إفطار رمضاني في ضيافة عائلة أفغانية

تجربة أضافت إلى رصيدي الثقافي في العادات والتقاليد التي تتنوع من بلد لآخر

إفطار رمضاني في ضيافة عائلة أفغانية
TT

إفطار رمضاني في ضيافة عائلة أفغانية

إفطار رمضاني في ضيافة عائلة أفغانية

تتلون موائد شهر رمضان حول العالم بأطايب الطعام الذي تختلف أصنافه من بلد إلى آخر. ورغم هذا التنوع، فإن نفحة الإيمان التي يتمتع بها الصائمون خلال الشهر الفضيل، تحتفظ بميزات مشتركة بين أغلبية مسلمي العالم.

* إفطار رمضاني في بيت أفغاني
* فقد دعيت إلى إفطار رمضاني في منزل عائلة أفغانية، بعد ثلاثة أيام على بدء الصوم. قبل وصولي حاولت رسم صورة مسبقة لما سأختبره من أطباق قد لا أعرف شيئا عنها وربما تكون غريبة علي. واعتقدت كما قد يعتقد كثيرون بأن زيارة عائلة تتحدر من ثقافة مختلفة ربما تكون مختلفة وربما أضطر إلى تناول وجبة قد لا أرغب فيها. وبصراحة كنت قلقة بعض الشيء.
وصلت عند الساعة (8:30 مساءً بتوقيت لندن)، إلى المنزل الذي يقبع في ضاحية من ضواحي غرب العاصمة البريطانية. طرقت الباب وكنت أعلم مسبقًا أنه يتوجب علي خلع حذائي. استقبلني رب البيت وزوجته متأهلين بي فخفّفت الابتسامة على وجهيهما من قلقي، استضافتني العائلة في غرفة الجلوس، حيث يجلس الرجال يتناقشون بأمور العمل والسياسة، والأولاد يفترشون الأرض؛ منهم من يلعب الشطرنج وآخرون يحدقون بهواتفهم الذكية والفتيات يتسامرن.

* بانتظار صلاة المغرب للاجتماع حول المائدة
* بعد دقائق جالست النساء في المطبخ، حيث بدأن بتزيين الأطباق ووضع اللمسات الأخيرة عليها لتظهر الطاولة وكأنها لوحة زيتية حيّة تحتفل بمختلف الألوان المشرقة وتفوح منها رائحة ذكية.
ما لفتني أنهم كانوا يبتسمون بعد يوم طويل من الصوم، إذ لم تبدُ ملامح التعب على وجوههم، بل على العكس كان أولادهم ما دون سن الـ12 يطالبونهم بالسماح لهم بالصوم في اليوم التالي.

* بدء الجلوس حول طاولة الإفطار
* عند الساعة 9:20 تجمع الجميع حول الطاولة، أداروا المذياع بانتظار صوت أذان المغرب الذي يحين عند (9:23 بتوقيت لندن)، رفعوا أيديهم بالدعاء عند الإفطار، ثمّ تناول كل واحد منهم كوبا من الماء، وكانت حبة من التمر موضوعة في كل طبق، وهي أول ما بدأوا إفطارهم بها، بعد ذلك سكبت ربة المنزل الحساء (الشوربة) للجميع، وذلك قبل تناول الأنواع المختلفة من الطعام. وعند الانتهاء من طعام الفطور ذهب الجميع لأداء صلاة المغرب ليعودوا بعدها لتناول الفواكه.

* الطبق الأفغاني الرئيسي في رمضان
* يعتبر طبق الأرز الأفغاني (الكابولي بولو) الطبق الأكثر شعبية في أفغانستان، خصوصًا في شهر رمضان، وهو يتكون من الأرز الأفغاني بحباته الطويلة وصلصته الخاصة التي تصنع في المنزل، وحسبما أطلعتني ربّة البيت أنّها تحضر من السكر المحروق، لتسكب على الأرز فتلون حبيبات منه باللون البني ثم يزيّن بشرائح جزر رفيعة جدًا وبصل أخضر يضاف عليه الزبيب والجوز المفروم وتدفن داخل الأرز قطع اللحم الكبيرة.
وإلى جانب ذلك طبق بوراني باذنجان، وهو طبق من الباذنجان المشوي أو المقلي توضع عليه صلصة الطماطم والمطيبات مع الثوم المقطع صغيرًا، وبعد إخراجه من الفرن يسكب عليه اللبن، ثم تقطع أوراق الشمر إلى قطع صغيرة لترش على الطبق، فتمتزج الألوان بين الأبيض والأحمر والبني والأخضر ليجهز بها هذا الطبق الأفغاني المتميّز بشكله الشهي وطعمه اللذيذ.
كما احتوت المائدة على طبق كبير من حساء الشوربة بالنودلز والعدس الأصفر والخضار وقطع الدجاج، بالإضافة إلى الساموسا الأفغانية المحشوة بقطع الدجاج المهروسة، والسبانخ المسلوق. كما ضمت الطاولة قطعا من الدجاج المشوي والخضار وطبقا من الصلصة الحارة باللون الأخضر.
في ضيافة هذه العائلة الأفغانية لم يختلف الأمر بالنسبة لي، بل على العكس نسيت لوهلة أنني مع أناس لا يتكلمون لغتي فكنت أتفوه بكلمات عربية لأتنبه بعدها أنّ لغّتهم الأم هي الفارسية وتواصلنا يجري باللغة الإنجليزية.
سرقني الوقت ومضت الساعات وأنا في هذا المنزل الأفغاني مع العائلة التي استقبلتني بحفاوة جعلتني أشعر وكأنني فرد من أفرادها. تبادلنا أحاديث مختلفة في الأدب والشعر والثقافة، ليشدني اسم جبران خليل جبران - الأديب والشاعر اللبناني الشهير، عندما نطق باسمه رب العائلة ليبدي إعجابه بكتاباته.
بالأمس عدت إلى المنزل متأخرة، لأفاجأ بطبق مليء بمعجنات أفغانية، قال لي ابني إنها من العائلة التي استضافتني منذ أيام. ابتسمت وأنا أفكر كم كنت مخطئة عندما دخلت ذلك المنزل والقلق يجتاحني، وكم أنا سعيدة أنني خرجت منه وفي جعبتي تجربة إفطار رمضاني غنية مع عائلة أضافت إلى رصيدي الثقافي في العادات والتقاليد التي تتنوع من بلد لآخر، وكم كانت فرصة مهمة لي للتعرف على أناس قرأت عن حياتهم وتقاليدهم روايتين للكاتب والطبيب الأفغاني الأميركي خالد حسيني: «عداء الطائرة الورقية» و«ألف شمس ساطعة»، ليطير القلق ويتبدد وتسطع حقيقة أننا بقدر ما نختلف سواء في الدين أو العادات والتقاليد، إلا أنّ الإنسانية توحدنا.



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.