مستشارون سابقون بارزون يحذرون أوباما من اتفاق نووي دون ضمانات وقيود صارمة

يؤكدون أن الاتفاق لن يمنع طهران من تصنيع أسلحة نووية

مستشارون سابقون بارزون يحذرون أوباما من اتفاق نووي دون ضمانات وقيود صارمة
TT

مستشارون سابقون بارزون يحذرون أوباما من اتفاق نووي دون ضمانات وقيود صارمة

مستشارون سابقون بارزون يحذرون أوباما من اتفاق نووي دون ضمانات وقيود صارمة

وجه خمسة أعضاء سابقون بالدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس أوباما من المستشارين المعنيين بإيران خطابًا مفتوحًا أعربوا من خلاله عن قلقهم حيال الاتفاق الوشيك مع إيران، الرامي لوقف برنامجها النووي، والذي قد «لا يرقى إلى المستوى الذي تعده الإدارة الأميركية اتفاقا جيدا». وأوضح المستشارون في خطابهم عددًا من المتطلبات اعتبروها الحد الأدنى الذي يجب أن تقبله إيران خلال الأيام المقبلة كي يولوا دعمهم لاتفاق نهائي معها.
وذكر العديد من كبار المسؤولين أن الخطاب يعكس قلقا واسعا حيال تحرك المفاوضين الممثلين لأوباما نحو تقديم تنازلات بخصوص عمليات التفتيش الدولية للمنشآت الإيرانية، وأخرى قد تشكل تراجعًا عن إجبار إيران على الكشف عن نشاطاتها السابقة المثيرة للشكوك والمتعلقة بإنتاج الأسلحة، وتسمح لجهود البحث والتطوير الإيرانية باستئناف أعمال الإنتاج المكثف للوقود النووي بمجرد انتهاء فترة سريان الاتفاق.
وخلق الخطاب الصادر عن بعض أشهر مستشاري الرئيس السابقين مزيدًا من التحديات أمام وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مع تحرك المفاوضين نحو موعد نهائي يوم الثلاثاء المقبل. يذكر أن الموقعين على الخطاب لعبوا جميعًا أدوارا محورية في الجهود الدبلوماسية والاستخباراتية والعسكرية الرامية للتصدي للبرنامج النووي الإيراني.
وقد جرى تسليم الخطاب إلى البيت الأبيض ووزارة الخارجية أول من أمس. ولدى سؤال أحد مسؤولي الإدارة رفيعي المستوى عن محتوى الخطاب، أجاب بأنه «في الجزء الأكبر منه يتعلق بالموقف الأميركي داخل غرفة التفاوض».
وشدّد المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، يوم الثلاثاء الماضي - أي قبل يوم من تسليم الخطاب - الضغوط على المفاوضين من خلال إيمائه بالتراجع عن العديد من التفاهمات المبدئية التي جرى التوصل إليها بين إيران والغرب مطلع أبريل (نيسان) الماضي، بما في ذلك بعض المجالات التي طالب مستشارو أوباما السابقون بضرورة اتباع واشنطن موقفًا أكثر صرامة حيالها.
أما بالنسبة للبيت الأبيض، فربما يزيد الخطاب مستوى المخاطرة السياسية وراء السعي للحصول على الموافقة على أي اتفاق نهائي، ذلك أن صدور حكم من مستشاري أوباما السابقين بأن الاتفاق النهائي لا يرقى للمستوى المطلوب سيشجع النقاد الجمهوريين على وأد الاتفاق لدى عرضه على الكونغرس لمراجعته.
ومع ذلك، فإن الخطاب يتيح فرصة أمام أوباما، حيث إن إعلان الجمهوريين البارزين من إدارة الرئيس السابق جورج بوش والموقعين على الخطاب أن المعايير الموضحة قد تم الالتزام بها في الاتفاق النهائي سيقطع الطريق أمام أي نقد جمهوري للاتفاق.
يبدأ الخطاب بالقول إن «معظمنا كان يفضل اتفاقا أقوى»، ثم يمضي في تقييم الاتفاق المقترح، مشيرا إلى أنه أداة لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، لكنه لا يعد حلا طويل الأمد لمشكلة بقاء «إيران نووية».
ويشير الخطاب إلى أن «الاتفاق لن يمنع إيران من امتلاك القدرة على تصنيع أسلحة نووية»، مضيفًا أنه «لن يفرض تفكيك البنية التحتية الإيرانية للتخصيب النووي. إلا أنه سيقلص البنية التحتية على مدار الفترة من 10 إلى 15 عامًا مقبلة. كما أنه سيفرض نظاما من الشفافية والتفتيش بهدف ردع وتثبيط إيران عن تصنيع سلاح نووي».
ومن بين الموقعين دينيس بي روس المفاوض المعني بالشرق الأوسط منذ فترة طويلة والذي تولى الإشراف على صياغة السياسة تجاه إيران داخل البيت الأبيض خلال الفترة الرئاسية الأولى لأوباما، وديفيد إتش بترايوس المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والذي تولى الإشراف على عمليات سرية ضد إيران حتى استقال منذ عامين، وكذلك روبرت إينورن الخبير المخضرم بوزارة الخارجية المعني بشؤون انتشار أسلحة الدمار الشامل والذي ساعد في صياغة وفرض عقوبات ضد إيران.
كما شملت لائحة الموقعين على الخطاب غاري سامور كبير مستشاري أوباما لشؤون السياسة النووية سابقًا، والذي يترأس حاليًا جماعة ضغط تحمل اسم «متحدون ضد إيران نووية»، والجنرال جيمس إي كارترايت نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة سابقًا والعقل المدبر وراء جهود أوباما لبناء القوات المسلحة بالمنطقة.
أما أبرز الجمهوريين الموقعين فهو ستيفن جيه هادلي مستشار الأمن القومي خلال الفترة الرئاسية الثانية لبوش، والذي أشرف على الجهود الرامية لإبطاء تقدم إيران نحو السلاح النووي.
وجاء في قلب الخطاب ما وصفه إينورن، الذي يعمل حاليًا في «معهد بروكنغز»، بأنه «أمور لازمة لم تتحقق بعد». وقال إن جميع الموقعين أيدوا فكرة التوصل لتسوية عبر التفاوض، والخطاب لا يرمي مطلقًا لتقويض جهود إقرار اتفاق.
جدير بالذكر أن جميع مستشاري أوباما الخمسة شاركوا لساعات في المداولات التي شهدتها الإدارة أميركية حول إيران خلال الفترة الرئاسية الأولى لأوباما، وبعضهم امتدت فترة عمله للدورة الثانية، وذلك بهدف صياغة استراتيجية لدفع إيران نحو طاولة التفاوض - عبر مزيج من العقوبات ومحاولة تخريب البرنامج النووي وإمكانية بناء علاقات أوسع مع الغرب - وكذلك تحديد أهداف التفاوض.
إلا أنه مثلما يحدث كثيرًا في المفاوضات، غالبًا ما تتعارض المساومات الرامية للتوصل لاتفاق مع أهداف التفاوض. ويجري مؤخرا داخل البيت الأبيض ما وصفه أحد كبار المسؤولين بأنه «نقاش قوي» حول المخاطر الكامنة وراء الانسحاب من المفاوضات، والذي سيطلق يد إيران في العودة للإنتاج النووي الكامل، مقابل قبول اتفاق يشعر مسؤولون تجاه بعض تفاصيله بعدم ارتياح.
ويتناول الخطاب لب بعض هذه النقاط، والتي لا تزال جميعها قيد التفاوض. فعلى سبيل المثال، خلصت المفاوضات التي انتهت في أبريل (نيسان) إلى بيانات مبهمة حول كيفية تنفيذ أعمال التفتيش، وإلى تفاهم توقع بمقتضاه إيران على اتفاقية تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية وتمنح المفتشين سلطات واسعة في التحقيق على المواقع المثيرة للشكوك. إلا أن آية الله خامنئي، بجانب عدد من القيادات المعاونة له، استبعد على الفور السماح لأجانب بزيارة مواقع عسكرية.
من ناحية أخرى، أشار الخطاب إلى الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، قائلا إن أعمال التفتيش «يجب أن تتضمن منشآت عسكرية (بما في ذلك ما يخص الحرس الثوري) والمنشآت الأخرى الحساسة. ويجب ألا تتمكن إيران من رفض أو إرجاء الدخول الفوري لأي موقع بالبلاد».
وبالمثل، فإنه بينما صرح كيري الأسبوع الماضي بأنه ليس من الضروري إجبار إيران على تقديم أدلة بخصوص جهودها السابقة المتعلقة بتصميم أسلحة لأن الولايات المتحدة وحلفائها يمتلكون بالفعل «معرفة كاملة» بهذه النشاطات، يرى الموقعون على الخطاب أن رد إيران على الأسئلة المطروحة عليها أمر بالغ الضرورة. وأشاروا إلى أنه يجب أن يتمكن المفتشون من «أخذ عينات ومقابلة علماء ومسؤولين حكوميين والتفتيش على المواقع ومراجعة ونسخ الوثائق اللازمة للتحقيق الذي يجرونه حول نشاطات التسليح النووي الإيرانية في الماضي والحاضر». وأضاف الخطاب «من الضروري إنجاز هذا العمل قبل أي تخفيف كبير للعقوبات».
كما يدعو الخطاب إلى «فرض قيود صارمة على أعمال البحث والتطوير والاختبار ونشر الأسلحة خلال السنوات الـ10 الأولى»، بجانب دعوته لاتخاذ إجراءات لمنع «التحديث الفني السريع» عندما تنتهي فترة سريان هذه القيود.
وربما يكون أصعب ما جاء به الخطاب من المنظور الإيراني الإصرار على إعلان الولايات المتحدة، بموافقة الكونغرس، أنه حتى بعد انتهاء فترة سريان الاتفاق لن يسمح لإيران بامتلاك ما يكفي من الوقود النووي لصنع سلاح نووي واحد. واستطرد الخطاب «لأن إيران سيجري تركها كدولة على أعتاب امتلاك سلاح نووي (ومن الواضح أنها أبقت على خيار التحول لدولة تملك سلاحًا نوويًا)، فإن الولايات المتحدة يجب أن تسجل الآن التزامها باستخدام جميع الوسائل الضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية، لمنع ذلك».



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».