد مرور عشر جولات من الموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز، ثبت أن غوارديولا كان محقاً تماماً، حيث عرف هالاند طريقه نحو الشباك ولم يتوقف عن التسجيل. لقد أزال أي شكوك أو مخاوف بشأن قدرته على التأقلم سريعاً مع الدوري بتسجيله هدفين أمام وستهام في أول مباراة لمانشستر سيتي في الدوري هذا الموسم، ثم سجل سبعة أهداف أخرى في مبارياته الأربع التالية، محطماً الرقم القياسي السابق الذي كان مسجلاً باسم سيرخيو أغويرو وميكي كوين، لأكبر عدد من الأهداف يسجلها أي لاعب في أول خمس مباريات له في المسابقة. لقد احتاج آلان شيرار، الهداف التاريخي للدوري الإنجليزي الممتاز، إلى تسع مباريات ليسجل أول سبعة أهداف له، في حين احتاج هاري كين إلى 18 مباراة.
سجل كل من هالاند وفودن ثلاثية (هاتريك) في شباك مانشستر يونايتد (أ.ب)
وبعد تسجيل ثلاثة أهداف في مرمى مانشستر يونايتد ضمن المرحلة التاسعة من المسابقة، رفع هالاند رصيده إلى 14 هدفاً في أول ثماني مباريات له في الدوري الإنجليزي الممتاز، بما في ذلك الإنجاز الفريد المتمثل في إحراز ثلاثة أهداف (هاتريك) في ثلاث مباريات متتالية لفريقه على ملعبه في الدوري. وحتى قبل مباراة الديربي، كان المهاجم النرويجي قد انضم بالفعل إلى مجموعة قليلة من اللاعبين الذين سجلوا هاتريك في مباريات متتالية في الدوري الإنجليزي الممتاز.
لم يكن فرديناند هو أول من فعل ذلك، عندما سجل هاتريك مع كوينز بارك رينجرز ضد نوتنغهام فورست في 10 أبريل (نيسان) 1993، ثم مرة أخرى ضد إيفرتون بعد ذلك بيومين فقط. ومن بين اللاعبين الآخرين الذين حققوا الإنجاز نفسه واين روني، وديدييه دروغبا، وإيان رايت، وهاري كين – لكن هاري كين يعدّ اللاعب الوحيد الذي فعل ذلك مرتين: ضد ليستر سيتي وهال سيتي في مايو (أيار) 2017، وضد بيرنلي وساوثهامبتون بعد سبعة أشهر. لكن هاري كين لم يسجل أي هاتريك في الدوري منذ ذلك الحين.
في ذلك الوقت، كان هناك 58 هاتريك في الدوري الإنجليزي الممتاز، من بينها 19 هاتريك للاعبي مانشستر سيتي. وخلال السنوات الخمس الماضية، كان عدد مرات الهاتريك التي سجّلها لاعبو مانشستر سيتي أكثر من عدد مرات الهاتريك التي سجلها لاعبو ليفربول ومانشستر يونايتد وتشيلسي وآرسنال مجتمعين، والذين سجلوا 16 هاتريك فيما بينهم. وبالنسبة إلى أعداد الهاتريك التي سجلها اللاعبون خلال السنوات الخمس الماضية، لم يتفوق على هالاند سوى أغويرو بست مرات هاتريك، ورحيم سترلينغ ومحمد صلاح بأربع مرات هاتريك لكل منهما. وأحرز المهاجم النرويجي ثلاثة هاتريك في الدوري حتى الآن هذا الموسم، ليعادل كل من دروغبا وجيمي فاردي وروبي كين وكريستيانو رونالدو طوال مسيرتهم الكروية في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وكسر هالاند أيضاً رقماً قياسياً آخر. في السابق، كان مايكل أوين يحمل الرقم القياسي لأقل عدد من المباريات المطلوبة لتسجيل ثلاثة هاتريك. شارك أوين في أول مباراة له في الدوري الإنجليزي الممتاز في مايو 1997، وسجل أول هاتريك له في مشاركته رقم 28، ووصل إلى الهاتريك الثالث في مباراته الثامنة والأربعين في الدوري؛ وهو ما يعني أن أوين كان في حاجة إلى 18 شهراً لإحراز ثلاثة هاتريك، لكن الأمر لم يتطلب من هالاند سوى ثمانية أسابيع فقط لتحقيق نفس الإنجاز.
وإذا استمر هالاند في معدله التهديفي الحالي البالغ 1.75 هدف في المباراة الواحدة، فسوف يسجل 66 هدفاً هذا الموسم، وهو ما يقرب من ضعف الرقم القياسي الحالي في الدوري الإنجليزي الممتاز والذي يبلغ 34 هدفاً، والمسجل باسم آندي كول في موسم 1993 - 1994 وشيرار في العام التالي. وعلاوة على ذلك، فإن هذا المعدل الهائل من التهديف قادر على تحطيم رقم قياسي آخر كان يبدو في السابق أنه لا يمكن تحطيمه على الإطلاق: الرقم القياسي المسجل باسم ديكسي دين، الذي سجل مع إيفرتون 60 هدفاً في موسم 1927 - 1928، عندما كان الموسم يُلعب من 42 مباراة. وإذا استمر هالاند في تسجيل الهاتريك بهذا المعدل، فسوف يحطم الرقم القياسي المسجل باسم أغويرو، الذي سجل 12 هاتريك في الدوري الإنجليزي الممتاز - والذي سجله على مدار عشر سنوات - بحلول نهاية أبريل المقبل.
لقد حطم هالاند بالفعل رقماً قياسياً آخر كان يحمله آلان شيرار. لقد سجل المهاجم الإنجليزي ثلاثة هاتريك في غضون 10 مباريات خلال الفترة بين نوفمبر (تشرين الثاني) 1994 وفبراير (شباط) 1995، لكن هالاند أحرز ثلاثة هاتريك خلال نصف هذه المدة تقريباً. ويبدو المهاجم النرويجي قريباً على تحطيم رقم قياسي آخر مسجل باسم شيرار. لقد سجل شيرار خمسة هاتريك بقميص بلاكبيرن في موسم 1995 – 1996، وهو رقم قياسي لأكبر عدد من مرات الهاتريك في موسم واحد. ووصل هالاند إلى أكثر من نصف هذا العدد بالفعل مع تبقي 31 جولة من الموسم – وسيحصل على راحة لمدة أربعة أسابيع في الوقت الذي سيلعب فيه معظم منافسيه مع منتخبات بلادهم في نهائيات كأس العالم بقطر.
أما بالنسبة لمواطنيه، فقد تفوق هالاند على ستيفن إيفرسن وجوش كينغ، اللذين سجل كل منهما هاتريك مرتين في الدوري الإنجليزي الممتاز، وعادل رقم أولي غونار سولسكاير، الذي سجل ثلاثة هاتريك في 235 مباراة لعبها في الدوري الإنجليزي الممتاز. وأصبح هالاند الآن على بُعد أربعة أهداف فقط من إجمالي عدد الأهداف التي سجلها والده في الدوري الإنجليزي الممتاز: 18 هدفاً سجلها في 181 مباراة.
وكما هو الحال مع هالاند، سجل نونيز أيضاً في أول ظهور له في الدوري الإنجليزي الممتاز، ضد فولهام في الجولة الافتتاحية للموسم. وعندما بدأ الموسم، كان الأمر يبدو وكأن الوافدين الجديدين سيدخلان في منافسة شرسة بينهما على لقب هداف الدوري. لكن منذ ذلك الأسبوع الافتتاحي، لم يشارك نونيز، القادم من بنفيكا الصيف الماضي، في الكثير من المباريات مع ليفربول الدوري، ولم يسجل سوى هدف وحيد في الدوري، وهو ما يعادل نفس عدد البطاقات الحمراء التي حصل عليها! لكن نونيز ليس الوحيد الذي يتخلف عن هالاند، فإذا استمر اللاعب البالغ من العمر 22 عاماً في مانشستر سيتي لفترة كافية، فمن الواضح أنه سيتفوق على جميع المهاجمين السابقين والحاليين في الدوري الإنجليزي الممتاز.