الرباعي الراعي للحوار في تونس يعلن فشل الحل السياسي ويتهم «النهضة» بنسف المفاوضات

من اليسار: وداد بوشماوي رئيسة الأتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والأمين العام للنقابة العامة للعمال حسين عباسي، ورئيس لجنة حقوق الأنسان بتونس عبد الستار بن موسى لدى حضورهم مؤتمرا صحافيا في تونس أمس (رويترز)
من اليسار: وداد بوشماوي رئيسة الأتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والأمين العام للنقابة العامة للعمال حسين عباسي، ورئيس لجنة حقوق الأنسان بتونس عبد الستار بن موسى لدى حضورهم مؤتمرا صحافيا في تونس أمس (رويترز)
TT

الرباعي الراعي للحوار في تونس يعلن فشل الحل السياسي ويتهم «النهضة» بنسف المفاوضات

من اليسار: وداد بوشماوي رئيسة الأتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والأمين العام للنقابة العامة للعمال حسين عباسي، ورئيس لجنة حقوق الأنسان بتونس عبد الستار بن موسى لدى حضورهم مؤتمرا صحافيا في تونس أمس (رويترز)
من اليسار: وداد بوشماوي رئيسة الأتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والأمين العام للنقابة العامة للعمال حسين عباسي، ورئيس لجنة حقوق الأنسان بتونس عبد الستار بن موسى لدى حضورهم مؤتمرا صحافيا في تونس أمس (رويترز)

اتهم الرباعي الراعي لمبادرة حل الأزمة السياسية في تونس، الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تقوده حركة النهضة، بنسف المفاوضات وإجهاض المبادرة التي تقضي بالمحافظة على المجلس التأسيسي وإسقاط الحكومة وتعويضها بحكومة كفاءات ترأسها شخصية مستقلة.
وأجمع رؤساء المنظمات الأربع في ندوة صحافية عقدت أمس بالعاصمة التونسية، على الفشل في التوصل إلى حل للأزمة، وقالت إن رد حركة النهضة على خارطة الطريق الجديدة كان «غامضا ومناورا، وإن حركة النهضة قبلت بنصف الحل فقط». من جهته، قال رفيق عبد السلام عضو المكتب السياسي لحركة النهضة ومسؤول العلاقات الخارجية لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس من المناسب أن نحكم على فشل الحوار قبل انطلاقه، والنهضة عبرت عن ترحيبها بمبادرة «الاتحاد» لكن بعيدا عن الاشتراطات المسبقة، وأضاف أن للحركة مقترحاتها مثل البقية «ولكن الحلول يجب أن تكون توافقية».
وأوضح عبد السلام: «نحن عبرنا عن ترحيبنا بالحوار من أجل الوصول لحلول توافقية على أن لا يطلب من النهضة اشتراطات مسبقة، مثل حل الحكومة قبل بداية المفاوضات أصلا وهذا رفض، ونحن حريصون على البرلمان وأن تتشكل حكومة توافقية بعد المهام التأسيسية».
وأكد مسؤول العلاقات الخارجية لـ«النهضة» في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن «الصعوبات لا يجب أن تحبطنا وكل الأطراف يجب أن تستشعر المسؤولية ولا يمكن لأي طرف تحمل الحكم بمفرده، ونحتاج للتعاون والشراكة حتى نحقق الانتقال نحو الوضع الدائم (وهنا أقصد العادي بالنسبة للديمقراطيات الآن 5 سنوات مثلا)».
وشدد عبد السلام على أن «هناك بعض الأطراف المتشددة يمينا أو يسارا لا يناسبها الحوار ولا الوصول إلى الديمقراطية».
وكشف حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر المنظمات العمالية في تونس) عما سماه تعنت حركة النهضة في قبول مبادرة الرباعي الراعي لحل الأزمة السياسية، وقال في لهجة مبطنة بالتهديد: «سنسعى إلى تنفيذ المبادرة بالتعويل على قوانا الخاصة وعلى شعبنا» على حد قوله، وأضاف: «لم ولن نمنح مهلة أخرى للترويكا».
وكان اتحاد العمال الذي تتهمه قيادات حركة النهضة بعدم الحياد في قيادة المفاوضات بين الحكومة والمعارضة، قد نفذ إضرابين عامين، الأول في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2012 على أثر استهداف رابطات الثورة لقيادات نقابية، والثاني على أثر اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في السادس من فبراير (شباط) 2013.
العباسي أشار أيضا إلى إفشال حركة النهضة لمبادرة سياسية أولى قادها الاتحاد ضمن مؤتمر للحوار الوطني بعد 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2012 وانتهاء شرعية الحكومة والمجلس التأسيسي، ومبادرة ثانية بعد اغتيال بلعيد. واتهم حركة النهضة بالمراوغة وربح الوقت عوض التوجه السريع نحو حل الأزمة السياسية.
وشكك العباسي في إعلان حركة النهضة يوم 20 سبتمبر (أيلول) الجاري قبولها لمبادرة حل الأزمة السياسية، وقال إن الواقع غير ذلك؛ فالنهضة خفضت، على حد تعبيره، مدة التفاوض من أربعة أسابيع إلى ثلاثة، وقبلت بتحديد مدة الانتخابات، لكنها تركت أمر تشكيل حكومة الكفاءات غامضا، وقالت إن المفاوضات هي التي ستحدد لاحقا رئاسة الحكومة ومهامها وأعضاءها، وهو ما يعني عدم القبول بحكومة الكفاءات التي ترأسها شخصية وطنية مستقلة.
وفي هذا السياق نبهت وداد بوشماوي رئيس اتحاد الأعراف إلى تدهور الوضع الاقتصادي في تونس، وقالت إن الوضع «سيئ وسيئ جدا»، وأضافت أن تدخل اتحاد الأعراف جاء بعد انعكاس الوضع السياسي على الوضع الاقتصادي والأمني، وقالت إن رجال الأعمال لن يقبلوا على الاستثمار دون توفر رؤية سياسية واضحة.
أما عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، أحد أطراف الرباعي الراعي للحوار الوطني، فقد أكد على مماطلة الترويكا في القبول بالحل السياسي، وقال إن هذا التمنع «يزيد الوضع تأزما»، وإن الرابطة ستنحاز في كل الظروف إلى الشعب، على حد قوله.
ودعا الفاضل محفوظ، رئيس عمادة المحامين، النهضة إلى «عدم إسقاط غصن الزيتون» كما عبر عن ذلك، وقال إن خارطة الطريق واضحة وبها تواريخ محددة، ودعا حركة النهضة إلى اتخاذ مواقف واضحة وعدم المخاطرة بنسف مبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني.
وحول تواصل الأزمة السياسية وعدم التوصل إلى حل يرضي الحكومة والمعارضة، قال قيس سعيد الخبير في القانون الدستوري لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع السياسي الذي نعيشه حاليا هو نتيجة حتمية للاختيارات التي تمت في المرحلة الانتقالية الأولى. ولخص حاجة تونس بعد «حالة اللاحل» إلى الانتقال إلى مرحلة انتقالية ثالثة، وقال إن الديمقراطية الحقيقية يجب أن تبنى من الهامش (المناطق الداخلية) لا من المركز (العاصمة والمدن الكبرى). وانتقد سعيد انخراط الأحزاب السياسية فيما يشبه «صراع بقاء» فيما بينها طوال السنوات التي تلت الثورة، وهو ما أفرز عدم ثقة متبادلا فيما بينها.
في غضون ذلك، قضت المحكمة الإدارية (محكمة مختصة تنظر في القضايا المرفوعة ضد الإدارة) بإبطال أعمال لجنة الفرز المتعلقة بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات في اختصاصات المحامين وعدول التنفيذ والقضاة العدليين والمقيمين بالخارج. ويعني هذا القرار إعادة فرز ملفات تلك الاختصاصات وإعادة التصويت وإعلان نتائج الانتخابات من جديد. وكان المجلس التأسيسي (البرلمان) قد أنهى موفى شهر يوليو (تموز) الماضي، انتخاب ثمانية أعضاء من جملة تسعة أعضاء مجمل أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قبل أن يعلن عن استقالة المحامي كمال بن مسعود في ظل عدم توافق سياسي على العضو التاسع الأخير. في الأثناء دعت قيادات سياسية إلى اختصار الطريق وتمكين هيئة الانتخابات التي ترأسها كمال الجندوبي من تأمين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وقالت إن نجاحها في الإشراف على انتخابات المجلس التأسيسي (البرلمان) في 23 أكتوبر 2011 كان محل إجماع وإشادة من قبل الحكومة والمعارضة على حد سواء، وهو ما يساعد على اختصار ما تبقى من المرحلة الانتقالية.



الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.