هل يخطط «داعش» لإعادة إقامة «دولته» في أفريقيا؟

في مؤشر رمزي لـ«اختبار قدراته»، عقب هزائم السنوات الماضية، يدفع تنظيم «داعش» الإرهابي عناصره وخلاياه لتكثيف العمليات في القارة الأفريقية؛ أملاً في «إثبات الوجود». فضربات التنظيم في بعض دول القارة أخيراً دفعت لتساؤلات تتعلق بتخطيط «داعش» لإعادة إقامة «دولته المزعومة» في أفريقيا، بعدما انهارت من قبل في سوريا والعراق.
في حين يرى مراقبون أن «(داعش) يعوّل على الوجود في أفريقيا (لضمان استمراريته)».
وأوردت «وكالة الصحافة الفرنسية»، في يوليو (تموز) الماضي، تقريراً إخبارياً عن محاولة «داعش» التمدد في أفريقيا، بعد أن تعرَّض لضربات كبيرة في العراق وسوريا. ووفق التقرير فإن التنظيم الإرهابي «أعلن عن إقامة (ولايتين) جديدتين في منطقة الساحل مارس (آذار)، وفي موزمبيق مايو (أيار) الماضيين».
وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، قال، قبل أيام، إن «المغرب ملتزم بتعزيز التعاون التضامني جنوب - جنوب، وشمال - جنوب، وثلاثي الأطراف، لمواجهة الطابع المُعقد والعابر للحدود للتهديد الإرهابي في أفريقيا».
وأضاف بوريطة، خلال اجتماع وزاري لمجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، أنه بـ«النظر إلى أن 48 % من ضحايا الإرهاب بالعالم من الأفارقة، إضافة إلى تسجيل 7234 هجوماً إرهابياً أودى بحياة 28 ألفاً و960 ضحية سنة 2021، و27 (جماعة إرهابية) مُدرَجة ضمن قائمة العقوبات الأممية، فإن أفريقيا تشهد (انتشاراً غير مسبوق لـ(الجماعات الإرهابية)».
الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي، أحمد زغلول، قال إن «الأوضاع السابقة في العراق وبلاد الشام هي التي سمحت لـ(داعش) بتمدده في وقت سابق، وإقامة (دولته المزعومة)، حيث كان هناك فراغ سياسي سمح بتمدد التنظيمات (الإرهابية) في العراق وسوريا». لكن «بعد تغير الأوضاع وحدوث استقرار نوعاً ما، انهارت قبل سنوات (دولة داعش في سوريا والعراق)».
وأضاف زغلول، لـ«الشرق الأوسط»، أن «التنظيم لديه موارد وعناصر، ويحاول البحث من وقت لآخر عن بيئة مناسبة يتمدد فيها، سواء في أفريقيا أو آسيا أو أي مكان»، لافتاً إلى أن «الظروف الحالية قد تكون مواتية لـ(داعش) ليتمدد ويحاول إعادة (دولته المزعومة) من جديد، فهناك أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية تلاحق العديد من دول قارة أفريقيا».
وهنا يؤكد المراقبون أن «(داعش) سبق أن استغلّ المناطق الشمالية من بنين كطريق عبور بين منطقة الساحل ونيجيريا، وكذلك كـ(ملاذ آمن) لعمليات التنظيم في جنوب غربي النيجر». ووفق دراسة نشرها «مركز مكافحة الإرهاب» في الأكاديمية العسكرية الأميركية في «وست بوينت» بنيويورك، في وقت سابق، فإن «منطقة الساحل والصحراء باتت مسرحاً لصراع النفوذ بين (داعش) و(القاعدة)».
من جهته يرى الخبير الأمني والاستراتيجي المصري في مجال مكافحة الإرهاب الدولي العقيد حاتم صابر، أن «(داعش) كان يفكر منذ هزيمة (دولته) في سوريا والعراق، في إقامة (دولة) له في غرب ووسط أفريقيا، ويتمركز خلالها في (القلب الأفريقي)».
وأضاف صابر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الظروف في بعض الدول الأفريقية هيّأت له التمدد، فضلاً عن وجود أذرع قوية له في القارة السمراء».
وصنفت وزارة الخارجية الأميركية أذرع «داعش» في الكونغو وموزمبيق (منظمات إرهابية)، في مارس 2021... وأسس «داعش» ولاية وسط أفريقيا في أبريل (نيسان) 2019 للترويج للتنظيم في مناطق وسط وشرق وجنوب القارة.
بينما كشف تقرير أمني، في يوليو 2021، أن «التنظيم يعيد انتشاره بشكل واسع في شمال وغرب أفريقيا، وأنشأ 4 ولايات في منطقة بحيرة تشاد لـ(خلافته المزعومة) في القارة، تحت قيادة مركزية بولاية بورنو في نيجيريا».
وهنا أوضح صابر أن «تكثيف (داعش) للعمليات الإرهابية أخيراً في أفريقيا ليقول إنه (موجود وما زال باقياً)». لكنه أكد أن «ما يردده التنظيم بقدرته على إقامة (دولة) في أفريقيا، قد يكون أمراً بعيداً، وقد لا يحدث الآن أو بعد أشهر».
عودة إلى زغلول الذي يؤكد أن «(داعش) يتمدد منذ فترة في أفريقيا، لكن زاد من عملياته الإرهابية أخيراً»، لافتاً إلى أنه «يستفيد من أذرعه (الإرهابية) في القارة، وأيضاً من مجموعات تهريب وتجارة السلاح».
لكن زغلول لم يحدد وقتاً لإعلان (داعش دولته) في أفريقيا، وربط ذلك «بحسب سيطرة التنظيم على الأوضاع، والحسابات الداخلية للدول».