الجنائية الدولية تشكو السودان إلى الأمم المتحدة لعدم تنفيذ قرارتها

المحكمة قالت إن السلطات السودانية لم تتعاون معها

الجنائية الدولية تشكو السودان إلى الأمم المتحدة لعدم تنفيذ قرارتها
TT

الجنائية الدولية تشكو السودان إلى الأمم المتحدة لعدم تنفيذ قرارتها

الجنائية الدولية تشكو السودان إلى الأمم المتحدة لعدم تنفيذ قرارتها

قالت الغرفة التمهيدية الثانية في المحكمة الجنائية الدولية، التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، إن دولة السودان فشلت في اعتقال عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع السابق وحاكم الخرطوم الحالي، والمطلوب للمحكمة، وصدر أمر اعتقال بحقه في مارس (آذار) 2012.
وجاء في قرار المحكمة الذي نشرته، أمس، أن السودان لم تتشاور مع المحكمة، ولم تنسق مع الأجهزة المختصة فيها لتنفيذ مذكرة التوقيف، ولهذا قررت الدائرة الثانية إحالة مسألة عدم تعاون السلطات السودانية إلى مجلس الأمن الدولي الذي يقرر اتخاذ التدابير التي يراها ملائمة.
وأشار بيان المحكمة الذي صدر في لاهاي الهولندية، ووزع عبر البريد الإلكتروني أن السودان رفض باستمرار تسليم أي من مواطنيها المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، ومنهم عبد الرحيم حسين، الذي لا يزال يتقلد الوظائف العامة في السودان، كما رأت الدائرة الثانية أن عدم تعاون السودان يشكل عدم امتثال لقرار مجلس الأمن رقم 1593 الذي ينص على التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتعاون الكامل مع الجنائية الدولية.
وأكد البيان أن المحكمة تعتمد أساسا على تعاون الدول والوفاء بالتزاماتها، وقالت المحكمة إنه «عندما يحيل مجلس الأمن ملف دارفور إلى المحكمة على أنه يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين؛ فمن المتوقع أن ينظر مجلس الأمن أيضا في اتخاذ قرارات بشأن متابعة الأمر».
وكانت الغرفة التمهيدية الأولى قد أصدرت أمر اعتقال في مطلع مارس 2012 ضد عبد الرحيم حسين، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، يزعم أنها ارتكبت في سياق الوضع في دارفور، وأصبح حسين في يونيو (حزيران) 2015 حاكم الخرطوم، وتقلد أيضا مناصب أخرى، منها وزير الدفاع الوطني والداخلية والممثل الخاص السابق للرئيس السوداني في دارفور.
وقالت المحكمة إن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن المطلوب هو مسؤول جنائيا عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ومنها الاضطهاد والقتل والتهجير القسري والسجن والأفعال الإنسانية والتعذيب وجرائم حرب منها القتل، والهجمات ضد السكان المدنيين والاغتصاب وتدمير الممتلكات.
وفي مارس 2012 أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق وزير الدفاع السوداني وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ليكون بذلك سادس شخص تلاحقه المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم في إقليم دارفور غرب السودان.
وكانت المحكمة الجنائية قد أصدرت مذكرات اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير، ووالي ولاية جنوب كردفان أحمد هارون، وقائد ميليشيات سابق يدعى أحمد كوشيب، لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
ﻳُذكر ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﺃﺣﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍلدوﻟﻴﺔ ﺑﻤﻮجب ﻗﺮﺍﺭ ﻣﺠلس ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘحدة ﺭﻗﻢ 1593 ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ 31 ﻣﺎﺭﺱ 2005، وذلك ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ 13 (ﺏ) ﻣﻦ نظام ﺭﻭﻣﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم