قادة حوثيون «متورطون» في إدخال شحنة الحقن الملوثة

مصادر يمنية أكدت أنهم يتحكمون بقطاع الأدوية عبر استحداث 20 كياناً وشركة

يمنيون يشيعون في صنعاء اثنين من المرضى توفيا بالدواء الملوث الاثنين (أ.ف.ب)
يمنيون يشيعون في صنعاء اثنين من المرضى توفيا بالدواء الملوث الاثنين (أ.ف.ب)
TT

قادة حوثيون «متورطون» في إدخال شحنة الحقن الملوثة

يمنيون يشيعون في صنعاء اثنين من المرضى توفيا بالدواء الملوث الاثنين (أ.ف.ب)
يمنيون يشيعون في صنعاء اثنين من المرضى توفيا بالدواء الملوث الاثنين (أ.ف.ب)

كشفت مصادر طبية يمنية عن تورط ستة من قادة الميليشيات الحوثية في تهريب الأدوية واحتكار أسواقها في مناطق سيطرة الانقلاب، متهمة إياهم بإدخال شحنة الأدوية الملوثة التي حقن بها مؤخرا الأطفال المصابون بمرض «اللوكيميا»، ما تسبب في وفاة 18 منهم، على الأقل فيما لا يزال 30 منهم يتلقون العلاج.
وذكرت المصادر أن هذه المجموعة باتت تسيطر على القطاع الطبي وتجارة الأدوية بعد أن وضعت يدها على كبرى المستشفيات الخاصة في صنعاء والمملوكة لمعارضين إلى جانب مجموعة واسعة من شركات الاستيراد.
وأفاد مصدران طبيان لـ«الشرق الأوسط» بأن تاجر المبيدات الشهير أحمد دغسان وبالشراكة مع أحد القيادات الحوثية يدعى أبو مدين من منطقة الطلح في محافظة صعدة (شمال) وينتمي لعائلة العجري أصهار عبد الملك الحوثي اشتريا مؤخرا شركة «سبأ» للصناعات الدوائية، إلى جانب عمله في تجارة المبيدات الزراعية المحرمة وتجارة المشتقات النفطية بالتعاون مع القيادي أحمد حامد مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي.
وذكر المصدران أن القيادي الحوثي دغسان يتقاسم مع اثنين آخرين من قادة الميليشيات الحوثية استيراد المشتقات النفطية، وهما علي ناصر قرشة والمتحدث الرسمي باسم الميليشيات عبد السلام صلاح فليتة الشهير بـ«محمد عبد السلام».
وبحسب مصادر أخرى في قطاع الصحة الخاضع للميليشيات الحوثية في صنعاء، فإن شحنة الأدوية الملوثة التي حقن بها الأطفال المصابون بمرض اللوكيميا، دخلت إلى اليمن، في أبريل (نيسان) الماضي، بموجب تصريح من القيادي الحوثي أحمد حامد حيث تم استيراد الشحنة من الهند ومنح ترخيصا من الهيئة العليا للأدوية، عبر ما تسمى اللجنة الطبية العليا التي يقع على رأسها القيادي الحوثي محمد الغيلي، إلى جانب مجاهد معصار صهر وزير الصحة في حكومة الميليشيات طه المتوكل.
ووفقا لما ذكرته المصادر، فإن الأدوية الخاصة بالأمراض المستعصية وأدوية الأطفال تصل إلى مناطق سيطرة الميليشيات بشكلٍ سلس جدا حيث يأتي جزء كبير منها عبر منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، حيث تنقل عبر الرحلات الجوية المباشرة إلى مطار صنعاء، كما يتم استيراد الأدوية عن طريق تجار الأدوية وبطريقة رسمية بطريقة استيراد النفط نفسها، وتدخل من المنافذ الجمركية بطريقة عادية جدا ولا يتم اعتراضها إطلاقا، ويتم إدخال أدوية بطريق التهريب بنسبة بسيطة جدا من باب التهرب الجمركي أو للتحايل على الوكلاء الأساسيين لشركات الأدوية.
وكشفت المصادر أن الوزير الحوثي طه المتوكل عادة ما يقوم بترتيب شراء واستيراد الأدوية من الخارج وبيعها للمرضى عن طريق صديقه أحد تجار الأدوية المعروفين (تتحفظ الصحيفة على اسمه) والذي منح حق استيراد معظم الأدوية دون غيره استنادا إلى علاقة المصلحة المشتركة بين الرجلين.
ويحصل التاجر - بحسب المصادر - على امتياز حصري لاستيراد أنواع معينة من الأدوية وأحيانا ما تكون هذه الأدوية غير مطابقة للمواصفات أو ملوثة، حيث تمر الشحنات عبر المنافذ الجمركية التي استحدثتها ميليشيات الحوثي، ولا يتم فحصها لمعرفة مدى مطابقتها المواصفات.
وطبقا لما ذكرته المصادر، فإن هناك أدوية كثيرة ملوثة، مرجحة وجود وفيات متعددة لم يتم الكشف عنها لأنها حالات فردية خلافا لجريمة حقن الأطفال بالأدوية الملوثة التي تم اكتشافها لأن الضحايا مجموعة واحدة وفي مستشفى واحد.
وأوضحت المصادر أن قيادات الميليشيات الحوثية تدير سوق الدواء عبر 20 كيانا يضم شركات استيراد ومستشفيات خاصة، حيث يدير القيادي دغسان عبر نجله علي، شركة سبأ للأدوية والمستلزمات الطبية المحدودة، إضافة إلى واجهة أخرى تعرف باسم مؤسسة أحمد دغسان للاستيراد والتصدير.
كما يبرز اسم المسؤول المالي لميليشيات الحوثي القيادي صالح مسفر الشاعر، المصنف على قائمة الإرهاب الدولية، حيث يدير سلسلة من الكيانات الصحية؛ مثل شركة الشاعر للاستيراد، والشاعر للأدوية والمستلزمات الطبية، والشاعر موتورز للاستيراد، ومؤسسة الشاعر التجارية.
وتحول الشاعر وهو من كبار مهربي السلاح، - بحسب المصادر - إلى أحد كبار تجار الأدوية بعد أن وضع يده تحت اسم الحارس القضائي على المستشفيات المملوكة لآخرين، مثل مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، و«سيبلاس»، و«الأم والطفل»، و«الأهلي»، و«الألماني الحديث».
كما تقول المصادر، إن وزير صحة الحوثيين في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، طه المتوكل، لم يقتصر نشاطه على نهب ومصادرة الدعم الدولي المخصص للمرافق الصحية وتعطيل المشافي الحكومية، بل ذهب للاستثمار في القطاع الطبي حيث بات يدير مجموعة «يوني ماكس» الصحية والتجارية، والتي تضم مستشفى وشركة استيراد دوائية وشركة تجارية، إلى جانب إدارته مستشفى اليمن السعيد المسجل باسم صهره مجاهد معصار، فضلا عن إدارة سلسلة من الصيدليات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السعودية أكدت استمرار وقوفها مع اليمن وحكومته وشعبه (الشرق الأوسط)

ترحيب سعودي وخليجي باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين الاقتصادي

رحبت السعودية باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين على إجراءات خفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقدير أممي بموت 62 ألف طفل يمني سنوياً قبل سن الخامسة

اليمن يواجه تفشياً متزامناً للأمراض الوبائية (الأمم المتحدة)
اليمن يواجه تفشياً متزامناً للأمراض الوبائية (الأمم المتحدة)
TT

تقدير أممي بموت 62 ألف طفل يمني سنوياً قبل سن الخامسة

اليمن يواجه تفشياً متزامناً للأمراض الوبائية (الأمم المتحدة)
اليمن يواجه تفشياً متزامناً للأمراض الوبائية (الأمم المتحدة)

قدّرت منظمة الصحة العالمية أن نحو مليون يمني يصابون سنوياً بالملاريا، وأن متوسط عمر الأفراد في هذا البلد تراجع من 66 عاماً إلى 64، مؤكدة أن 62 ألف طفل دون سن الخامسة يموتون كل عام، بسبب تردي مستوى الخدمات الصحية، في حين يعاني 70 في المائة من الأمهات الحوامل والمرضعات من فقر الدم.

ووفق استراتيجية التعاون القطري بين المنظمة الأممية والحكومة اليمنية للأعوام 2024-2025، فإن معدل وفيات الأمهات مرتفع؛ إذ يقدر بـ183 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية، كما أظهرت بيانات المسح الديموغرافي الصحي الأخير الذي أجري في عام 2013، أن أكثر من 70 في المائة من النساء الحوامل والمرضعات يعانين من فقر الدم، وأن الوضع لم يتحسن منذ ذلك الحين.

الأطفال اليمنيون دون سن الخامسة يعانون من توقف النمو ونقص التغذية الحاد (الأمم المتحدة)

ونبهت الاستراتيجية إلى التأثيرات السلبية المتكررة لأحداث الطوارئ الناجمة عن تغير المناخ، مثل الفيضانات والعواصف الرملية والطقس الحار المفرط والعواصف على صحة السكان، والفئات الأكثر ضعفًا، مثل كبار السن الذين هم في أمس الحاجة إلى التكنولوجيا المساعدة، وقالت إن نحو 62 ألف طفل يموتون سنوياً في البلاد قبل بلوغ عامهم الخامس.

ارتفاع الوفيات

أوضحت الاستراتيجية اليمنية - الأممية أن معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة آخذ في الارتفاع بالبلاد خلال السنوات القليلة الماضية، إذ وصل إلى 62 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي في عام 2021، مع تسجيل بعض التحسن المحدود بين عام 2021 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إذ بلغ معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة 41 لكل 1000 مولود حي، على الرغم من ارتفاع معدل الوفيات بين الأولاد (45 لكل 1000) مقارنة بالفتيات (35 لكل 1000)، كما جاء في مؤشر اليمن المتعدد.

ووفق ما جاء في الاستراتيجية، فإن اليمن يمكن أن يحقق مكاسب كبيرة في النمو المتجدد والحد من الفقر بحلول عام 2030، وذكرت أنه من المرجح أن تؤثر هذه الديناميكيات والبيئة الاجتماعية والسياسية سريعة التغير على تنفيذ استراتيجية احتجاز الكربون، ومن ثم سيتم إجراء مراجعات سنوية لتسهيل أي تعديلات قد تكون ضرورية.

مساهمة السعودية لمنظمة الصحة العالمية في اليمن بلغت 320 مليون دولار (الأمم المتحدة)

وتظهر نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات أنه لم يكن هناك تغيير كبير في الاتجاه لجميع معدلات وفيات الأطفال على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية.

ووفق النتائج، انخفض معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة بشكل هامشي من 22 إلى 21 لكل 1000؛ وانخفض معدل وفيات الرضع من 39 إلى 35 لكل 1000؛ وانخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 44 إلى 41 لكل 1000.

المساواة الصحية

أدى النزاع المسلح في اليمن، والمستمر منذ أكثر من 9 سنوات، إلى الحد من قدرة وزارة الصحة العامة والسكان على التركيز على تعزيز النظام الصحي، على الرغم من أن هذا الأمر أساسي لتوفير خدمات صحية عالية الجودة، وبأسعار معقولة لمن يحتاجون إليها.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أنه تم التغاضي عن اعتماد نهج للنظام الصحي لعدد من الأسباب، بما في ذلك الخبرة المحدودة في القيادة والحوكمة الصحية، ونقص الخبرة في مجال الصحة العامة والإدارة الصحية. ومحدودية القدرات، بما في ذلك الموارد البشرية المتاحة للوزارة والمنظمات الأخرى العاملة في اليمن.

ووفق ما جاء في الاستراتيجية فإن هذه الأسباب أدت إلى تقليص قدرة الوزارة على تنفيذ مهامها الرئيسية بكفاءة، ما انعكس على عدم كفاءة الأداء والقدرة التشغيلية. وقالت الاستراتيجية إن تعزيز قدرات قيادة الوزارة والاستثمار في الحوكمة الفعالة والقيادة القوية سيضمن تقديم الخدمات الصحية بكفاءة ومساواة.

وحذرت «الصحة العالمية»، من نقص التغذية، وقالت إنه يُشكل مصدر قلق كبير على الصحة العامة، إذ يعاني ما يقرب من نصف الأطفال في اليمن دون سن الخامسة من توقف النمو، وأكثر من مليوني طفل يعانون من نقص التغذية الحاد، مع ارتفاع خطر الوفاة.

معدل وفيات الأطفال في اليمن دون سن الخامسة بلغ 41 لكل ألف مولود حي (الأمم المتحدة)

وأعادت التذكير بأن الصراع أسهم في أزمة الصحة العقلية في البلاد؛ إذ يحتاج ما يقدر بنحو 8 ملايين شخص إلى التدخل الطبي لاضطرابات الصحة العقلية. كما أنها معرضة بشكل كبير جداً لمخاطر الأوبئة ونقاط الضعف.

وكشفت الاستراتيجية اليمنية - الأممية أن اليمن يواجه تفشياً متزامناً للأمراض المعرضة للوباء، بما في ذلك فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاحات من النوع 2، والكوليرا، والحصبة، والدفتيريا، والسعال الديكي، والملاريا، وحمى الضنك.

وذكرت أن تغطية التطعيم منخفضة، خصوصاً في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ إذ تتزايد المشاعر المسيسة المناهضة للقاحات.

ووفق ما جاء في الاستراتيجية، فإنه بين عامي 2019 و2021، انخفض متوسط ​​العمر المتوقع من 66 عاماً إلى 64 عاماً، «بوصفه أثراً مباشراً للصراع المستمر"، وقالت إن نحو 55 في المائة من الوفيات تعزى إلى الأمراض غير السارية، في حين تعزى 33 في المائة إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض المعدية، و29 في المائة من الحالات إلى ظروف الأمومة والتغذية.

وبحسب التقديرات التي أشارت إليها الاستراتيجية، تحدث مليون حالة إصابة ملاريا كل عام في اليمن، مع وجود 65 في المائة من الحالات المبلغ عنها في منطقة تهامة، خصوصاً بمحافظتي الحديدة وحجة (غرب وشمال غرب).