العلاج الجيني... كيف يصل دواء الأثرياء للفقراء؟

«المنتدى الاقتصادي العالمي» أثار المشكلة

ممرض يحمل أمبول دواء زولجينزما (أرشيفية)
ممرض يحمل أمبول دواء زولجينزما (أرشيفية)
TT

العلاج الجيني... كيف يصل دواء الأثرياء للفقراء؟

ممرض يحمل أمبول دواء زولجينزما (أرشيفية)
ممرض يحمل أمبول دواء زولجينزما (أرشيفية)

قبل أيام تفاعل المصريون مع حملة تبرعات لجمع 40 مليون جنيه مصري (مليوني دولار) قيمة حقنة العلاج الجيني «زولجينزما»، التي تستخدم لعلاج ضمور العضلات الشوكي، لتوفيرها لطفلة مصرية تعاني من المرض.
جاء ذلك بعد شهور من تنظيم حملة تبرعات، استهدفت جمع قيمة الحقنة لطفلة أخرى، وهو ما يكشف عن صعوبات ضخمة تواجه الدول محدودة الدخل في توفير مثل هذه العلاجات الجينية، وهي المشكلة التي أثارها المنتدى الاقتصادي العالمي في تقرير أصدره (الثلاثاء)، دعا خلاله الدول الغنية، إلى العمل على سد الفجوة بينها وبين الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل فيما يتعلق بتوفير هذه العلاجات المنقذة للحياة.
والعلاج الجيني، كما يشرحه لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور سامح سعد، رئيس برنامج أبحاث بيولوجيا الأورام في مستشفى سرطان الأطفال «57357» بمصر، هو إحداث تغيير في جينات معطوبة توارثها المريض نتيجة طفرة حدثت في أحد الجينات، فأدت إلى إصابته بالمرض، ويكون ذلك عبر ثلاث طرق، إما باستبدال الجين المعطوب، أو إصلاحه لمنع مزيد من التدهور، أو الدخول إلى الخلايا التي توجد بها جينات معطوبة، ومساعدة الجهاز المناعي في التعرف عليها.
وأيا كانت الطريقة المستخدمة، فلابد من إجراء تحليل جيني للشخص لتحديد المشكلة، كما أن تجهيز الدواء نفسه معقد للغاية، ويحتاج إلى بنية تحتية مناسبة وتجهيزات معملية فائقة التطور يكون فيها التدخل البشري محدودا للغاية لتقليل فرص حدوث أي تلوث، ويعتمد توصيل الدواء على تصميم ناقل يسمى (ناقل فيروسي) لحمل المواد الوراثية وتسليمها للجسم، ويتم في هذا الإطار استخدام فيروسات معينة كناقلات لأنها يمكن أن تنقل المادة عن طريق إصابة الخلية، ويتم تعديل الفيروسات بحيث لا تسبب المرض عند استخدامها مع البشر.
وتدمج بعض أنواع الفيروسات، مثل الفيروسات القهقرية، مادتها الجينية (بما في ذلك الجين الجديد) في كروموسوم في الخلية البشرية، وتقوم فيروسات أخرى، مثل الفيروسات الغدية، بإدخال الحمض النووي الخاص بها في نواة الخلية، لكن الحمض النووي لا يتكامل مع الكروموسوم، ويمكن للفيروسات أيضا توصيل أدوات تحرير الجينات إلى نواة الخلية، ويمكن حقن الناقل أو إعطاؤه عن طريق الوريد مباشرة في نسيج معين في الجسم، حيث يتم تناوله من قبل الخلايا الفردية.
ويمكن إزالة عينة من خلايا المريض وتعريضها للناقل في بيئة معملية، ثم يتم إرجاع الخلايا التي تحتوي على الناقل إلى المريض، وإذا نجح العلاج، فإن الجين الجديد الذي يتم توصيله بواسطة الناقل سوف يصنع بروتينا عاملا أو يقوم بتصحيح خطأ الحمض النووي واستعادة وظيفة البروتين المعطوب.
يقول سعد «كما يتضح مما سبق، فإن العلاج الجيني عملية بالغة التعقيد والتخصص، لذلك فإنها مكلفة للغاية، ويتجاوز حاليا سعر الجرعة الواحدة لعلاج اضطراب عصبي نادر ثلاثة ملايين دولار، وهو أكبر من الرقم القياسي البالغ 2.8 مليون دولار لكل جرعة لعلاج اضطراب دموي نادر، وهو ما قد يجعل هذه العلاجات الجينية بعيدة عن متناول الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل».
ولفت تقرير أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي الانتباه لهذه المشكلة، وقال التقرير إنه «من دون تضافر الجهود لبناء قدرة العلاج الجيني في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل وخفض التكاليف، ستستمر الفجوة الصحية العالمية في الاتساع، رغم أن معظم المصابين بالأمراض المعدية ينتمون لهذه البلدان».
ووفق التقرير، فإن الأمراض المعدية تؤثر على عشرات الملايين من الأشخاص على مستوى العالم، يعيش معظمهم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وابتداء من منتصف عام 2022، كان هناك أكثر من 2000 علاج جيني قيد التطوير في جميع أنحاء العالم، مما يساهم في القيمة السوقية العالمية التي من المتوقع أن تصل إلى ما يقرب من 20 مليار دولار بحلول عام 2027، ومع ذلك تحطم العلاجات الجينية سجلات أسعار العلاجات الطبية ويتطلب نشرها الفعال تطوير البنية التحتية الطبية.
ويعتبر التقرير أن الوقت الحالي لحظة مثالية للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط لدخول السوق العالمية، يقول شيام بيشن، رئيس قسم الصحة والرعاية الصحية في المنتدى الاقتصادي العالمي «لا تزال صناعة العلاج الجيني في مهدها، لكن النجاحات السريرية المبكرة والتمويل الكبير ولّدت زخما هائلا، وهذه لحظة مثالية للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط لدخول هذه السوق، مع إعطاء الأولوية لاحتياجات المجتمعات التي تتحمل أعلى أعباء المرض».
ومن خلال التحليل الذي قادة الخبراء لتجارب خمس دول منخفضة ومتوسطة الدخل، وهي الهند وجنوب أفريقيا وتنزانيا وتايلاند وأوغندا، ركز كل منها على أمراض مختلفة، حدد التقرير سلسلة من الركائز الأساسية التي يمكن لجميع البلدان البناء عليها عند تصميم خرائط الطريق الخاصة بها لبناء قدرات العلاج الجيني، حيث يجب أن تكون الأنظمة الصحية مجهزة بتصنيع متقدم، ومعدات مستشفيات متطورة، وموظفين مدربين تدريبا خاصا وبيئات تنظيمية ناضجة، وهي قدرة ناقصة إلى حد كبير أو غائبة في معظم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
يقول سعد «أتفق تماما مع ما جاء في التقرير حول هذه الركائز، والتي تهيئ تلك المجتمعات لاستيعاب تقنيات العلاج الجيني عندما يتم تطويرها باتجاه الإنتاج الكبير، لأن الشكل الحالي للعلاج الجيني، ربما يكون صعبا حتى على بعض الدول الغنية، فكم من الجرعات تستطيع أي دولة توفيرها لأدوية يصل سعر جرعتها الواحدة إلى 3 ملايين دولار؟!».
ففي حين أن بعض الأدوية مثل علاجات الجسم المضاد تسمح بإنشاء خط خلوي لإنتاج الدواء، وتوسيع نطاق هذا الخط الخلوي إلى مفاعل حيوي سعة 10000 لتر، فإن العلاج الجيني بالطريقة التي لا تزال مستخدمة لا يتم توفيره بطريقة الإنتاج الكبير.
من جانبه، يعتبر شريف الخميسي، أستاذ الطب الجيني، ورئيس قسم الأبحاث في جامعة شيفيلد في المملكة المتحدة، اتجاه بعض الدول لدراسة جينوم مواطنيها، هو توجه في الاتجاه الصحيح، نحو الاستعداد لاستيعاب هذه التكنولوجيا الجديدة.
يقول الخميسي لـ«الشرق الأوسط»: «دراسة الجينوم البشري أول خطوات استيعاب هذا المجال الحديث للطب الشخصي، الذي يقدم خدمات فريدة تعتمد على التركيب الجيني للفرد فيكون العلاج أكثر كفاءة، كما أنه سيسمح بالمشاركة في التجارب السريرية لهذه الأدوية الجينية، مما يعطي تخفيضات في أسعار تلك الأدوية».
ورغم ما حققه العلاج الجيني من نتائج باهرة في بعض الأمراض، فلا يزال في بداياته، ويمكن على الأقل المساهمة في تجاربه السريرية بعد فهم الجينوم الخاص بمواطني الدولة، كما يؤكد الخميسي.



«كلب» من القرن الـ18 بمليونَي إسترليني

«الكلب الإسباني» (سوذبيز)
«الكلب الإسباني» (سوذبيز)
TT

«كلب» من القرن الـ18 بمليونَي إسترليني

«الكلب الإسباني» (سوذبيز)
«الكلب الإسباني» (سوذبيز)

لم يشاهد الجمهور لوحة «الكلب الإسباني» منذ عام 1972، عندما بِيعت بمبلغ 30 ألف جنيه إسترليني. ومن المقرَّر عرض هذه اللوحة الشهيرة لجورج ستابس، للبيع، في مزاد علني تنظّمه دار «سوذبيز» للمرّة الأولى منذ ذلك العام.

ووفق «الغارديان»، تُعرض اللوحة العائدة إلى القرن الـ18، للبيع بسعر يتراوح بين مليون و500 ألف، ومليونَي جنيه إسترليني؛ وقد بِيعت آخر مرّة في مزاد بمبلغ 30 ألف جنيه إسترليني عام 1972. وقبل ذلك، بِيعت بـ11 جنيهاً إسترلينياً عندما طُرحت بمزاد عام 1802.

يشتهر الفنان المولود في ليفربول، والراحل عن 81 عاماً عام 1806، بإنجازه أقل من 400 لوحة طوال حياته المهنية؛ وهو يُعرف برسم الحيوانات، خصوصاً الخيول.

وإذ يُعتقد أنّ لوحة «الكلب الإسباني» رُسمت بين 1766 و1768؛ وهي أقدم لوحة للكلاب أبدعها الفنان، يُعدُّ عقد ستينات القرن الـ18 غزير الإنتاج بمسيرة ستابس المهنية. ففيها أبدع بعض أشهر لوحاته، منها لوحة «ويسل جاكيت» المعروضة في المعرض الوطني.

اللافت أنّ لوحة «الكلب الإسباني» لم تُعرض رسمياً سوى مرّة واحدة فقط في لندن عام 1948، ضمن المعرض الوطني للرياضة والتسلية. أما المرّة الأخيرة التي أُتيحت للجمهور فرصة مشاهدتها، فكانت عام 1972 داخل دار «سوذبيز» للمزادات.

وشهد القرن الـ18 اهتماماً لافتاً بالكلاب في الثقافة البريطانية، بفضل تفاقُم شعبية الرياضات الميدانية، خصوصاً الرماية الشائعة بين النخب الثرية آنذاك.

في هذا الصدد، قال المتخصِّص في اللوحات البريطانية، المدير الأول بـ«سوذبيز»، جوليان جاسكوين: «الأمر مثيرٌ لعدة أسباب؛ أولاً لأنها لوحة مفقودة، إنْ رغبنا في استخدام وصف درامي، منذ السبعينات».

وأضاف أنّ حالتها كانت لا تزال «رائعة»، بعكس كثير من أعمال ستابس التي «لم تصمد أمام اختبار الزمن».

وتابع: «تعود إلى العقد الأول من حياته المهنية؛ منتصف ستينات القرن الـ18؛ الفترة التي شكَّلت ذروة حياته المهنية، ففيها رسم لوحة (ويسل جاكيت)، وعدداً من لوحاته الأكثر شهرة؛ وكان استخدامه الفنّي للطلاء أكثر صلابة. بفضل ذلك، حافظت هذه اللوحة على حالة جميلة، وهو ما لم يحدُث مع كثير من أعماله الأخرى».

ومن المقرَّر عرض اللوحة للمشاهدة، مجاناً، ضمن جزء من معرض للوحات الأساتذة القدامى والقرن الـ19 في دار «سوذبيز» بغرب لندن، من 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.