الحوثيون استولوا على أكثر من ملياري دولار من أموال المتقاعدين

وسط سعي الميليشيات لمصادرة الدين الداخلي البالغ 24 مليار دولار

صورة متداولة لعنصر حوثي أمام رمز من الأموال
صورة متداولة لعنصر حوثي أمام رمز من الأموال
TT

الحوثيون استولوا على أكثر من ملياري دولار من أموال المتقاعدين

صورة متداولة لعنصر حوثي أمام رمز من الأموال
صورة متداولة لعنصر حوثي أمام رمز من الأموال

كشفت مصادر بنكية يمنية وأخرى في الهيئة العامة للتأمينات وفي المؤسسة العامة للتأمينات والمعاشات عن استيلاء الميليشيات الحوثية على مبلغ يزيد على تريليون ريال يمني (الدولار حوالي 560 ريالا في مناطق سيطرة الميليشيات) من أموال المؤسستين المعنيتين بصرف رواتب المتقاعدين في القطاعين الحكومي والخاص.
جاء ذلك في وقت حذرت فيه المصادر من مخطط آخر للميليشيات لمصادرة الدين الداخلي البالغ 24 مليار دولار، بعد أن قررت خفض أرباح سندات أذون الخزانة إلى صفر.
وذكر مصدر بنكي وآخران في الغرفة التجارية بصنعاء والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيات الحوثي صادرت أكثر من تريليون وثلاثمائة وخمسين مليار ريال من أموال المتقاعدين منها 750 مليار ريال يمني تخص الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات التي تتولى مهمة دفع رواتب المتقاعدين الحكوميين، إلى جانب مصادرة الميليشيات رصيدا نقديا بالدولار الأميركي كان في حسابات الهيئة لدى فرع البنك المركزي في صنعاء وقدره 200 مليون دولار.
هذه المصادر بينت أن الحكومة اليمنية وبعد نقل مقر رئاسة هيئة التأمينات إلى عدن العاصمة المؤقتة للبلاد عملت على استئناف صرف رواتب المتقاعدين الحكوميين في كل المحافظات بما فيها مناطق سيطرة الميليشيات اعتمادا على المبالغ المالية والاستثمارات التي كانت موجودة في المناطق المحررة، وأن الحكومة كانت تقوم بتغطية العجز في رواتب المتقاعدين فيما تقوم الميليشيات بمصادرة نصف الرواتب المرسلة إلى مناطق سيطرتها تحت اسم عمولة تحويل.
وفيما يخص المؤسسة العامة للتأمينات والمعاشات المعنية برواتب المتقاعدين في القطاع الخاص والتي كانت تستثمر أموالها في شراء سندات أذون الخزانة، ذكرت المصادر أنها تعرضت أيضا لعملية قرصنة مماثلة حيث أقدمت الميليشيات على مصادرة 600 مليار ريال من أموالها (أكثر من مليار دولار أميركي) وترفض إعادتها حتى الآن.
وتسببت القرصنة الحوثية - بحسب المصادر - في عجز المؤسسة عن تغطية رواتب المتقاعدين، إلا أنه وبعد نقل مقر قيادة المؤسسة إلى العاصمة المؤقتة عدن تمكنت من استئناف صرف رواتب المتقاعدين، كما أن فروعها في صنعاء ومناطق سيطرة الميليشيات تتجنب حتى الآن إيداع أموالها في البنوك وتقوم بصرف الرواتب نقدا للمستفيدين لتجنب قيام الميليشيات بالاستيلاء عليها.
ووفقا لهذه المصادر فإن هذه المبالغ التي تمت مصادرتها، كانت تشكل الجزء الأكبر من استثمارات المؤسستين والتي تغطي رواتب المتقاعدين، كما أن توقف مشاريع الاستثمارات التي كانت تنفذها مثل مشروع مدن الصالح السكنية لذوي الدخل المحدود وغيرها من الاستثمارات في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي أفقدتها مليارات الريالات، وحرمت آلاف الموظفين من رواتبهم التقاعدية.
في السياق نفسه، حذرت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط» من مخطط حوثي آخر لمصادرة الدين الداخلي والذي يصل إلى 24 مليار دولار عبر ما يسمى منع التعامل بالربا، ومعظم هذا المبلغ هي أرباح الاستثمار في سندات أذون الخزانة سواء من قبل مؤسستي التأمينات أو من قبل كبار التجار، إلى جانب مبالغ أخرى دفعها تجار مقابل شراء ديون خارجية مثل الديون السابقة على اليمن للاتحاد السوفيتي.
ووفقا لهذه المصادر فإن الميليشيات الحوثية أصدرت قرارا بخفض أرباح سندات أذون الخزانة إلى صفر، في حين أن آخر نسبة أرباح اعتمدها فرع البنك المركزي الخاضع لسيطرة الميليشيات عن سندات أذون الخزانة كانت تزيد على 16.9 ‎في المائة.‎
وفي خطوة مماثلة قامت وزارة مالية الميليشيات الحوثية بالاستيلاء على مبلغ أربعة مليارات ريال يمني من المؤسسة العامة للمياه وكان المبلغ مخصصا لشراء الديزل وبسب ذلك توقف مشروع المياه عن الضخ نهائيا منذ شهر، وفق ما أوردته رسالة موجهة من نقابة الموظفين إلى ما يسمى مجلس النواب في صنعاء مطالبة إياه بالتدخل لإيقاف ذلك الإجراء الذي يستهدف أيضا جميع الوحدات الاقتصادية المستقلة بما فيها قطاع الاتصالات والهيئة العامة للطيران المدني.
وكانت الميليشيات الحوثية أمرت البنوك في مناطق سيطرتها بإيقاف الصرف ونقل الحسابات الخاصة بعدد من الشركات الحكومية الكبرى ومن بينها الخطوط الجوية اليمنية، وشركة «يمن موبايل» للهاتف المحمول، وشركة مأرب للتأمين، وشركة كمران لصناعة وتجارة التبغ، قبل أن تقدم على تغيير قيادات هذه الشركات لضمان مصادرة أرباحها لصالح مجهودها الحربي، إلى جانب المليارات التي تحصل عليها من عائدات ضرائب ثلاث شركات للهاتف المحمول، وغيرها من الضرائب والجمارك خلافا لمبالغ الجبايات التي يتوزعها قادتها ومشرفيها في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرتها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.